رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 18 أغسطس، 2015 0 تعليق

التواصل الاجتماعي.. ضوابطه وآدابه

     سهلت وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الحديثة نقل المعلومات، فقربت البعيد، واقتناها الصغير والكبير والفقير والغني، ولا شك أنها حققت فوائد ومنافع ومصالح كثيرة، ولكن من الناس  من لا يحسن استخدامها؛ فتسببت بأذى الفرد والمجتمع وأضرار لا حصر لها وفساد عقدي وأخلاقي وسياسي وأمني واجتماعي واقتصادي؛ فضاعت الأوقات، وانتشرت الأكاذيب والشائعات والإساءات والمساس بالأعراض، ولابد من ضبط استخدامها بضوابط من أهمها:

- أولا: لا بد أن نشكر الله -عزّ وجل- على نعمة الأجهزة {ويخلق ما لا تعلمون} التي سخرها الله -عز وجل- ليبلونا انشكر  أم نكفر؟ ويبلونا أينا أحسن عملا: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثية:13).

- ثانيا: إدراك مسؤولية الجوارح في الاستخدام، ومنها  جارحة اللسان في القول، وجارحة الأذن في الاستماع، فهل ما تكتبه لك أم عليك؟ وما تنشره بين الناس لك أم عليك؟ وما يسمعه الناس لك أم عليك؟ قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النور:24).

- ثالثا: عدم نشر الكفر والإلحاد أو التفجير والتخريب والسوء والفحشاء وإقامة العلاقات غير المشروعة والنظر إلى المحرم، وانتهاك الأعراض والتساهل والتمادي؛ لأنها من الذنوب الكبيرة واشاعتها خطر داهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النور:19).

- رابعا: عدم التعجل في نشر أخبار كاذبة أو أخبار ربما تؤدي إلى خلل أمني أو فوضى أو طعن أو نيل من الإسلام أو زعزة الأمن أو إثارة الشك والريبة والبغضاء فيجب التوقف فورا عن نشرها، قال تعالى: {إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء:83).. وجاء في الحديث: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع» (رواه مسلم).

- خامسا: الحذر من أي تعليقات ساخرة وبها استهزاء وافتراء على أسر وعوائل وقبائل وجنسيات أو مهن أو غيرها، فهذا مخالف للشرع، ويأكل الحسنات وربما يدخل في القذف، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } (الأحزاب:58)، وأيضا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} (الحجرات:11).

- سادسا: إدراك أن المبالغة في استخدام هذه الوسائل فيه تضييع أوقات العبادة، وهدر الصحة، وضياع الهدف، فيقضي مستخدمها ساعات طويلة من التغريب إلى الواتس آب إلى أنظمة غيرها؛ مما أدى إلى إهمال أداء الفرائض وضعف التحصيل العلمي والتفريط في الواجبات الأسرية وحقوق الوالدين وصلة الأرحام، بل أدى إلى الطلاق في بعض الحالات، فأصبح نوعاً من أنواع الإدمان، ففي الحديث: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».

- سابعا: الانشغال بهذه الأجهزة أثناء قيادة السيارات تسبب في حوادث راح ضحيتها عدد كبير من الناس، وأتلفت السيارات والممتلكات العامة بسبب القراءة والكتابة أو المشاهدة أو الاستماع، فسجلت وزارة الداخلية في عام 2014 إحصائية مفداها راح ضحية استخدام الهاتف أثناء القيادة (305) حالة وفاة غير الإصابات البالغة.

- ثامنا: هدر للأموال؛ حيث يريد الناس كل جديد واتباع الموضة في شراء الهواتف وأيضا هدر الأموال من خلال تسديد الفواتير، فهذه ميزانية كبيرة على كاهل الوالدين والأسر، ففي الحديث: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع... ذكر منها: عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه».

- تاسعا: التداول بين الشباب لأنظمة ومواقع وتصوير وربما منها الجرائم أو المحرمات أو تعليم الإرهاب ووسائله وأجهزته أو الفساد أو الألعاب أو السحر أو الشعوذة أو التجسس أو نشر المقاطع  الفاضحة أو العبث في الصورة وإرسالها والتشهير أو الهاكرز والعصابات الأخرى.

ففي الحديث: «ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة»، وقال تعالى: {ألم يعلم بأن الله يرى}.

- عاشرا: كن داعية للخير، وكن سفيرا للإسلام بنشر الخير والعدل وما يفيد المسلم في دينه ودنياه، ولا تكن من الذين قال تعالى فيهم: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (البقرة:205)، واعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم : «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام»، وأيضا كف لسانك عن السباب والطعن: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»، والإسلام كره القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال،  وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «اللسان معيار أطاشه الجهل وأرجحه العقل»، وفي دروس الحكم: «اعقل لسانك إلا عن حق توضحه أو باطل تدحضه».

وأخيرا الواجب على أولياء الأمور تربية أبنائهم ومتابعتهم حتى لا يقعوا في الحرام: { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } (الحج:30).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك