رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 26 أغسطس، 2013 0 تعليق

التواب الرحيم

 

ورد (التواب) إحدى عشرة مرة في كتاب الله، اقترن بـ(الرحيم) تسع مرات، وبـ(الحكيم) مرة واحدة، وانفرد مرة واحدة. وإليك بعض الآيات التي ورد فيها:

     {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}(البقرة: 37)، {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم}(البقرة: 128)، {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم}(التوبة: 104).{واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحت فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما}(النساء: 16)، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}(النور: 10)، {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}(النصر: 3).

     من أعظم نعم الله على هذه الأمة أن شرع لها التوبة مهما عظم الذنب، تخيل ما وقع على بني إسرائيل بسبب أنهم عبدوا العجل؛ حيث قال لهم نبيهم موسى - عليه السلام -: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}(البقرة: 54)، وبالفعل شرعوا بقتل من عبد العجل، يقتل الأب ابنه، والأخ أخاه، والصاحب صاحبه، حتى دعا موسى ربه فقال عز وجل: {ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون}(البقرة: 52).

- كان صاحبي يبحث في كتب التفسير بعد أن اختار منها: (أضواء البيان)، وتفسير السعدي، وتفسير ابن عثيمين - رحمهم الله.

- واسمع ما ورد في (أضواء البيان): ،قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: {ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا}(البقرة: 286)، إن الله قال: نعم قد فعلت.

- ومن تلك الآصار التي وضعها الله عنا على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم ما وقع لعبدة العجل؛ حيث لم تقبل توبتهم إلا بتقديم أنفسهم للقتل.

- الحمد لله.. حقاً إن شريعتنا رحيمة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو رسول الرحمة، والجميل في التوبة أن الله شرعها لهذه الأمة، وأبقاها مفتوحة مقبولة مهما عظم الذنب ما لم يغرغر العبد (أي يحتضر)، ولو عاش مئة سنة فاسداً ثم تاب ورجع إلى الله ومات عن يوم قبلت توبته، بل ويحب الله العبد التائب ويفرح لتوبته، كما في الحديث، وعرف الله نفسه لعباده باسم (التواب).

- ولماذا اقترن (التواب) بـ(الرحيم)؟

- المعنى الأول أن من رحمة الله عز وجل أن شرع التوبة وقبلها من العبد، فهو سبحانه (تواب) بعباده (رحيم) بهم بأن شرع لهم التوبة.

والمعنى الثاني أن من لم تناله التوبة، تناله الرحمة مادام لم يشرك بالله عز وجل.

- وفي اللغة؟!

- قبل اللغة دعني أذكر لك آية من سورة التوبة: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم}(التوبة: 118).

- {تاب عليهم} أي: وفقهم للتوبة.

- {ليتوبوا} تابوا بصدق.

- {إن الله هو التواب الرحيم} فقبل توبهم.

فالتوبة التي هي (الرجوع عن الذنب) توفيق من الله، وعمل من العبد، ثم قبول من الله عز وجل.

- وفي الحديث: «الندم توبة» من حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني، أي الندم أعظم أركان التوبة، فسمي بها كما نقول: (الحج عرفة) والتوبة مطلوبة من جميع المؤمنين، كما قال تعالى بعد أن أمر المؤمنين والمؤمنات بغض النظر وعدم إظهار الزينة، قال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}(النور: 31)، ولكن التوبة حال وقوع الذنب أوقع.{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما}(النساء: 17). ومن تاب قبل موته تاب من قريب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك