رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 4 فبراير، 2014 0 تعليق

التـزويـر في بلادنـا!!


      شكل وزير التجارة لجنة في البحث عن رخص تجارية مزورة، وأعلن قبلها مسؤول في الداخلية أن أكثر من 50 ألف رخصة قيادة مزورة، وأعلن أيضاً مسؤول في التعليم العالي أن هناك شهادات دراسية مزورة، كما أعلنت وزارة المالية عن طوابع مزورة للمعاملات، وأعلنت الصحة قبل سنوات مضت عن أطباء لا يحملون شهادة الطب، وأعلن في حينها أن معلمين في المدارس الخاصة غير معلمين، وبلغ عدد القضايا المرفوعة ضد تواقيع مزورة بعد التحرير عشرة آلاف قضية، وعدد أرقام السيارات ودفاتر السيارة المزورة من بعد التحرير أكثر من 15 ألف دعوى، وعدد من لا يستحق الجنسية الكويتية وأحدها من باب التزوير (فاق الوصف) ولم يحدد، ولما طالبوا بإجراء الفحص (دي إن إي) احتج نواب مجلس الأمة في وقتها، وتبيّن أن عدد من يزور جوازه ويدخل البلاد وينتحل مهنة  وصورا وصل إلى نسبة تتجاوز 60 بالمئة كما صرح المسؤول في وقتها، وعدد من زور في الأوراق حتى يحصل على جواخير وشاليهات ومزارع وأراضي من غير وجه حق.. عدد كبير! وهناك من زور في عقود الزواج والطلاق والميراث ولكن تم ضبطه.. فضلا عن تزوير العملات والهويات.. وتزوير في الأعذار الطبية! وتزوير في الدرجات وغيرها كثيرا! وتزوير في التقارير الطبية.. فالمسألة ليست في لجان التحقيق وحدها ولكن نحتاج إلى توعية حقيقية ودقيقة، ونحتاج إلى تشريع عقاب جزائي رادع، ونحتاج إلى اتخاذ إجراءات وقاية من خلال طباعة  أوراق نهتم بها كما نهتم في العملات حتى تخفض نسبة التزوير.

     فالتزوير محرم، ومن الأمراض الفتاكة بالمجتمع وتهز كيانه وتعمل على إضعافه، وينال مرتكبه عقوبة في الدنيا من الأمراض ونزع البركة والهم والغم والخوف الدائم والكذب، فلا يجوز لمن يعلم أن يسكت، بل يجب عليه نصحه وإظهار التوبة، ولا شك أن التزوير يعد من الكبائر لحديث أبي بكر رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله[ فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا» قلنا بلى يا رسول الله، قال: «الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وقول الزور»، وكان متكئا فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت، وقد قرن الله التزوير بالإشراك مبالغة في ذمه والزجر عنه وتشديد الوعيد على ما فاعله.

قال تعالى: {ذلك من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور، حنفاء لله غير مشركين به}.

     والتزوير معناه  قلب الحقائق، وعدم  مطابقة الخبر للواقع، والغش في المعاملات، وخداع الغافلين على أنواع كثيرة ترجع كلها إلى هذه المعاني، فكما يكون التزوير في الأقوال يكون في الأفعال، وهو شر كله على كل حال، لا يجوز العمل به بأي سبب من الأسباب وبأي دافع من الدوافع، حتى ولو كان الإنسان مضطرا إليه لتخليص حق أو للنجاة من ظالم ونحو ذلك، فعقوبة قول الزور في الآخرة شديدة لا يعلم مداها إلا الله، وأما عقوبته في الدنيا فتختلف باختلاف ما يترتب على تزويره من آثار وأضرار، فالقاضي هو الذي يقدر على ما يراه من العقوبات الرادعة له ولامثاله، فقد يحكم عليه بالسجن مدة تطول أو تقصر، وقد يغرم غرامة كبيرة، وقد يحكم بضربه أو تعذيبه أو فصله من العمل، وقد يراه من المفسدين في الأرض لكثرة ما وقع منه من جرائم التزوير، فيحكم عليه بما نصت عليه آية المائدة التي نزلت في عقوبة الذين يحاربون الله ورسوله ويقطعون الطريق على الناس ويسعون في الأرض فسادا.

     أما حكم من يرى التزوير ويسكت فلا يعاقب عقوبة المزور في الدنيا إلا إذا ظهر تواطؤه معه أو تستر عليه وهو معه في العمل، وقد رأىِ من ذلك ولم ينصحه أو لم يبلغ عنه، فإن  للحاكم إذا رآه متواطئا معه أو متهاونا فيما يقترفه أن يعاقبه على هذا الجبن والتستر بما يراه رادعا له.

وأما في الآخرة فإنه يعاقب بما يعاقب به المزور؛ لأنه شريكه في الأثم إذا لم ينصحه، والدين النصيحة والنهي عن المنكر واجب وفي الحديث: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».

     والتوبة في حقه واجبه: العلم بخطورة الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه، وتصحيح كل ما ترتب عليه التزوير، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وأن تكون التوبة خالصة لوجه الله، وأن يكثر من الحسنات لتذهب عنه السيئات، وأن يرد المظالم إلى أصحابها، وأن يغير كل الأسباب التي دفعته لارتكاب ذلك. وقانا الله وإياكم وبلاد المسلمين شر التزوير والمزورين، وهدانا سواء السبيل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك