رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الفولي 2 مايو، 2018 0 تعليق

التغريب وإهمال التعليم الديني وتشويه التاريخ الإسلامي أكبر العوائق – جامعة الأزهر تناقش أبرز التحديات أمام التعليم الجامعي في الوطن العربي

 

 

 

 

 

قال الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}(المجادلة 11)، لاشك أن العلم هو أحد أعمدة بناء الأمم وتقدمها؛ فبالعلم تُبنى الأمم وتتقدم، ويقضى على التخلف والرجعية والفقر والجهل والأمية، وغيرها من الأمور التي تؤخر الأمة؛ فالعلم من أهم ضروريات الحياة، وانطلاقًا من هذا المبدأ، جاء مؤتمر جامعة الأزهر لمناقشة أهم التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في العالم العربي، لاسيما في ظل الحداثة والتكنولوجيا التي لها أثر بالغ في طريقة التعليم، وتنوع آلياته على الشباب والفتيات؛ حيث عقدت الجامعة بالقاهرة مؤتمرين دوليين بكلية التربية، وكلية الدراسات الإسلامية لمناقشة أبرز هذه التحديات، فضلا عن عدد من ورش العمل خلال هذا الأسبوع، للوصول إلى أبرز هذه التحديات والحلول المقترحة.

 

عملية التغريب

في البداية أكد الدكتور محمود الصاوي -أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر- على أن هناك تحديات عديدة تقف أمام التعليم الجامعي، من أبرز هذه التحديات، عملية (التغريب).

 

     وأضاف الصاوي أن عمليات تغريب التعليم في عالمنا العربي، بدأت مع بداية القرن التاسع عشر، متوازية مع عمليات ابتعاث الشباب العربي إلى دول أوروبا، ثم التركيز على التعليم المدني في مجالات الصناعة، والهندسة، والطب البشري والبيطري، والتعليم الفني عموما، وهو أمر ممتاز في حد ذاته لكن أغلب من قاموا على ذلك أهملوا الاهتمام بالتعليم الديني.

 

وتابع، هذا الإهمال للتعليم الديني والتربوي، أوجد حالة من الازدواجية الثقافية والفكرية، ولاسيما عندما قُدمت الحوافز والمناصب لأبناء التعليم المدني في الوقت الذي حُرم منها خريجو التعليم الديني؛ حيث نظر إليه بعضهم نظرة دونية.

وأشار أستاذ الثقافة بجامعة الأزهر إلى أن هذا التغريب اعترف به اللورد كرومر -أحد أبرز دعاة التغريب-؛ حيث قال: «إن الشبان الذين يتلقون علومهم في إنجلترا وأوربا يفقدون صلتهم الروحية والثقافية بوطنهم، ولايستطيعون الانتماء في الوقت نفسه إلى البلد الذي منحهم ثقافته؛ فيتأرجحون في الوسط ممزقين».

وأردف، ثم تسارعت الأحداث وقدِم الاحتلال البريطاني لمصر، وقام اللورد كرومر بتعيين القس دوجلاس دونلب بمنصب مستشار وزارة المعارف المصرية، ومن ثم استطاع رسم سياسة تعليمية وفقا للهوي الغربي؛ فوُضعت مناهج قطعت الصِّلة بين أمتنا وديننا؛ حيث شوهت التاريخ الإسلامي وأهملت دراسة الدين إلا في أضيق الحدود.

وأضاف، ثم حوصر التعليم الديني اقتصاديًا؛ حيث تم تقليل الرواتب لخريجيه، إذا وجدوا وظائف أصلا، في مقابل مزايا ورواتب كبيرة لخريجي التعليم العام، ليحيا الخريج من التعليم العام حياة كريمة أفضل من خريجي التعليم الديني.

 

تنوع وسائل الغزو الفكري

     وفي الصدد نفسه، قال الدكتور أحمد محمد عبيد -المدرس بقسم أصول التربية بجامعة الأزهر- لقد تنوعت وسائل الغزو الفكري لغزو المجتمعات الإسلامية والعربية، بعدما فشل الغرب قديما في غزوها عسكريا، وبعدما وجدوا خسارتهم في الغزو العسكري من نصب العداوة لهم واستنزاف أسلحتهم، وسقوط جنودهم على أيدي العرب؛ وذلك بسبب التعدي على خصوصيتهم وبلادهم.

 

وأضاف عبيد في تصريح خاص لـ(الفرقان)، لقد وجدوا أن الغزو الفكري يدر عليهم المنفعة، ويوفر جنودهم، وبل ويروجون لأسلحتهم في أسواق الحروب، واستفادوا من الغزو الفكري أيضا عن طريق التغريب وغيره صبغ الحضارة الإسلامية بالحضارة الغربية وتأثر أفرادها بها.

 

التقليد الأعمى

     وأشار المدرس المساعد بجامعة الأزهر، إلى أن هذا التغريب جعل بعض العرب تابعا للغرب بسبب التقليد الأعمى والانبهار بحضارتهم المزيفة، ويعد من وسائل الغزو التغريب الذي يتخذ أبعادا سياسية واجتماعية وثقافية، يستهدف صبغ الحياة الإسلامية والعربية بالحياة الغربية، وإلغاء الذاتية الثقافية للأمم العربية، وجعلهم أتباعا لهم في كل شئ.

 

مظاهر التغريب

     وشدد عبيد، على أن من مظاهر التغريب فصل الدين عن الحياة كما هو معلوم في بلاد أوروبا حينما ثاروا على رجال الدين عندهم، وفصلوا حياتهم عن دينهم؛ فأحلوا كل حرام، واتخذوا ذلك ذريعة لفصل الدين عن حياة المسلمين متغافلين أن عقائدهم كانت سببا في تعاستهم، أما عقائد المسلمين؛ فتهتم بجوانب حياة المسلم جميعها.

وأردف، أن المظهر الآخر: التقليد الأعمى لكل جديد في حضارتهم الذي وصل إلى مسخ الشخصية العربية والإسلامية؛ فتجد الشاب العربي المسلم يقلد دون تفكير حتى وصل الحال ببعضهم إلى أن يقلد في لباسه؛ فيلبس لباسهم الذي يحمل رموز أعلامهم، ويتحدث بلغتهم متفاخرا بها ومعتزا بها، ولا شك أن هذا يعد انهزاما حقيقيا أمام تلك الحضارات الزائفة.

 

وتابع، هناك الكثير من الوسائل التي اتخذوها لمسخ الحضارة الإسلامية، وسيطرتهم على الإعلام من خلال الفضائيات المفتوحة والشبكات العنكبوتية، وزرع أفكار مغلوطة عند بعض الشباب والنساء أدت إلى نبذ الإسلام، واستغلال بعض المبتعثين عندهم؛ ليكونوا سفراء لهم يروجون أفكارهم.

 

 

مواجهة الأفكار المنحرفة

     وأكد، على أن المؤتمرات التي يقوم بها الأزهر ومؤسساته تصب في مواجهة تلك الأفكار المنحرفة، وآخرها المؤتمر الدولي الرابع لكلية التربية بالقاهرة الذي كان بعنوان تحديات التعليم الجامعي في القرن الواحد والعشرين. الذي ركز على بعض قضايا الغزو الفكري وقضايا الذاتية الثقافية، ورؤى مستقبلية وإصلاحية لمواجهة تلك التحديات، وسبقه المؤتمر الدولي الثالث لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالقاهرة بجامعة الأزهر الذي حمل عنوان (البناء المعرفي والأمن الفكري)، وكل هذه المؤتمرات تأتي لمواجهة التحديات ونشر الأمن الفكري.

 

آثار الغزو الفكري

 من جانبه، يقول الدكتور عبد رب الرسول سليمان، -أستاذ التربية الإسلامية  بجامعة الأزهر بالقاهرة-: إن أمتنا العربية والإسلامية تواجه في الوقت الراهن العديد من التحديات، ومن أبرز تلك التحديات الخطرة الغزو الفكري، الذي تعددت مظاهره في أرجاء المجتمع الإسلامي المعاصر.

 

     وأضاف عبد رب الرسول في تصريح لـ(الفرقان): إن هذا الغزو الفكري خلّف الكثير من الآثار السلبية على أمتنا وهويتنا وثقافتنا وقيمنا، وكانت ولا تزال مخاطره لاسيما على التعليم الذي نال النصيب الأكبر منه، ومن هذا المنطلق نحن في حاجة ماسة لإعداد دراسة واضحة لآليات التعليم الجامعي في مواجهة مخاطر الغزو الفكري، ثم الوقوف على مفهوم الغزو الفكري وحقيقته، والكشف عن وسائله، والتعرف على مخاطره.

وشدد أستاذ التربية الإسلامية، على أن الغزو الفكري أخطر بكثير من الغزو العسكري، حتى أصبح يشكل تحديا خطيرا للإسلام والمسلمين.

وأشار عبد رب الرسول، إلى أن هناك من ينكر هذا الغزو، ويرى أنه مجرد وهم من الأوهام، ويروج لهذا بين المسلمين، والحقيقة أن للغزو الفكري مخاطره على التعليم على مستوى الوطن العربي؛ حيث سعى دعاته إلى تغريب التعليم وعلمنته في الدول العربية والإسلامية.

 

السلاح الأول

     وتابع، إن التربية تُعد السلاح الأول لمواجهة هذا التحدي من خلال الجامعة، التي تمثل قمة الهرم بالنسبة للمؤسسات التعليمية، وبما أنها مؤسسات تربوية اجتماعية؛ فإنها يمكنها أن تقوم بدور فعال في مواجهة خطر الغزو الفكري، عبر مجموعة من الآليات، من أبرزها تطوير مناهج التعليم والتأصيل الإسلامي لها في الجامعات العربية والإسلامية؛ حيث تقع على هذه الجامعات مسؤولية تربية طلابها وبناء عقولهم، وصياغة شخصيتهم وحمايتهم من مخاطر الغزو الفكري.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك