رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 27 أبريل، 2015 0 تعليق

التصريحات الإيرانية ضد السعودية – تقليص في النفوذ أم تصدير للأزمات الداخلية؟!

مايصدر عن القيادات الإيرانية وأتباعها في المنطقة يؤكد سياسة التخبط وضياع البوصلة التي تعيشها إيران

 عملية إعادة الأمل تؤكد الانتهاء من المرحلة الأولى من الحملة وتقليم أظافر المجموعات الحوثية الإرهابية وبداية المرحلة إغاثة الشعب اليمني

 

بعد التصريحات النارية التي أطلقتها القيادة الإيرانية كالمرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ضد السعودية وعملية (عاصفة الحزم)، وكذلك تصريحات حسن نصر الله وعبد الملك الحوثي تؤكد حجم الأزمة السياسية التي تعانيها القيادة الإيرانية في المرحلة الحالية؛ حيث إنها بعد تدشين التحالف العربي الحازم الذي تقوده المملكة العربية السعودية الذي أعلن انتهاء فترة التدخلات الخارجية في المنطقة العربية، وأكد للجميع أن البلاد العربية لم تعد كلأ مستباحا للقوى الطامعة في تفجير المنطقة وتصدير أفكارها الطائفية إلى الآخرين للسيطرة عليهم، بدأت تستخدم هذا الأسلوب الهجومي، كما أنه يُظهر حجم الاختلافات الداخلية ومتانة دور التيار المتشدد؛ مما يجبر المنتمين إلى التيار المحافظ اتخاذ مواقف متشددة والتماهي مع الخطابات الثورية حتى لا يفقدوا التعاطف الشعبي الذي اكتسبوه بعد توقيع الصفقة النووية مع الغرب.

فشل سياسي

     وإذا تأملنا في تصريحات إيران السياسية تجاه المنطقة ولاسيما بعد تدشيين تحالف (عاصفة الحزم)؛ نجد أنها تكون دبلوماسية تارة، وثورية متشنجة في أغلب الأحيان، والنوع الثوري هو الذي يظهر بالعلن عندما تحس بالفشل في تحركاتها ويتقلص نفوذها، ولاسيما بعد ما فوجئت بالتحالف العربي والإسلامي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لإعادة اليمن إلى عروبتها واستقرارها، وتقليم أظافر المجموعات التخريبية التي تمردت وخطف الدولة، وقد يتكشف هذا الفشل عندما نتابع الخطابات الأخيرة للقيادة الإيرانية وأتباعها في المنطقة، حيث استخدام الرئيس الإيراني المحسوب في التيار الإصلاحي الخطاب الثوري الذي هو من مفردات السياسة الإيرانية التي ينتهجها التيار المتشدد؛ مما يشير إلى نوع من تبادل الأدوار بين الجانبين إلا أن دورها في المرحلة الحالية لن يتعدى بوصفه نوعاً من تأكيد أهمية دورها في المنطقة.

     وقد استخدم الرئيس الإيراني في تصريحاته ألفاظا بعيدة عن اللياقة الدبلوماسية كقوله: «لقد زرعتم بذور الكراهية في هذه المنطقة، وسترون الرد عاجلا أم آجلا». وهذا يؤكد عمق الأزمة التي تمر بها بلاده فضلا عن أن سياسة تصدير الثورة التي انتهجتها إيران منذ مجيء نظام الملالي واستخدام الخطاب الطائفي لبث الفرقة بين المسلمين، وما قامت به المليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا من قتل وترويع للآمنين يؤكد على دور إيران الواضح في زرع الكراهية والفرقة في المنطقة، فضلاً عما يفعله الحوثيون المتحالفون معها في اليمن من الاختطاف الكامل للوطن ومقدراته لصالح الأطماع الإيرانية.

علامة المهزومين

     ويشير بعض المحللين أن ما يصدر عن القيادات الإيرانية وأتباعهم في المنطقة يؤكد سياسة التخبط وضياع البوصلة التي تعيشها إيران بسبب الصراع الداخلي الناتج عن الاتفاقية النووية مع الغرب؛ حيث إن كل فريق يحاول تسويق بضاعته في الداخل لكسب مؤيدين، وجاء في افتتاحية مجلة الدعوة السعودية في ردها على تصريحات المرشد الإيراني تحت عنوان: خامنئي يبكي حلمه الضائع..الصراخ على قدر الألم!، هذا الكلام المختصر المفيد هو أبلغ وصفٍ يمكن أن يصوّر ويفسّر التشنج الذي يعيشه علي خامنئي مرشد ثورة الملالي في طهران، بعد أن أيقظته عاصفة الحزم من أحلام اليقظة؛ حيث كان على وشك ابتلاع اليمن وإلحاقه ببلدان عربية أخرى تغلغل فيها، من خلال وكلائه المحليين، حتى بات تحريرها من مخالبه يتطلب جهوداً مضنية، وإراقة دماء زكية وإزهاق أرواح بريئة، فالشتم حتى لدى الأفراد هو سمة الإنسان المهزوم فعلياً وأخلاقياً.

     وقال وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان في رده على خطاب حسن نصر الله: إن الخطاب التصعيدي ضد المملكة العربية السعودية، «يؤكّد إلى حد ما تصريح علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن «إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي».

     وفي السياق نفسه يتساءل الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله: ما علاقة (حزب الله) باليمن وما سر اهتمامه به؟ هل يكفي أن تكون إيران متضايقة من السياسة السعودية في اليمن كي يشنّ الحزب هجوما بعد الهجوم عليها، غير آبه بالعلاقة التاريخية التي تربط لبنان واللبنانيين بالمملكة؟

     ويضيف قائلا: تكشف لهجة الخطاب مدى التضايق الإيراني، بل الصدمة الإيرانية، جراء (عاصفة الحزم) التي تقودها السعودية في اليمن بمشاركة عربية وإسلامية ودولية بهدف واضح، ويتمثّل هذا الهدف في العودة إلى الخيار السياسي والحوار في ظروف طبيعية يعني ألا يفرض طرف مرتبط بإيران شروطه على الآخرين بقوّة السلاح بحجة وجود شيء اسمه (الشرعية الثورية)، ما قد يكون ضايق إيران أكثر من ذلك بكثير، أن (عاصفة الحزم)، التي هي أيضا عاصفة العزم العربي، أظهرت أنّ هناك قوّة عربية على استعداد للمبادرة بدل التفرّج على التمدّد الإيراني في كلّ الاتجاهات. لم يعد ممكنا الاستهانة بهذه القوّة القادرة على القيام بنحو مئة طلعة جوّية يومية، بل أكثر من ذلك.

     ويؤكد الكاتب سبب هذا التصعيد قائلا: يعبّر حسن نصرالله عن التضايق الإيراني من وجود مثل هذه القوّة من جهة والاستفاقة العربية من جهة أخرى. كان مفترضا بالعرب أن يبقوا نياما، كي يرتاح الأمين العام لـ(حزب الله) وكي يفرض النظام الإيراني شروطه على جيرانه العرب بدءا بالبحرين وصولا إلى اليمن، مرورا بالعراق وسورية ولبنان!.

وعليه فإن هذه الصرخات المتكررة من أعلى هرم القيادة الإيرانية، وطابورها الخامس في المنطقة يؤكد لنا أن النظام الإيراني يعاني العديد من الأزمات الداخلية التي يصعب حلها في المرحلة الحالية ويحاول تصديرها إلى الخارج من خلال إدعاءاته المتكررة في الرد فضلاً عن إحساسه بنوع من تقلص نفوذه في المنطقة العربية بعد عاصفة الحزم.

من الحزم إلى إعادة الأمل:

     قال العميد ركن، أحمد عسيري -المتحدث باسم عاصفة الحزم-: «إن عملية إعادة الأمل لليمن التي تأتي وفقاً لقرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية، ستبدأ بعد منتصف ليل اليوم، وستشرف على إجلاء الرعايا الأجانب وحماية المدنيين واستئناف العملية السياسية ومنع تحرك الحوثيين، وأكد عسيري أن نهاية (عاصفة الحزم) جاءت بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وليست وقفا لإطلاق النار والتحالف الدولي ما زال قائما، مع استمرار الحظر البحري لمنع تزويد الحوثيين بالسلاح».

     وفي السياق نفسه يتضح لنا بداية عملية إعادة الأمل تؤكد الانتهاء من المرحلة الأولى من الحملة وتقليم أظافر المجموعات الحوثية الإرهابية وبداية مرحلة إغاثة الشعب اليمني تمهيدا للعملية السلمية، وإعادة بناء الدولة اليمنية من جديد وقبول المتمردين وحليفهم على صالح على هذه المرحلة وما يقال عن توصل إلى اتفاق في القاهرة يقضي بخروج الرئيس المخلوع وأفراد عائلته، وانسحاب الحوثيين من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخيرة إلى القوات المسلحة المؤيدة للشرعية، كما أن التأكيدات الإيرانية لقرب وقف العمليات له دلالة واضحة على قبول المتمردين المرتبطين بها لهذه الاتفاقية وإن حاول بعض الناطقين باسمهم في وسائل الإعلام إنكار ذلك خوفا من تحمل الهزيمة، كما أنها تؤكد نجاح عمليات التحالف في مرحلتها الأولى وبدء المرحلة الثانية التي هي للبناء والتنمية وإعادة اليمن السعيد إلى أيامه السعيدة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك