رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 15 سبتمبر، 2015 0 تعليق

التسيب الوظيفي

 

     سلوك غريب وعجيب يمارسه بعض الموظفين حتى لا ينضبط باللوائح والنظم والقوانين التي هي شريعة المتعاقدين؛ فتجدهم يحاولون تزوير التوقيع، أو وضع سيلكون على البصمة، وإذا أجبر على الدوام لا ينجز بل يضيع الوقت بأي ملهيات أخرى، ويملك الكثير من الأعذار والخداع والتمويه، ويعتقد أن الراتب حق مكتسب، ولا يتحمل المسؤولية في أداء العمل، ومع ذلك يريد الحصول على كافة الامتيازات، ولا يقبل أية عقوبة تطبق عليه في حال تقصيره.

     هذه ظاهرة خطيرة ومزعجة؛ حيث يتساوى المخلص بالموظف المتسيب ولا يمكن وضع رقابة شخصية على الجميع إذا لم تكن هناك رقابة ذاتية يستشعر من خلالها الموظف المسؤولية الدنيوية والأخروية، وهذه الظاهرة تجدها في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؛ حيث أدت إلى إهمال برامج التدريب، وهبوط مستوى الأداء والإنجاز وسوء التخطيط، وفشل أجهزة الرقابة أو تعطيلها، وفقدان جانب التعاون بيد الموظفين وقتل الإبداع، وعطلت مصالح الناس، وتراكمت المشكلات التنظيمية والإدارية، وتفشت بسببها في أوساط المجتمع الوساطة والمحسوبية والرشوة والتسلط والاختلاسات واستباحة المال العام.

     وحتى القواعد القانونية في الوظائف لم تعد تنسجم مع حجم الفساد الإداري، ولم تعد رادعة، وأن هناك تواطؤا ملحوظا مع ضعف الجزاء القانوني وضعف التأهيل، والتهرب من المسؤولية بإلقائها على عاتق الآخرين؛ فالموظف أصبح يفكر براتب عال جدا مع دوام متسيب وشهادات تحوم الشبهات حولها، ويريد الامتيازات من دون خصم أي نسبة وإن وقع منه التقصير، كما أنه يريد أن تكون التقارير السنوية في أعلى سقف ممكن، وأن يتمتع بها كما يتمتع بها الموظف المتميز في أداء عمله فتساوى الجميع في الامتيازات؛ مما أدى إلى الإحباط العام!!

     وأصبح هناك هدر واضح في القرطاسية والأدوات المكتبية والاستهلاك غير العادي للأصول المختلفة مثل: السيارات وآلات الطباعة والكمبيوتر والأثاث وغيرها، وأصبح المراجع يراجع بدلا من اليوم الواحد يراجع أغلب الأيام في الشهر لحصول مطلوبه، فزاد هدر الأوقات في ظل تردد المراجعين، ومن الملاحظ أن قطاعات الخدمات تعاني من الفوضى والارتباك في الخلل وزيادة في فتح دوام الصباح والمساء، وزيادة ساعات العمل الكسبية وليست الفعلية.

     فلا إدارة رشيدة ولا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ولا إجراءات دقيقة في الاختيار وفق الحاجة الفعلية، فضلاً عن وجود تجاوزات ومخالفات مرتكبة كبيرة وجسيمة.

     فما أحوجنا اليوم لتنظيم قانوني فعلي لمكافحة التسيب الوظيفي في الإدارات، وتحديد ساعات عمل للإنجازات، ووقف التحايل والانفلات والفوضى، والشعور بالمسؤولية  في رفع كفاءة الأداء، والالتزام بالأخلاق والسلوكيات الوظيفية، وتكوين مهارات وخبرات واستغلال الوقت بما هو نافع للجميع، وإيجاد تنافس شريف بين الموظفين للاستثمار الأمثل لطاقاتهم، وتنظيم المعلومات والبيانات وتحديد الصلاحيات، ووضع حد لتضخم الأعداد البشرية العاملة في دوائر الدولة ومؤسساتها.

     قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة  فينبئكم بما كنتم تعملون) (التوبة:105).

نسأل الله الصلاح للجميع..

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك