التربية على عزة النفس في الإسلام
- العزة هي إحساس يملأ القلب والنفس بالإباء والشموخ والاستعلاء والارتفاع وهي ارتباط بالله وارتفاع بالنفس عن مواضع المهانة والتحرر من رق الأهواء
- شباب اليوم هم رجال المستقبل وزعماؤه وآباؤه وموجهوه فإن نشؤوا على العقيدة الصحيحة والأمانة الحقة وعلى الاعتزاز بالدين فسيقودون الأمة إلى العزة والكرامة
- التربية على العزة أمر بالغ الأهمية لأنها تربية على معالي الأخلاق ومحاسنها ولاسيما أن هذه الأهمية تزداد في هذه الأزمنة التي تعج بالفتن والمحن
العزة مفهوم يحمل في طيَّاته معاني القوة والشدة والمنعة والغلبة، والعزيز اسم من أسماء الله -تعالى-؛ يقول ابن منظور: «العزيز من صفات الله -عز وجل- وأسمائه الحسنى، ومعناه: الممتنع فلا يغلبه شيء، وقيل: هو القوي الغالب كل شيء، وقيل: هو الذي ليس كمثله شيء»، وجعل المولى -جل وعلا- لعباده المؤمنين وأوليائه المخلصين العزةَ والغلبة في الدنيا والآخرة، فقال -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (المنافقون: 8)، وقال -تعالى-: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (الصافات: 171 - 173).
والعزة في اللغة مأخوذة من العز وهو ضد الذل، تقول عز يعز فهو عزيز أي قوي، والعزة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة قال -تعالى-: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (النساء 139). والعزة في الاصطلاح: هي حالة مانعة للإنسان من أن يغلب، وهي إحساس يملأ القلب والنفس بالإباء والشموخ والاستعلاء والارتفاع، وهي ارتباط بالله وارتفاع بالنفس عن مواضع المهانة والتحرر من رق الأهواء ومن ذل الطمع وعدم السير إلا وفق ما شرع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم .أولاً: فضائل عزة النفس
لعزة النفس فضائل عديدة من أهمها ما يلي: (1) عزة النفس تربط العبد بالله من فضائل عزة النفس أنها تربط العبد بالله؛ لأن الله هو الواهب الحقيقي لها فيرتبط العبد بربه إيمانا ويقينا ودعاء وتوكلا وخوفا ورجاء؛ فالعزة لا تنال إلا بطاعة الله، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله في فتح الباري-: وأما قوله -تعالى-: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} فمعناه: من كان يريد أن يعز فليكتسب العزة من الله؛ فإنها له ولا تنال إلا بطاعته، ومن ثم أثبتها لرسوله وللمؤمنين، فقال -في الآية الأخرى-: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}. (2) تحقق للفرد المسلم قوته وشرفه عزة النفس تحقق للفرد المسلم قوته وشرفه وكرامته من غير تعد وترفع على الخلق بغير حق؛ فهي لا تجعله يتخبط خبط عشواء ويذهب يمنة ويسرة في طلبها وتحقيقها، بل تجعله متزنا؛ لأن مصدرها واحد وأسباب تحقيقها معروفة محدودة. (3) تحقق للأمة المجد والسؤدد ومن فضائل عزة النفس أنها تحقق للأمة المجد والسؤدد لتتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم إذا طبقت بمعانيها الصحيحة وابتعدت عن أسباب الذل والهوان، وهو ما حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لن ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم». (4) تحمى المسلم من الانحراف ومن فضائل العزة أيضًا أنها تحمى المسلم من الانحراف، وذلك حين يستعلي المسلم بعزة نفسه على شهواته وملذاته المحرمة فلا يفعلها خوفا من الله وترفعا عن مواطن الحمق والرذيلة والمهانة، كما أنها تحرره من رق الأهواء والركوع والخضوع للمخلوقين، وتجعله لا يسير إلا وفق ما شرع الله ورسوله، كما أنها تحرر المسلم من ذل الطمع والجشع الذي يجعله عبدا لدرهمه وداره ومركبه؛ فتجده غير مقتنع بما قسم الله له حتى يذهب لأكل الحرام من دون أدنى مبالاة، تعس وانتكس!. (5) تحقق للمسلم إيمانه بالله -تعالى ومن فضائلها أنها تحقق للمسلم إيمانه بالله -تعالى- حينما يذل نفسه وجسده بين يدي مولاه، ويمرغ وجهه في الأرض لخالقه، ومقابلة عزة الله بذل العبد من أشرف المواطن وأحسنها؛ لأن الله خلق عباده من أجل أن يعزهم بطاعته، ولا يكون ذلك إلا بالتذلل له -سبحانه-، كما أنها تحقق للمسلم كيانه وشخصيته في ظل تعاليم الإسلام وتنظيم الحياة وفق ذلك في مختلف المجالات، وتحقق له ما يوافق فطرته السليمة التي خلقه الله عليها وما يحتاجه في تلبية النقص والتقصير الحاصلين من جراء وقوع المرء في أوحال الدنيا ورذائلها. (6) تحقق للجماعة المؤمنة الترابط ومن فضائلها أنها تحقق للجماعة المؤمنة الترابط بين أفرادها؛ فالأخوة الإيمانية الحقيقية التي تذوب في ساحتها الشعارات والمصالح شعارها التواضع واللين والمحبة والشفقة والمناصرة والنصح من غير فضيحة، كما تعين على نصرة المظلوم وردع كيد الظالم.ثانيًا: التربية على عزة النفس
إن التربية على العزة أمر بالغ الأهمية؛ لأنها تربية على معالي الأخلاق ومحاسنها، ولا سيما أن هذه الأهمية تزداد في هذه الأزمنة التي تعج بالفتن والمحن، ولا سيما أن الأمة ابتعدت عن كتاب ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم - والنهل من معينهما، ومجالات التربية على العزة واسعة شاملة، ولذلك يتحتم على الكل تربية أبناء الأمة على العزة، في الأسرة والمدرسة، ومن خلال العلماء والمفكرين والمربين.دور الأسرة في التربية على العزة
يكمن دور الأسرة في التربية على العزة بالالتزام بتعاليم الإسلام ظاهرًا وباطنا من خلال الأمور التالية:- أولاً: تربية النشء على الإيمان بالله
- ثانيًا: تربية النشء على الارتباط بعبادة الله -تعالى
- ثالثًا: تربية النشء على مدارسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
- رابعاً: تربية النشء على خلق العفة
- خامسًا: القدوة الصالحة
- سادسًا: تعويد الأبناء على صفات الرجولة
شباب اليوم هم رجال المستقبل
إن شباب اليوم هم رجال المستقبل وزعماؤه، وآباؤه وموجهوه، فإن نشؤوا على العقيدة الصحيحة، والأمانة الحقة، وعلى الاعتزاز بالدين، وعلى حب الأمة، وعلى النظر للأمور والمشكلات بعين التعقل والروية، وحسبان العواقب، لا بعين العاطفة الهائجة، والرغبة الثائرة، فسيقودون الأمة إلى العزة والكرامة، وإن ألمت بها الخطوب، وأحاطت بها الأمواج، أخذوا بيدها إلى بر السلامة وشاطئ الأمان.
لاتوجد تعليقات