رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علي صالح طمبل 4 مايو، 2015 0 تعليق

التربية بالحب

كان لي شرف استضافة فضيلة الشيخ عدنان بن عبد العزيز الخطيري الداعية والمربي السعودي واﻷستاذ أبو مثاني صديق محمد اﻷمين، صديق اﻹذاعة الذي قرر هذه المرة أن ينزل ضيفا عليها، وذلك في برنامج (مع الشباب) الذي أعده وقدمه بفضل الله وقوته على أثير إذاعة البصيرة.

     كان موضوع الحلقة بعنوان: (علاقة الشباب بالوالدين)، وبالرغم من أن الزمن المخصص للبرنامج هو ساعة كاملة، إلا أننا لم نشعر بانفلات الوقت إلا عندما أشار إلينا المخرج أن تبقى من زمن البرنامج دقيقتان فقط؛ وما ذلك إلا ﻷن الحديث كان في غاية اﻹمتاع والتشويق والفائدة!

      تحدث الشيخ عدنان الخطيري حفظه الله عن مفهوم تربوي مهم، وهو (التربية بالحب)، الذي يهتم باﻹشباع العاطفي للأبناء والبنات من قبل الوالدين؛ ﻷنهم يحتاجون لحنان الوالدين وعطفهما وثنائهما وتشجيعهما، فما المانع في أن يعانق اﻷب والأم أبناءهما وبناتهما ويقبلانهم، ويشعرانهم بأهميتهم بكلمات رقيقة محفزة، يحبون الثناء والمدح والتعليق اﻹيجابي.

     ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فقد كان يقبل الحسن والحسين-رضي الله عنهما-، ويلاعبهما، ويمتطيان ظهره وهو خير البشر، ويحمل (أمامة) بنت إبنته زينب وهو يؤم الناس في الصلاة، ويضم فاطمة -رضي الله عنها- إليه، ويقبلها بين عينيها، ويهش ويبش إذا حضرت، ويثني عليها.

     ومما يؤسف له أن أغلب أسرنا تعاني جفافاً عاطفياً وتحجراً في اﻷحاسيس وكبتاً  للمشاعر، فالوالدان في العادة يصرفان جل اهتمامهما على طعام اﻷولاد وشرابهم ولبسهم وتعليمهم، دون مراعاة للجانب الروحي والعاطفي، فينشأ اﻷبناء والبنات في بيئة قاسية، خاوية من الحب، ومفتقدة إلى الحنان.

     ولا أدل على ذلك من القصة التي رواها الشيخ الخطيري عن ذلك الرجل الذي سمع محاضرة عن التربية بالحب، فأراد أن يطبق ما سمعه على ابنه وابنته، فلما دخل بيته وجد ابنه في الصالون، فاقترب منه في صمت، فانتاب ابنه الخوف من تصرف أبيه الذي لم يعتد عليه، وأخذ اﻷب يتقدم باتجاه ابنه، بينما أخذ الابن يتراجع؛ وكلما تقدم اﻷب خطوة تراجع الابن خطوة، إلى أن التصق بالجدار؛ فحينها لم يجد مناصا إلا أن يرفع ذراعه أمام وجهه ليتحاشى بها الضربة التي يتوقعها، فلعله قد أخطأ خطأ ما ويريد أبوه أن يعاقبه.

وكانت المفاجأة أن احتضنه أبوه، فلم يتمالك الابن نفسه، فأجهش بالبكاء، وأجهش والده كذلك في بكاء حار!

وفعل الأب الشيء نفسه مع ابنته التي بكت بدورها، ووضعت رأسها على كتفه طويلا ولسان حالها يقول: أين كنت يا أبي من زمان، ألا تعلم أننا بحاجة ماسة إليك؟!

     إن الأبناء والبنات إذا وجدوا في البيت الكبت العاطفي وجفاف المشاعر من اﻵباء واﻷمهات، فلا يؤمن أن يبحثوا عمن يشبع عواطفهم ومشاعرهم خارج البيت، فيسقطوا فريسة لضعاف النفوس ومرضى القلوب؛ فيقعوا فيما لا يحمد عقباه.

     ولكننا نعود لنقول: إن الفرصة ما زالت سانحة لكل أب أو أم ليستشعر مسؤوليته التي ولاه الله إياها تجاه أسرته، ويعيد ترميم ما قصر فيه من علائق الود والحب تجاه زوجه وأبنائه وبناته؛ حتى تعيش اﻷسرة حياة ملؤها الحب واﻷمان والاستقرار. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك