رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أبو عمر حاي الحاي 15 أغسطس، 2011 0 تعليق

التبصرة في ذكر أحاديث ضعيفة مشتهرة- تحريك الإصبع في التشهد

 


عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: إن النبي[ قال: «تحريك الإصبع في الصلاة مذعرة للشيطان». أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/132)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (6/2247).

إسناده تالف فيه الواقد محمد بن عمر.

قال البيهقي: تفرد به محمد بن عمر الواقدي، وليس بالقوي.

قلت: والواقدي متروك.

قال عنه النسائي: متروك الحديث (الضعفاء والمتروكين رقم ص 217)، وقال أبو حاتم: متروك.

       قال البخاري: متروك الحديث، وقال: سكتوا عنه «تركوه» انظر التاريخ الصغير (2/311) الضعفاء الصغير (334)، وقال مسلم: متروك الحديث، الكنى، الورقة (65)، وقال الإمام أحمد: كان الواقدي يقلب الأحاديث، وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديث الواقدي، وقال إسحق بن راهويه: يضع الحديث.

       انظر التاريخ الكبير للبخاري (1/178)، والتاريخ الصغير له (ص104)، والجرح والتعديل (8/21)، وميزان الاعتدال للذهبي (3/662)، والكاشف له أيضاً (3/73)، والتهذيب للحافظ ابن حجر (9/363).

وقال البزار: قد تكلم الناس فيه وفي حديثه نكارة. انظر كشف الأستار (356).

قلت: ويغني عن هذا الحديث الواهي أحاديث صحيحة وآثار صحاح في استحباب تحريك الإصبع مع الإشارة، وهو الحق والأدلة عليه:

1- حديث وائل بن حجر، قال رضي الله عنه: لأنظرن إلى صلاة رسول الله[ كيف يصلي.

       فنظرت إليه فقام فكبر فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، قال: ثم لما أراد أن يركع رفع يديه مثلهما فوضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلهما، ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض ثنتين فحلق حلقة ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها.

قال: ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت على الناس جل الثياب يحركون أيديهم من تحت الثياب.

       حديث صحيح: أخرجه الدارمي، وأحمد (4/318)، وابن خزيمة في صحيح ابن خزيمة رقم (714) (1/354) والطبراني في المعجم الكبير رقم (82) (22/35) والبيهقي في السنن الكبرى (2/132)، كلهم من طرق عن معاوية بن عمرو، وكذلك أخرجه النسائي في المجتبى (2/126) وفي السنن الكبرى أيضا رقم (963) (2/73)، وأبوداود رقم (727)، والبخاري في جزء رفع اليدين رقم (30)، والطبراني في المعجم الكبير رقم (82) (22/35)، وابن حبان في صحيح ابن حبان رقم (1860) (5/170) وابن الجارود في المنتقى رقم (258)، كلهم من طرق عن أبي الوليد الطيالسي عن زائدة بن قدامة به.

قلت: فرأيته يحركها.

هذه اللفظ تفرد بها زائدة بن قدامة الثقفي أبوالصلت الكوفي، وإسنادها صحيح، وزائدة ابن قدامة ثقة صاحب سنة.

قال عنه الإمام أحمد: كان زائدة إذا حدث بالحديث يُتقنه. سؤالات ابنه عبدالله (2520).

وقال عنه أيضا: المثبتون في الحديث أربعة: سفيان الثوري وشعبة وزهير وزائدة. العلل ومعرفة الرجال رقم (3855) (2/601).

وقال عنه أيضا: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال ألا تسمعه من غيرهما إلا من حديث أبي إسحق. سير أعلام النبلاء (7/376-377) للحافظ الذهبي.

قال النسائي: ثقة.

قال أبوزرعة الرازي: «زائدة صدوق من أهل العلم» الجرح والتعديل (3/613) لابن أبي حاتم.

       قال ابن حبان: «كان من الحفاظ المتقنين وكان لا يعد السماع حتى يسمعه ثلاث مرات، وكان لا يُحدث أحدا حتى يشهد عنده عدل أنه من أهل السنة» الثقات لابن حبان (6/340).

       قال العجلي: «كان ثقة صاحب سنة لا يُحدث أحدا حتى يسأل عنه؛ فإن كان صاحب سنة حدثه وإلا لم يحدثه» تهذيب التهذيب (3/564) للحافظ ابن حجر، وسير أعلام النبلاء (7/377).

وقال الدارقطني: «من الأثبات» العلل (5/219).

وقال: «من الأثبات الأئمة» التهذيب (1/621).

وقال عنه: «ثقة» الإلزامات والتتبع (ص97، 235).

       وقال ابن سعد: «كان ثقة مأمونا صاحب سنة» الطبقات الكبرى لابن سعد (6/378)، التهذيب للحافظ ابن حجر (3/264)، وإكمال التهذيب لمُغلطاي (5/29).

       وقال عنه الحافظ الذهبي: «الإمام الثبت الحافظ، ثقة حجة صاحب سنة توفي غازيا بالروح سنة إحدى وستين ومائة وكان من نظراء شعبة في الإتقان، وقال الإمام أحمد: كان وكيع لا يُقدم على زائدة في الحفظ أحدا» تذكرة الحفاظ للذهبي (1/215).

وقال الآجري: قال أبوداود: قال ابن إدريس: «لم أرع الأعمش يُمكن أحدا ما مكن زائدة» إكمال التهذيب لمغلطاي (5/30).

وقال المنتجالي: «كان ثقة» إكمال التهذيب لمغلطاي (5/29). وقال الذهلي: «ثقة حافظ» التهذيب (3/264).

وقال عنه أبوالفضل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «ثقة ثبت صاحب سنة» تقريب التهذيب رقم (1982).

قلت: فزائدة بن قدامة الثقة الثبت المتقن يُثبت تحريك الإصبع ولم يخالف أحدا من الثقات.

       ومحمد بن عجلان لا ينهض أن يكون حفظه وإتقانه وضبطه مثل زائدة فضلا عن أن يكون أتقن منه وأضبط؛ فإن بين زائدة وابن عجلان مفاوز وفيافي في الحفظ والضبط، و«ابن اللبون إذا ما لز في قرن: لم يستطع صولة البزل القناعيس».

       ولا سيما أنه قد قال البخاري رحمه الله تعالى: «قال لي علي، عن ابن أبي الوزير عن مالك أنه ذكر ابن عجلان فذكر خيرا، وقال يحيى القطان: لا أعلم إلا أني سمعت ابن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يُحدث عن أبيه، عن أبي هريرة، وعن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت علي فجعلتها عن أبي هريرة». التاريخ الكبير (1/603) والتاريخ الصغير (2/75).

وذكر ذلك الترمذي أيضا، انظر جامع الترمذي (2747) وكذلك قال النسائي، انظر عمل اليوم والليلة (92).

وقال عنه: «ثقة». وقال ذلك أيضا الدارقطني كما في العلل.

وقال عنه الحافظ أبوالفضل ابن حجر في التقريب (6136): صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة.

       وإني لأستغرب وأتعجب من قول الأخ الفاضل أحمد بن سعيد اليمني في كتابه الذي سماه: «البشارة في شذوذ تحريك الإصبع في التشهد وثبوت الإشارة» (ص39): وبهذا الحديث وأمثاله دليل تأكيد على أنه ليس هناك تحريك بالإصبع في التشهد.

قال: فلم يأت هذا التحريك إلا في خبر زائدة المروي عن وائل بن حجر ] إذاً فلا حجة لمن صحح هذا تعصبا لرأي أو لما قد انتشر بين الناس؛ فالحق أحق أن يقال وأحق أن يتبع، ونحن نقول الحق ولا نخاف في الله لومة لائم.

قلت: في كلام المؤلف وفقه الله تعالى تقليل من شأن، وإتقان وضبط زائدة بن قدامة رحمه الله، بل اتهامه بزيادة لفظة التحريك ولا يصح أن يقال هذا في حق زائدة الثقة المتقن، بشهادة أئمة ونقاد وجهابذة علم الحديث رحمهم الله تعالى، فتعصيب اتهام الزيادة به غير لائق وغير مستساغ في حق هذا الجبل، ولا ينبغي أن نصف زيادته وهي من ثقة مُتقن بالشذوذ، فهي حرية وقمنة بالقبول؛ لأن زائدة رحمه الله تعالى فوق الثقة فأين حفظ وإتقان وضبط زائدة من حفظ محمد بن عجلان الذي هو صدوق؟!

إذا كان الجواد له حجاب

                              فما فضل الجواد على البخيل

يتيمة الدهر للثعالبي (2/395) عيون الأخبار لابن قتيبة، العقد الفريد لابن عبدربه (16/68) والبيت من الشوارد.

       وأقول: كلمة الأخ أحمد بن سعيد اليمني هدانا الله وإياه، «إذاً فلا حجة لمن صحح هذا تعصبا لرأي»، فيها نوع من التقحل والإسفاف؛ فعلماء السنة وجهابذة الأثر، لم يصححوا هذه اللفظ اتباعا للهوى وما التعصب لرأي إلا من اتباع مضلات الهوى، وتقديم الهوى والتعصب برأ الله منه ونزه أهل العلم المتأسين بالسلف الصالح فلا يصححون أو يضعفون للتشهي والهوى، وإنما يخضعون وينقادون للدليل فالعلماء أسرى بيد الشريعة.

وما أجمل كلمة الحق والصدق للحفاظ ابن حجر رحمه الله تعالى أبي الفضل في حق شيخ الإسلام ابن تيمية.

فكلام الأخ أحمد فيه تسرع وفيه تهوين لأهل العلم المحققين:

أوردها سعد وسعد مشتمل

                                   ما هكذا يا سعد تورد الإبل

قلت: ولابد من التفصيل والبيان حول زيادة الثقات في الحديث، والذي استقر عند أساطين علماء الحديث أن زيادة الثقة في الحديث تقبل بشروط:

الشرط الأول: أن يكون راوي الزيادة في الحديث ثقة ضابطا عدلا موثوقا بضبطه وإتقانه.

وأن يكون معروفا من أهل الجرح والتعديل بالحفظ والتيقظ والإتقان ويقبلون ما انفرد به من الزيادة في الحديث عن سائر الرواة.

       واشترط أبوعيسى الترمذي رحمه الله أن يكون حافظا، وهي صفة لابد منها على كونه «ثقة» انظر شرح علل التهذيب لابن رجب (2/631) وهو قول الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى، قال الحافظ ابن حجر أبوالفضل في (النكت) (2/689): قال ابن خزيمة في صحيحه: ولسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحفاظ، ولكنا نقول وبالله التوفيق: إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان فروى عالم بالأخبار زيادة في خبر قُبلت زيادته، فإذا تواردت الأخبار - فزاد وليس مثلهم في الحفظ - زيادة، لم تكن تلك الزيادة مقبولة.

       وقال الحافظ ابن عبدالبر- رحمه الله -في كتابه التمهيد (3/306): إنما تُقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبت عنه وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ لأنه كأنه حديث آخر مستأنف، وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ ولا مُتقن فإنها لا يُلتفت إليها.

       وقال -رحمه الله تعالى- في التمهيد (5/19): «وهو يتكلم عن وصل حديث عطاء بن يسار في الشك في عدد ركعات الصلاة: «والحديث متصل بسند صحيح لا يضر تقصير من قصر به في اتصاله؛ لأن الذين وصلوه حفاظ مقبولة زيادتهم». وانظر فتح المغيث للسخاوي (1/247)، وفتح الباقي للأنصاري (1/212).

الشرط الثاني: وكذلك ألا تخالف الزيادة المزيد عليه، يعني ألا يخالف المنفرد بالزيادة من هو أوثق منه وأضبط، وإذا وقع مثل ذلك صار الحديث شاذا أو الزيادة فيها شذوذ.

قال الحافظ ابن حجر أبوالفضل- رحمه الله تعالى- في النكت (2/687): يعني لأنه يصير شاذا.

قال القاضي أبويعلى: «إن الجماعة إذا نقلت حديثا وانفرد واحد منهم بزيادة لا تخالف المزيد عليه، كان المنفرد بحديث سواه ولو انفرد بحديث سواه كان مقبولا، فوجب أن تُقبل هذه الزيادة» انظر العدة (3/1007).

وقال الحافظ أبوالفضل بن حجر رحمه الله: «وزيادة راويها أي الصحيح والحسن مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة؛ لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية مَن لم يذكرها فهذه تقبل مطلقا لأنها في حكم المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره». انظر شرح النخبة (ص65)، والمسودة لآل تيمية (ص299)، شرح مختصر الروضة للطوفي الحنبلي (2/226).

وقال الطوفي رحمه الله: «فإن نافته، احتيج إلى الترجيح لتعذر الجمع» شرح مختصر الروضة (2/224).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وإما أن تكون منافية - أي الزيادة - المزيد عليه، بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى، فهذه التي يصح الترجيح بينها وبين معارضها فيُقبل الراجح ويرد المرجوح» انظر شرح النخبة (ص65).

الشرط الثالث: أن تفيد الزيادة حكما زائدا.

هذا الشرط اشترطه بعض العلماء في قبول الزيادة أن تفيد حكما زائدا، وأما إذا لم تفد حكما زائدا فإنها مردودة لا تُقبل.

قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: «وقال فريق ممن قبل زيادة العدل الذي، نفرد بها إنما يجب قبولها إذا أفادت حكما يتعلق بها، وأما إذا لم يتعلق بها حكم فلا». الكفاية (ص597).

آثار الصحابة رضي الله عنهم:

قال إربدة التميمي: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن تحريك الرجل إصبعه في الصلاة فقال: ذلك الإخلاص.

أخرجه عبدالرزاق في المصنف رقم (3244) وابن أبي شيبة مختصرا (2/482)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/133).

قلت: وإسناده حسن.

وكذلك قول مجاهد رحمه الله، قال: «تحريك الرجل إصبعه في الصلاة مقمعة للشيطان».

إسناده صحيح: أخرجه عبدالرزاق في المصنف رقم (3245) (2/250)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/484) مختصرا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك