رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 8 يونيو، 2016 0 تعليق

التباهي حتى في الموت!!

بعد مرور أيام العزاء -ولا أدري لماذا حددت بثلاثة أيام- ومن أين أتت عادة الجلوس لقبول العزاء!

بعد انتهاء فترة العزاء، مررت على مجلس رواد مجلسنا الذي يبدأ قبيل المغرب وينتهي مع صلاة العشاء، في الخيمة التي نصبت خارج المسجد.

استجبت لدعوتهم لتذوق حلوى جديدة أحضرها أحدهم من البوسنة.

- هل لاحظت أن عزاءهم حضره وزراء وشيوخ وشخصيات كثيرة من علية القوم؟!

- بل حضر كثير من هؤلاء الجنازة في المقبرة.

- حقا لقد كان عزاء مميزا.

- سألتهم عزاء من؟!

- (أبوطلال)، في وفاة عمه شقيق والده.

- وما الميزة في العزاء أن يحضره علية القوم أو ضعفاؤهم؟ وما الميزة في الجنازة أن يحضرها وزراء، وشيوخ وتجار وأثرياء، ما الميزة في ذلك؟

شعرت أني أفسدت على القوم حديثهم؛ ذلك أنهم كانوا يتحدثون بإعجاب عمن حضر الجنازة.. وشارك في العزاء.

- والله لا ينتفع الميت بحضور (علية القوم)، وإنما ينتفع أن يتبع جنازته أهل الصلاح ممن يعرفون هدي النبي صلى الله عليه وسلم  ممن يخلصون في الدعاء، وممن يرجى أن يستجيب الله دعاءهم، وينتفع الميت أن يصلي عليه العلماء وطلبة العلم والصالحون لا الوزراء والأثرياء والشيوخ، والعبرة بمدى قرب العبد من الله، لا بحظه من الدنيا، مع الأسف يفرح بعض الناس ويتفاخرون أن يشارك في عزائهم كبار القوم، وكأنهم يستخدمون وفاة فقيدهم ليظهروا للناس مكانتهم أمام أهل الدنيا، وينسون متوفاهم، وأنه ليس بحاجة إلى شيء من الدنيا، وأنه أحوج ما يكون إلى من يدعو له فيستجيب الله دعاءه ومن يشفع له، فيقبل الله شفاعته، وهذا ربما يكون طالب علم لا يعرفه أحد، ولكنه على خير مع رب العالمين، خيم شيء من السكوت على المجلس لثوان، كسره (بوحمد).

- نعم.. إذا فكر أحدنا بحال المتوفى تتغير نظرته للمشاركة في الجنازة، والصلاة عليها، واتباعها ودفنها وهكذا ينبغي أن يكون الأمر، ولكن كثيرا منا يغفل عن هذه القضايا، ويفعل كل ذلك من باب العادة والالتزام الاجتماعي.

عتبت عليه.

- هذا الذي يذهب إلى المقبرة للعادات والتقاليد الاجتماعية خير له ألا يذهب؛ لأنه يضيع وقته، ولا يستفيد، ولا يفيد، «من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل يا رسول الله وما القيراطان؟ قال: كل قيراط مثل أحد» متفق عليه.

«ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه» مسلم.

     (شفعهم) أي قبل شفاعتهم أي استجاب لدعائهم له، وهذا الذي ينبغي أن يحرص عليه العبد المؤمن، وأن يوصي أن يتولاه بعد موته من يعرف السنة، ومن يظن أنه مع أهل الصلاح وعلى خير مع الله -عز وجل-؛ لأنه في القبر، لا ينفع المال، ولا المنصب، ولا الجاه ولكن عمله والدعاء من الذين دفنوه، وهذه لا شك أعظم من إقامة العزاء، والنشر في الصحف والحرص على التباهي بمن حضر العزاء والدفن من الوزراء والأمراء والشيوخ والتجار، وغيرهم من علية القوم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك