رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 12 ديسمبر، 2022 0 تعليق

البشـــائر النبـــوية للأعمــال الخيرية (1) البشرى الأولى: دوام النعم

 

بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - القائمين على الأعمال الخيرية والمساهمين فيها سواء كان عملاً فردياً أم جماعياً مؤسسياً بنيل الأجر والفضل العظيم من رب العاملين في الدنيا، وحسن الخاتمة واستمرار الحسنات والمثوبة بعد الموت، وهذا الأجر يناله كل من عمل في هذا المجال وكان مخلصًا في عمله، ومتقنًا في أدائه، ومتبعًا للكتاب والسنة وموافقًا للشرع في كل مراحله، وسألخصها في عشر بشائر نبوية لمن عمل في هذا المجال وأدى عمله على أكمل وجه مدللاً عليها بما صح من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واليوم مع البشرى الأولى: دوام النعم.

     عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ». صحيح الترغيب والترهيب للألباني (2/358)، قال المناوي في فيض القدير: إن لله -تعالى- أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد أي لأجل منافعهم: ويقرها فيهم ما بذلوها أي مدة دوام إعطائهم منها للمستحق: فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم؛ لمنعهم الإعطاء للمستحق: قال -تعالى-: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

     فالعاقل الحازم من يستديم النعمة ويداوم على الشكر والإفضال منها على عباد الله، واكتساب ما يفوز به في الآخرة: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}. اهـ. والعاقل لا يتذمر، قال الفضيل: أما علمتم أن حاجة الناس إليكم نعمة من الله عليكم؟ فاحذروا أن تملوا وتضجروا من حوائج الناس فتصير النعم نقما!

     وفي فضل عمل الخير للآخر، قال -تعالى-:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.

     وفي حديث ابن عباس مرفوعا: «ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال، فإذا أحب الله عبداً، جعل حوائج الناس إليه» فاعلم إن كنت مقصوداً، إذا أقبل الناس عليك، وتوسموا فيك الخير، وعقدوا عليك آمالهم، ورجوا نوالك، فأنت ممن يحبك الله، أما إذا انصرف الناس عنك، وانفضوا ويئسوا منك، وأسقطوك من حساباتهم، فأنت ممن لا يحبهم الله -عز وجل.

      فهناك إنسان يعيش للآخرين، وهناك إنسان يسخر الآخرين له، وشتان بين الاثنين، إنسان يعيش للآخرين، وإنسان يسخر كل من حوله له.

     فالجوانب الخيرية- إن فعلت لوجه الله -تعالى-، فهي عبادة، وإن أخلصت النية، فتكون كل حركة وكل كلمة وكل جهد وكل تفكير وكل سلوك في دائرة ذلك المقصد تجارة مع الله -تعالى-. فكلما تصدق متصدق وأوقف وقفاً، وكلما ساهم مسلماً في عمل خيري، كان للداعي لها والدال عليها الأجر المثوبة من الله -تعالى.

من يفعل الخيرَ لا يعدم جوازيه

                                                      لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ

     ومن النماذج التي سطرها التاريخ في القيام على حاجات الناس، قال ابن القيم - رحمه الله في وصف شيخ الإسلام ابن تيميه-: «كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس».

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك