البشـــائر النبـــوية للأعمــال الخيرية (12) أهل المعروف أول الداخلين الجنة
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف». رواه الطبراني في الكبير، أمر الإسلام بالتعاون والبر والتقوى بين الناس، وحث على عمل ما أمر الله -تعالى-، وشدد على الانتهاء عما نهى الله عنه.
فالإنسان الذي صنع المعروف في الدنيا فإن الله -سبحانه وتعالى- سيصنع فيه معروفاً في الآخرة، لكن شتان بين المعروفين؛ معروف الدنيا أن يفرج عن المسلم كرباً في الدنيا، لكن في الآخرة يفرج الله عنك كرب القيامة، وهذا فضل من الله -تعالى- على عباده.
أهل المعروف في الدنيا
«إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» تنويه عظيم بفضل المعروف وأهله، فأهل المعروف، وأهل الإحسان في الدنيا هم أهل الجزاء الحسن الذي يعرف لهم عند الله -تعالى-، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة.
قال ابن الأثير: روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معناه يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة لهم معروفهم، وتبقى حسناتهم جامعة فيعطونها، فإن زادت سيئاتهم على حسناتهم يغفر لهم ويدخلون الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة.
صناعة المعروف صدقة
وصناعة المعروف صدقة يتصدق بها الإنسان عن أعضاء بدنه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، كل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى»، وقال: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء».
قضاء حوائج الناس
ولله عباد اختصهم بقضاء حوائج الناس، وتيسير عسرتهم، وتنفيس الكروب عنهم، حببهم إلى الخير، وحبب الخير إليهم، وصناعة المعروف، معاملة مع الله قبل أن تكون مع الخلق؛ ولذا فالمعروف يبذل لكل إنسان، وصناعة المعروف يقصد بها خدمة الآخرين وقضاء حوائجهم وهي حسية ومعنوية.
ولا يخفى على المرء ما لصانع المعروف من أجر عظيم، وثواب كبير، يمنحه الله -تعالى- جزاء لما صنع، ومقابل ما عمل وأبدع، لأن المعروف لا يُقبِل على عمله إلا من وفقه الله -تعالى-، والمعروف كل خير يعمله المسلم، حتى الكلمة الطيبة، والابتسامة في وجه أخيك، وما يقدمه المرء من مساعدة لقضاء حوائج الناس، فيساعد المريض، ويقضي حاجة الأرملة، ويمسح رأس اليتيم، وينشر الخير، فيعلم الجاهل، وينصح العاصي، ويأخذ على يد الظالم. وثمرات صنائع المعروف، صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا، ودخول الجنة، فإن أهل المعروف أول أهل الجنة دخولا، ومغفرة الذنوب والنجاة من عذاب الآخرة.
من المعروف جبر الخواطر
ومن المعروف جبر الخواطر، ومن المعروف إدخال السرور على القلوب، ومن المعروف تقديم المساعدة إلى أصحابها، وإغاثةُ الملهوف المحتاج، قد ذكر الماوردي أنَّ من استطاع في قوَّتهِ ونشاطه أداء معروف ما، وتقديمهُ واصطناعهُ فليفعل قبل أن يأتي يومٌ يعجزُ فيه عن فعلَ شيء، وكم من فرصةٍ تأتي؛ فإن ضاعَت فإنَّها لا تعودُ أبداً، فكم من خطواتٍ واثقةٍ أتت إليكَ فتركتها فأورثتْ ندما! ولو انتبهت إلى أحوال الزمانِ وتقلباتهِ، لما ضيَّعَت هذا المعروف والأجر العظيم.
قد ذكرَ المناوي أيضاً: أنَّ تقديمَ المعروف يقي ويُجنِّبُ العبدَ ميتةَ السوءِ، فتقي من الهلاك والآفات والأمراض والأخطار، فعليك بمخالطة الإخوان وصحبتهم بالمعروف.
أثرٌ يعود على الفرد والمجتمع
ولصنع المعروف مع الغير أثرٌ يعود على الفرد والمجتمع، فإدخال السرور على قلوبهم وذلك فيما يأتي: إنَّ من أحبِّ الأعمال إلى الله وأعظمها سروراً تُدخِلهُ على قلبِ مسلم، بأن تُشبِع جائعاً أو تكسو عرياناً، أو تسعى في حاجة كبيرٍ، أو أرملةٍ أو عاجز، والتبسمُ في وجهِ أخيك المسلمِ صدقةٌ ومعروف ؛ فكم من معروفٍ غيَّر حياةَ الآخرين! وكم منَ محتاجٍ لنصيحةٍ أسديَت له، فغيَّرت مجرى حياتهِ للأفضل! فالمسارعةُ المسارعة بمساعدة كلِّ محتاجٍ للرعاية بكلِّ أنواعها.
من فوائد الحديث
1- في الحديث الحث على عمل المعروف مطلقا، وتجنب المنكر.
2- فضل صنع المعروف وعمل البر في وقاية صاحبه من الآفات والهلكات المستقبلية، ومصارع السوء.
3- من بذل خيره للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة.
4- من ثمرات صناعة المعروف صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا.
لاتوجد تعليقات