رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 16 مايو، 2023 0 تعليق

الانهزام النفسي آفة حذر منها الإسلام

 

لا شك أنّ الانهزام النفسي قد يتسرّب إلى كثيرٍ من الشباب والرجال، لكن تظل للتربية أثرها الكبير في تكوين الشخصية وتحديد اتجاهها فيما يُستقبل من حياتها؛ لأنّ كل إنسان يُولد على الفطرة التي هي النقاء الخالص، والاستعداد لقبول الخير والشر، فلو تُرك المولود على ما فطر عليه لاستمرّ على طُهره، لكن الأبوين والبيئة التي ينشأ فيها لهم الدور الأكبر في إعداده.

     وقد يكون غياب المسؤولية وعدم تشجيع المتربي على تحملها من أهم الأسباب المؤدية إلى الانهزام النفسي واحتقار الذات؛ ذلك أنّ التعويد على المسؤولية يمنح المرء ثقة بنفسه، واحتراما وتقديرا لها؛ بحيث يُوقن أنه لا يُوجد شيء في الحياة صعب المنال، وحين يُهمل المرء من التّعويد على المسؤولية والتشجيع، تُوسوس له الشياطين، وتُسوّل له النفس الأمارة بالسوء أنه ما أُهمل بهذه الصورة إلا لأنّه لا يُحسن شيئًا، فيفقد الثقة بنفسه ويحتقرها.

     إن آباءنا وأجدادنا، ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الثقة بالنفس، والعزة والإباء، تلك التي عرفوا بها قبل الإسلام، إلا بالتعويد على المسؤولية منذ نعومة أظفارهم، بل والتشجيع المستمر، وجاء الإسلام وأكد هذا، بل حوّله من مجرّد عادة وعُرفٍ إلى شرعة ودينٍ.

     وعرفنا ذلك أيضًا من سيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه عمل في صباه في رعي الغنم، وفي التجارة، وساعد في تجديد الكعبة، وشارك في حرب الفجار، وحلف الفضول، وأنّ هذه الأعمال أسهمت في إعداده وتهيئته لحمل أمانة الدعوة، والبلاغ، والجهاد بعد ذلك.

     ولا شك أن عيش المرء في بيئة معروفة بالانهزام النفسي والاحتقار للذات من بين الأسباب المؤدية إلى الوقوع في براثن هذه المشكلة، سواء كان هذا الوسط قريبًا وهو البيت، أم بعيدًا وهو المجتمع، ذلك أنّ المرء شديد التأثر بالوسط الذي يعيش فيه، وعليه فإذا كان هذا الوسط محتقرًا لنفسه أو منهزمًا، فإنه يُؤثر على كل من فيه ويصيبهم بالاحتقار للذات.

     ولعل هذا من بين الأسرار التي من أجلها نهى الشارع الحكيم أن يُحقر المسلم أخاه المسلم أو ينال منه بحال؛ إذ يقول الحق- تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَان} (الحجرات: 11).

     ويقول النبي-  صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ». رواه البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما.

     لذلك فأول خطوات التخلص من هذه الآفة هي الاستعانة بالله، ودوام الضراعة إليه أن يخلصه ويخلص كل مسلم منها ومن آفة الاحتقار أو الانهزام النفسي، وهو -سبحانه- يعين من يصدق في الاستعانة به، واللجوء إليه، وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان كثيرا ما يدعو بهذا الدعاء في الصباح والمساء: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال». رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك