الانتصــــار لأسماء الله الحسنى ضد إلحاد مسلسل كرتوني في قناة mbc
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فلا يخفى ما تنَزَّل به القرآن العظيم وعموم الكتب المقدسة المنَزَّلة على المرسلين -عليهم الصلاة والسلام- بما يجب من تعظيم الله وإجلاله وتَنْزِيهه عما لا يليق به -سبحانه- في ذاته وفي أسمائه وصفاته وفي أحكامه وأفعاله، وأدلة ذلك من نصوص الوحي الكريم كثيرة مشهورة، وهو أمر مستقر في الفطرة الإنسانية المستقيمة.
وقد توعد الله -جل جلاله- من حاول أذيته سبحانه: فقال الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } (الأحزاب: 57).
وحكم الله بالذُّلِّ والصَّغار على من رام محادَّته جلَّ وعلا، أو أراد الإلحاد في أسمائه وصفاته، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } (المجادلة:5)، وقال تعالى وتقدس: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} (المجادلة:20).
ومما تأذى منه المسلمون وأنكروه ما اقترفته قناة mbc من بث المسلسل الكرتوني (التسعة وتسعون - The Ninety Nine)، وفكرة هذا المسلسل ترتكز على تجسيد أسماء الله الحسنى في شخصيات آدمية كرتونية، بما يتضمنه ذلك من أذيةٍ لله سبحانه ومحادَّةٍ له، وإلحادٍ في أسمائه وصفاته، فإذا كان المشركون الأوائل أطلقوا على أصنامهم اسم اللات مُلْحِدِين في الاسم الكريم (الله)، والعُزَّى إلحادًا من الاسم الكريم (العزيز)، ففي هذا المسلسل جعلوا شخصياته متسلسلة بأسماء الله التسعة والتسعين، فمن الشخصيات المخترعة: عليم: يعلم الغيب، ويتنبأ بما سيحدث! وبارئ: له قدرة على شفاء المرضى! وجبَّار؛ لأنه ذو بنية وعضلات قوية، وضار؛ لأنه يؤذي الجميع، وباطن وصمد ومميت، وجليل وفتاح... إلخ.
فما أحقهم في إجرامهم بقول الله سبحانه: { وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} (الأنعام: 100)، وفي التنزيل الحكيم: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} (نوح:13)؛ أي: لا تعظِّمون الله حقَّ عَظَمَته، ولا تخافون من بأسه ونقمته.
سبحان ربِّنا ربِّ العزة عما يَصِفُون، وعما يُشَبِّهون، وعما يُلحدون: {لَقَد جِئتُم شَيئًا إِدًّا ﴿89﴾ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأَرضُ وَتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا} (مريم:89، 90).
ولا يرتاب مسلم أن هذا العمل نوع من الإلحاد في أسماء الله جلَّ وعلا، وقد توعد الله أهل هذا المسلك الباطل، فقال سبحانه: {. وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف180).
قال العلماء:
حقيقة الإلحاد في أسماء الله: الميل بها عما جُعلت له؛ إما بأن يُسمَّى بها من لا يستحقُّها - ولا مستحقَّ لها إلا هو سبحانه - وإما بنفي معانيها وتحريفها، كأن يُجعل لها معنى لم يُرِدْه اللّه ولا أراده رسوله، وإما أن يشبَّه بها غيره.
وتأكيدًا لبُطلان هذا المسلسل وخطره على العقيدة الإسلامية، فقد صدرت فتوى من أشهر وأكبر مرجعية شرعية للفتوى بالمملكة، بل في العالم الإسلامي، وهي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، مؤكدة أن المسلسل الكرتوني (الأبطال التسعة وتسعون 99): «عملٌ باطلٌ يجب إنكاره والنهي عنه تعظيمًا لأسماء الله وصفاته»، والفتوى بتوقيع سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وستةٍ من أعضاء هيئة كبار العلماء أعضاء لجنة الإفتاء، وهم أصحاب الفضيلة والمعالي المشايخ: صالح الفوزان وعبدالله المطلق، وأحمد المباركي وعبدالكريم الخضير، ومحمد آل الشيخ وعبدالله بن خنين.
فوجب على المسلمين أن يحذروا على أطفالهم من هذا المسلسل ومن فساد عقيدتهم إن تابعوه في قناة mbc أو في غيرها، فهو بذرة؛ لأن يكون أطفالهم ملحدين بالله وبأسمائه وصفاته، وقد صرح مؤلف المسلسل بأنه يستهدف الأطفال، وأنه يريد أن يقدم لهم الإسلام - كما يقول - بعد أن «يعاد تصميمه»!
ناهيك عن الأجندة التي رصدها المتخصصون في التربية والإعلام لعدد مما تعرضه قنوات mbc، وفيه هدم القيم والمعتقدات الإسلامية، مع الأخذ في الاعتبار بأن 40% ممن يتابعون تلك المجموعة هم ممن أعمارهم أقل من 15 عامًا، ولا مستمسك لما قد يقال من مشاركة بعض فضلاء العلماء والمثقفين فيها أحيانًا، فهذا إنما هو لتقليل ما فيها من السوء.
وحيث لا زال التمادي بعرض هذا المسلسل برغم ما فيه من إلحادٍ في أسماء الله تعالى، وهذا جُرمٌ عظيم بنص القرآن الكريم، وبفتوى العلماء المشار إليهم عن هذا المسلسل الأثيم، مع ما يؤدي إليه من إفساد فطرة الأطفال، وقد وصل به أصحابه إلى عرضه في عشرات الدول وبلغات متعددة، فقد بات من المتعين الاستجابة الفورية في منع أذية الله -جل وعلا- بهذا الفيلم أو غيره، وذلك:
1- أن تستجيب مجموعة mbc لفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، وتوقف بث المسلسل الكرتوني (التسعة وتسعون - The Ninety Nine) فورًا، وأن تقدم الاعتذار الصريح عما تضمنه من إساءة للعقيدة الإسلامية وأذية للمسلمين في أشرف ما يعتقدون.
2- يتعين على مسؤولي الثقافة والإعلام وأهل الحل والعقد في الدول الإسلامية - ولاسيما ممن لا زالوا يبثون المسلسل المشار إليه - وهم بحمد الله مسلمون، مؤتمنون، أما قادتهم وشعوبهم على ثقافة الأمة، وقد أقروا مؤخرًا ميثاقًا في ذلك - يتعين عليهم إيقاف هذا العبث والإلحاد في أسماء الله تعالى وتقدس، وأن يمنعوا عرض هذا المسلسل وما أشبهه مما يناقض العقيدة ويهدم القيم، مع إجراء مراجعة شاملة لمنهجية قنوات mbc وما أشبهها، وهل هي محققة للمصالح العليا الوطنية والعربية والإسلامية، وإن أصرت القناة على غيها، فبأيديهم إغلاق مكاتب القناة، وتعطيل ترخيصها، وليتذكروا أن الله جل شأنه أعظم من كل شيء.
3- يتعين على رجال الأعمال والشركات التي تدفع الأموال للإعلان في مجموعة mbc أن يعلموا أنهم يدفعون أموالًا فيها أذية الله والإلحاد في أسمائه، فوجب أن يوقفوا دعمهم لهذه القنوات وما أشبهها، فما ظنهم بربِّ العالمين - الذي أسبغ عليهم النعم - أن يجعل عاقبتهم في أنفسهم وفي تجارتهم وأموالهم؟! وهم شركاء في الوزر، وأعوانٌ في أذية الله سبحانه.
4- يجب على المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) - وهي المنظمة الرائدة في مجالها - أن يكون لها مبادرتها في حماية عقيدة المجتمعات الإسلامية وثقافتها، كما هو مقتضى ميثاقها - وهكذا المنظمات التربوية والثقافية المشابهة لها - ومن ذلك كشفها لخطورة البرامج والمسلسلات الموجهة كالمسلسل المشار إليه، وأحيلها لهذه الدراسة التحليلية: لمجموعة قنوات mbc:
لاتوجد تعليقات