رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 16 نوفمبر، 2020 0 تعليق

الانتخابات النيابية.. نظرة شرعية – يجب أن نختار من يصلح لقيادة الأمة من الأكفاء والمؤهلين


يختار الله من عباده من يشاء لنفع الناس عامة، ومن ذلك اختيار الأنبياء ومن دونهم في المسؤوليات، فاختار الله -عز وجل- الأنبياء، وأمرهم بأن يصطفوا لأقوامهم مَن يصلح لقيادة أمتهم، وهذه قضية عظيمة الأهمية في التربية والتوجيه. ويكون الاختيار بناءً على الخيرية، فالخيِّر مَن سبق إلى الله -سبحانه وتعالى- بطاعته، فهو السابق في الدنيا والآخرة، وهذا الذي ينبغي أن يُقدَّم، فالله هو المقدم والمؤخر؛ فمَن قدمه الله -عز وجل- إلى طاعته فهو المقدَّم، ومن أخره فهو المؤخر، والمبادرة إلى الخيرات سبب الفوز عند الله -تعالى-، كما أن الصوت الانتخابي والانتخابات النيابية مسؤولية كبرى وأمانه عظمى في عنق الناخب والمرشح، ويجب أن يُختار الأخيار أهل الصفات الحميدة، وأهل المحافظة على الصلوات، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله، ومن أظهر عمل الخير، فمن أظهر الاستقامة على دين الله بالمحافظة على الصلوات وأداء حق الله، وترك محارم الله، فهذا يقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: متقٍ أيضًا، فالمؤمن ينظر في أصحابه وأخلائه، ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاة، أهل الاستقامة، أهل السمعة الحسنة؛ حتى يعينوه على طاعة الله، وحتى يستشيرهم فيما يشكل عليه، وحتى يتعاون معهم في الخير.

الاختيار والتفضيل من الله

     في مسألة الاختيار، فإن الله يختار من عباده من يشاء لنفع الناس عامة، ومن ذلك اختيار الأنبياء ومن دونهم في المسؤوليات، قال الله -سبحانه وتعالى- {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} (القصص:68)، وقال -تعالى-: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا} (الإسراء:21). إذًا هناك تفضيل في الدنيا بين البشر، وهذا لحكمة يعلمها الله -سبحانه.

     قال د. ياسر حسين محمود: «وهذا الاختيار والتفضيل من أدلة وحدانيته -سبحانه وتعالى-، ومن دلائل ربوبيته واستحقاقه وحده -عز وجل- أن يُعبد ويشكر؛ فهو -سبحانه وتعالى- لم يسوِّ بين عباده؛ لأنه يُحب أن يشكر، كما في الحديث: «وَرَفَعَ عَلَيْهِمْ آدَمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَرَأَى الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ، وَحَسَنَ الصُّورَةِ، وَدُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَبِّ لَوْلا سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ؟ قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ» (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

اصطفاء من يصلح لقيادة الأمة

يؤكد د. ياسر حسين محمود: أن «الله -عز وجل- قد اصطفى الأنبياء، وأمرهم بأن يصطفوا لأقوامهم مَن يصلح لقيادة أمتهم، وهذه قضية عظيمة الأهمية في التربية والتوجيه».

كيف نختار المرشح؟

     يبين د. ياسر حسين محمود كيفية اختيار من يحمل الأمانة والمسؤولية فيقول:» وإنما يكون الاختيار بناءً على الخيرية، فالخيِّر مَن سبق إلى الله -سبحانه وتعالى- بطاعته، فهو السابق في الدنيا والآخرة، وهذا الذي ينبغي أن يُقدَّم، فالله هو المقدم والمؤخر؛ فمَن قدمه الله -عز وجل- إلى طاعته فهو المقدَّم، ومن أخره فهو المؤخر، والمبادرة إلى الخيرات سبب الفوز عند الله -تعالى-».

     وقال د. عادل المطيرات في كلية الشريعة بجامعة الكويت:» إنها والله مسؤولية كبرى وأمانة عظمى في عنقك يوم القيامة! إن هذا الصوت الذي تعطيه أمانة وتزكية منك إليه، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {والذين لا يشهدون الزور}، إنك إذا منحت صوتك لأحد فكأنك تقول: إنه صادق أمين، وإن صوتك أمانة، وإعطاءك إياه لمن لا يستحق خيانة، والخيانة حرام وهي من النفاق، اسمع قول نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: «آية المنافق ثلاث..» وذكر منها «وإذا أوتمن خان».

اختيار الأخيار الطيبين:

     يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله - في جوابه على معنى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي»، أي أن: «تتخذ الأخيار أهل الصفات الحميدة، أهل المحافظة على الصلوات، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله، من أظهر عمل الخير، فمن أظهر الاستقامة على دين الله بالمحافظة على الصلوات وأداء حق الله وترك محارم الله، فهذا يقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: متقٍ أيضًا».

     وأكد الشيخ ابن باز - رحمه الله - اختيار الأخيار الطيبين فقال: «فالمؤمن ينظر في أصحابه وأخلائه ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاة، أهل الاستقامة، أهل السمعة الحسنة؛ حتى يعينوه على طاعة الله وحتى يستشيرهم فيما يشكل عليه، وحتى يتعاون معهم في الخير».

     وبين د. عادل المطيرات المسؤولية الملقاة على عاتق الناخب فقال:» إن عليك أخي الناخب واجبا عظيما، وهو أن توصل إلى قبة البرلمان الصادق الأمين، توصل من يستحق الوصول، توصل من يتصف بالصدق والأمانة وحب الخير للناس، توصل من يشهد له الناس بالخير والفضل وخدمة دينه وأهله وبلده، توصل من همه إصلاح العباد والبلاد، من يحب الراعي والرعية، ويحرص على وحدة البلد، وينبذ الفرقة والاختلاف».

خطورة اختيار عدم الكفء وغير المؤهل

     ومن أعظم أسباب فساد المجتمعات والأمم أن تسند الأمور إلى غير أهلها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله: «متى الساعة؟»، فقال: «إِذَا ضُيِّعَتْ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ»، قَالَ: «كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟»، قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ» (رواه البخاري).

     ولاشك أن من يُختار للرقابة على أداء الجهات التنفيذية في الدولة وأيضا لتشريع القوانين يجب أن يكون من أهل الكفاءة والقدرة، ولا ينبغي اختياره لعصبية أو طائفية أو فئوية أو حزبية؛ لذا جاء التوجيه الرباني في الآية الكريمة لاختيار القوي الأمين قال -تعالى-: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص:26).

أساس الاختيار:

     ولا يكون أساس الاختيار لمن هو أكثر مالاً أو أعلى نسبا أو أعظم جاهًا ومنزلة، ولا لمن يقدم لك خدمة فقط لينال صوتك في الانتخابات، فإن هذه من علامات قلة الأمانة والخداع والغش؛ فموسى -عليه السلام- اختار سبعين رجلاً لميقات ربه -عز وجل-، اختار الأفضل فالأفضل بحسب طاعة الله -سبحانه وتعالى-، وبحسب الأهلية المناسبة للوظيفة التي يُختارون إليها في قيادة الأمة، وقد ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا}: الخيِّر فالخيِّر».

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك