الاختراق الإيراني علىالدول العربية… أبعاده ودلالاتهمراقبون أكدوا وجوده:التشيــع الإيــراني يواجه حربا أمنية دينية ضروسا في المغرب
المحاولات الإيرانية للاختراق على المجتمع المغربي
ويكاد يتفق المختصون والإعلاميون على أن التشيع في المغرب ليس بالظاهرة المنتشرة مما يزعج بال الحريصين والقائمين على "الأمن الروحي" للمغاربة، وعلى وحدة المذهب المالكي الذي يدين به المغرب رسميا منذ عقود وأجيال عديدة.
لكن هؤلاء المحللين يرون بالمقابل في محاربة السلطات المغربية للتشيع الإيراني محاولة لقياس الحجم الحقيقي للتيار الشيعي مع الرغبة في الضغط عليه وترويضه وإخضاعه.
كانت العلاقات المغربية ـ الإيرانية على مر العقود الثلاثة الأخيرة محل مد وجزر، وكان التوتر يسود أغلب فتراتها، وما إن يحل الدفء قليلا بين البلدين حتى يعود الجفاء وتبرد أطراف العلاقات الدبلوماسية والثقافية بين الطرفين لاعتبارات شتى منها أن النظام الإيراني لم ينس أبدا مبادرة المغرب باحتضان "الشاه" بعد أن أطاحت به "ثورة" الخميني أواخر السبعينيات، فهم ـ أي الإيرانيون ـ رأوا في ذلك الاحتضان تواطؤا مفضوحا للمغرب مع عدو "الثورة"، فلجأ الإيرانيون إلى كيل الذم اللاذع أحيانا إلى المغرب ونظامه السياسي.. ولم تمر الزوبعة بسلام فقد أثار تكفير رابطة علماء المغرب ـ حين كان أمينها العام هو العلامة المغربي عبد الله كنون في بداية الثمانيينات من القرن المنصرم ـ للخميني ضجة لم تهدأ إلا بعد أن توفي الخميني.. ومرت السنون وعلاقات البلدين تتأرجح بين الباردة والفاترة إلى أن حلت الأزمة الأخيرة المرتبطة بتصريحات مسؤول إيراني حول التبعية التاريخية لدولة البحرين لإيران، وهي التصريحات التي تدخل بسببها المغرب معبرا عن رأيه ودعمه للبحرين، فكانت النقطة التي أفاضت كأسا كان ممتلئا أصلا، وحدثت القطيعة السياسية، وتلتها "حرب" نسقت فيها السلطات الأمنية الجهود مع المسؤولين في الشأن الديني بالمغرب ممثلين في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لكبح جماح التشيع في البلاد ومحاصرة هذا المد العقائدي الذي يمثل "خطورة على الأمن الروحي للمواطنين ومسا بوحدة المذهب المالكي".
"حرب" أمنية ودينية
وتمثلت الحرب على التشيع الإيراني في المغرب في واجهتين اثنتين: الأولى أمنية والثانية دينية؛ فبالنسبة للجانب الأمني، سارعت الدولة إلى اعتقال من رأتهم متشيعين أو متعاطفين مع "حزب الله" اللبناني أو لديهم ميولات إيديولوجية اتجاه إيران خاصة بعد "الإنجازات" السياسية التي حققها حزب الله في حربه مع الكيان الصهيوني عام 2006. وكانت الاعتقالات فقط من أجل جس النبض واستنطاق هؤلاء المغاربة المتشيعين ثم أطلقت السلطات سراحهم سريعا بعد أن حصلت منهم على معلومات تخص مسارهم في الحياة ومتى أو كيف تشيعوا ولماذا يحتفظون على كتب لأئمة من الشيعة، وهو ما حدث مع رئيس إحدى الجمعيات بمدينة الحسيمة شمال المغرب خلال شهر مارس المنصرم، حيث استنطقه رجال الأمن زهاء عشر ساعات حول العلاقة بين كتب باقر الصدر وحسين فضل الله التي وجدوها عنده وبين اتهامه بالتشيع .
وزكى هذا المنحى بيان وزارة الداخلية المغربية الذي أصدرته نهاية شهر مارس الفائت أكدت فيه حرصها الكامل على "التصدي بكل حزم، وفي إطار القوانين الجاري العمل بها، لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي، ولكل المنشورات والكتب والإصدارات التي ترمي إلى المس بقيمه الدينية والأخلاقية".
وكرس هذا التوجه الحازم للسلطات بالمغرب إغلاقها للمدرسة العراقية التكميلية بالرباط بسبب ما قالت وزارة التعليم إنه محاولة من المناهج التربوية والتعليمية بالمدرسة لتغيير عقائد التلاميذ السنية ودفعهم لاعتناق المذهب الشيعي، بعد أن رفع مواطن عراقي يقطن في المغرب دعوى ضد المدرسة يشتكي من توجهاتها وإجبارها أطفاله الثلاثة على تبني أفكار شيعية..وحرصت السلطات المغربية أيضا على استدعاء طلبة الجامعات الذين يدرسون اللغة الفارسية من أجل استنطاقهم حول اختياراتهم اللغوية والدراسية وأسبابها، كما أن هذه اللغة تم حذفها وإلغاؤها في بعض تخصصات الجامعة.
أما المواجهة الدينية على التشيع الإيراني بالمغرب فتمثلت في توجيه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لخطباء المساجد بأن يخصصوا دروسهم الوعظية وخطب الجمعة خاصة للتحذير من مغبة الانجرار وراء المذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة التي تحملها المعتقدات الإيرانية، وللدعوة إلى تضافر الجهود من أجل صيانة المذهب المالكي السني الذي يقره المغرب على المستوى الرسمي.
ويعتبر لخلافة عبدلاوي، الباحث المغربي في الشأن الديني، في حديث لمجلة الفرقان التشيع في المغرب قضية جديدة ـ قديمة، وقد كانت البداية منذ سنوات عندما لوحظ هجوم للكتب والمجلات الشيعية على السوق المغربي استغلالا للانفتاح الذي شهدته البلاد، وكان المغاربة يقتنون تلك المؤلفات بصورة طبيعية ولا يأبهون أنها وسيلة للتشيع؛ لأنهم محصنين إلى حد ما".
وأضاف الباحث أن الحرب بين لبنان و"إسرائيل" عام 2006 دعمت ظهور نجم "حسن نصر الله" بوصفه بطلاً قومياً عندهم استطاع أن يقوم بشيء لم يقم به الزعماء العرب لدحر الكيان الإسرائيلي بقوته وغطرسته مما ولد إعجابا شعبيا به داخل المغرب.
لاتوجد تعليقات