الإلحاد المعاصر وخطره على شباب الأمة
لابد من تنبيه أولياء الأمور لهذه الظاهرة الخطيرة وتنمية دورهم في تربية أبنائهم على الإيمان
الإلحاد خطره عظيم لأنه كفر بالله عز وجل وميل عن طريقه القويم
مما يساعد على مقاومة الإلحاد معرفة بعض دوافعه لكبتها وتجفيف منابعها ودحض شبهاتها
تشهد أمتنا الإسلامية في عصرنا الحالي أزمةً دينية وفكرية متصاعدة، وقد انتهى الأمر بالكثير من الشباب المسلم -مع الأسف- إلى مستنقع الإلحاد؛ حيث أخذت ظاهرة الإلحاد بالانتشار في صفوف شباب الأمة، ومن يتابع الوسائل الإعلامية على اختلاف أنواعها اليوم يجد أن الحديث عن الإلحاد وانتشاره أخذ بالظهور في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية، فضلا عن العديد من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أخذت بعض القوى في دعم الجماعات والأفكار الإلحادية، التي تستهدف هدم المجتمع المسلم وزعزعة ثوابته ومعتقداته، وقد أقامت هذه القوى العديد من المخططات التي تستهدف نشر الإلحاد بطريقة مملة، وذلك من أجل نزع القيم والمعتقدات الإيمانية من نفوس الشباب المسلم، وتفريغهم من الرقابة الذاتية على أنفسهم ومراقبة الله -عز وجل- في أفكارهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم الحياتية، وقد أخذت هذه الظاهرة بالانتشار إلى أن أصبحت خطرًا داهمًا يوجب الحذر منه لحماية المجتمع المسلم وشبابه.
الإلحاد خطره عظيم
والإلحاد خطره عظيم؛ لأنه كفر بالله -عز وجل- وميل عن طريقه القويم، ويتضمن الكثير من الأفكار والمعتقدات التي تخالف الفطرة السليمة، وتناقض قيم الإسلام، فهو يقود إلى التطاول على الله -عز وجل- ونبيه - صلى الله عليه وسلم -، بل هو سبيل إلى التكذيب بوجود الله -جل وعلا- والبعث ووجود الجنة والنار، وقد هدد الله -عز وجل- أهل الإلحاد في كتابه الكريم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}(فصلت:40)، وقال -تبارك وتعالى-: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}(الأعراف:180).
ترويج الإلحاد
وقد اتخذ مروجو الإلحاد العديد من الوسائل في عصرنا الحالي لترويج أفكارهم الضالة المضلة، ومعتقداتهم الفاسدة المفسدة، وبدأ شر الملحدين يزداد في الآونة الأخيرة، فأخذوا يصرحون بأفكارهم ومعتقداتهم عبر مختلف وسائل الإعلام المتاحة، ووسائل التواصل الاجتماعي، -ومع الأسف- فإن الكثير من هؤلاء نشؤوا في بيئة مسلمة، ولكن الشياطين زينت لهم الخروج عن الطريق القويم.
مقاومة الإلحاد
ومما يساعد على مقاومة الإلحاد ونشاط الملحدين: معرفة بعض دوافعه، لكبتها، وتجفيف منابعها، ودحض شبهاتها. ودوافع إلحاد الملحدين متعددة: فمنهم من يدفعه للإلحاد الانقياد لانطباعاته الشعورية وانفعالاته النفسية في فهم الكون والحياة، أو بالنظر إلى الدين وأثره في المجتمع، ومنهم من ينقاد مع التيار الجارف نتيجةً للضعف في دينه ونفسه، ومنهم من يدفعه للإلحاد الحصول على منافع دنيوية؛ لأنهم يرون في الإيمان بوجود الخالق عقبةً في سبيل تحقيق غاياتهم التي يقربها إليهم الإلحاد، ومنهم من كان إلحاده نتيجةً لتعارض قناعاته العلمية مع معتقدات دينه التي تنبني عليها التشريعات الحياتية والنظر إلى طبيعة الكون والحياة.
ضعف المعتقدات الدينية
وأيا مّا كان الدافع إلى الإلحاد فإنه ينبئ عن أمر في غاية الخطورة، وهو ضعف المعتقدات الدينية لدى كثير من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة، ولا سيما في فئة الشباب الذين قد ينطلي عليهم فكر الإلحاد المظلم وآثاره المدمرة على المجتمعات الإنسانية عموما، والمجتمعات المسلمة خصوصا.
صراعات وأزمات سياسية واجتماعية
وإن ما تشهده الساحة العربية والإسلامية اليوم من صراعات وأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية يسهم إسهاما كبيرا في الترويج لظاهرة الإلحاد، كما أن سهولة التعبير عن الخواطر التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي اليوم قد يزيد من احتمالات تضخيم موجة الإلحاد التي بدأت بالتصاعد لدى شباب الأمة الإسلامية اليوم، ومن مظاهر ذلك التأويلات المنحرفة التي تنتشر في أوساط الشباب للتشريعات الإسلامية وتقود إلى استسهال التطاول على الدين وما يتضمنه من تشريعات ومعتقدات.
النزعة الصدامية
وقد حذر الكثير من المفكرين الإسلاميين من النزعة الصدامية التي يندفع بها الملحدون اليوم، ولا سيما في ظل انتشار العديد من المؤلفات الإلحادية، وفي مقدمتها مؤلفات بعض مروجي الإلحاد ممن يقرر أن الصدام أمر ضروري في عصرنا الحالي.
هدم المعتقدات كافة
وقد أشار أحد الباحثين إلى أن خطر الإلحاد غير مقتصر على النزعة الصدامية التي يتصف بها في عصرنا الحالي، بل إنه يتعدى ذلك إلى هدم المعتقدات كافة عند الإنسان، وتحويله إلى كائن مادي لا قيمة له ولا غاية، ولذلك فإن التسامح مع أصحاب الفكر الإلحادي أصبح أمرا شبه مستحيل؛ حيث إن الأفكار والمعتقدات التي ينتحلونها تتسبب في انهيار الروابط الدينية والاجتماعية التي تؤمن بها مجتمعاتهم، ومن ثم فإنها تقود إلى هدم المجتمع بأكمله، وشدد العديد من الباحثين على أن مكافحة الإلحاد في العالم الإسلامي باتت أمرًا حتميًا.
الأساليب العلاجية
ولخطورة الفكر الإلحادي وانتشاره في أوساط الشباب المسلم فإنه من الضروري أن نتخذ العديد من الطرائق العلاجية التي يمكن أن تسهم في الحد من انتشار هذه الظاهرة والقضاء عليها، ومن هذه الطرائق:
(1) دور الحكومات الإسلامية
قيام الحكومات الإسلامية بواجبها في منع أسباب ظهور الإلحاد وانتشاره بين شباب المسلمين، سواء كان ذلك من خلال البرامج الإذاعية أم الكتب والمجلات أم وسائل التواصل الحديثة، وذلك بالتصدي لمروجي الإلحاد وكف شرهم عن العباد والبلاد بكل وسيلة مشروعة، ولا يفوتني هنا الإشادة بالموقف المشرف للمملكة المتمثل في إلزام اليوتيوب بمنع الإعلانات المخالفة والخادشة للحياء وإزالتها.
(2) تعزيز نشر القيم الإسلامية
تعزيز نشر القيم الإسلامية من خلال الجهات المعنية مثل وزارات الإعلام والمؤسسات التعليمية والتربوية، وذلك ببث البرامج الهادفة التي تسهم في غرس الدين الإسلامي ومبادئه ومعتقداته في نفوس الشباب المسلم وتكثيفها، وتُكرِّه إليهم الإلحاد والكفر والفسوق وسائر أسباب الانحراف.
(3) توظيف وسائل الإعلام
توظيف وسائل الإعلام المختلفة ولا سيما التي يكثر استخدام الشباب المسلم لها مثل مواقع التواصل الاجتماعي في الرد على الشبهات الإلحادية التي تشكك في وجود الله -عز وجل- وفي معتقدات ديننا الحنيف.
(4) تعزيز التواصل مع الشباب
تعزيز التواصل مع الشباب الذين أصابتهم هذه الفتنة، وإرشادهم إلى طريق الحق والرد على الشبهات التي يتعرضون لها.
(5) تنبيه أولياء الأمور
تنبيه أولياء الأمور لهذه الظاهرة الخطيرة وتنمية دورهم في تربية أبنائهم على الإيمان وتوجيههم إلى الطريق القويم، استشعارا لقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّكُم رَاعٍ، وَكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
(6) ربط النشء بالقرآن الكريم
ربط النشء بالقرآن الكريم بتكثير حلقات التحفيظ للذكور والإناث، وتيسير الالتحاق بها ودعمها ومساندتها بما يساعد على أداء مهامها ونشر رسالتها.
(7) تشديد الإجراءات القانونية
إحالة المروجين للأفكار الإلحادية المصرين على إفساد المجتمعات المسلمة ومن يعاونهم إلى القضاء لتنفيذ أحكام الشريعة فيهم.
لاتوجد تعليقات