رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 26 مارس، 2012 0 تعليق

الإضرابات ومصالح البلد العليا

ما إن أعلن قانون الخدمة المدنية زيادة الرواتب 20 بالمئة إلا وبدأت الإضرابات تعم أرجاء الدولة فكل نقابة يتم الضغط على مجلس إدارتها لتقوم بالدعوة للإضرابات وشل حركة الخدمات، فهم موظفون في إدارة العمل والحقيقة أنهم معطلون لحركة العمل من أجل لي ذراع الدولة لتستجيب لمطالبهم بالزيادة والكادر، فكم هو مؤلم أن تكون هناك أنانية في التفكير وحسد ومقارنة تبحث عن المساواة ولا تبحث عن العدل، فاصبح حب الوطن شعارا يغردون به خارج السرب، والمطالبة بتطبيق الشريعة على الدولة وليس على الأفراد!!

       ما أبشع تلك الصور التي تبثها وكالات الأنباء عن تعطيل مرافق الدولة، وخلو أرفف الجمعيات والارتفاع الجنوني للأسعار، ودعاوى وشكاوى على من قام بتعطيل مصالح الناس.. فعاصفة الإضرابات أو ما يسمى «تسونامي» الإضرابات عمت البلد! فالكل يشعر أنه مظلوم والكل يقول: وعدونا وأخلوا بالتزاماتهم، وهكذا.

       ولو نظرنا إلى أن الخلل لا يتحمله المواطنون وحدهم بل الحكومة شريكة في ذلك والسبب أنها وعدت بإعادة الدراسة لجميع الرواتب ووضع هيكلة عادلة ولم تنفذ، وأيضا لعدم الحزم في الرد بالإيجاب أو بالسلب، ولعدم ضبط الأسعار، وعدم أخذ تعهد على جميع الموظفين بعدم الإضرابات أثناء العمل.

النتائج المضرة

أما ما تسببه هذه الإضرابات من مخالفات شرعية وقانونية فكثيرة منها:

- الأنانية في التفكير وعدم تقديم المصلحة العامة على الخاصة.

- تعطيل مصالح الناس ومرافق الدولة، وهذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا ضرر ولا ضرار»، وتقول القاعدة الشرعية «الضرر يزال».

- هدر المال العام وفي الحديث: «وكره لكم ثلاثا، ذكر منها: إضاعة المال».

- عدم الرضا بقضاء الله وقدره وعدم القناعة براتبه؛ لأن هذه هي شهادته وهذه وظيفته، قال تعالى: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق}، وحديث: «فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط».

- إذكاء روح الفوضى والفساد الإداري، قال تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.

- سنة سيئة: من بدأ بهذا الإضراب وعطّل المرافق وحصل على مبتغاه أو لم يحصل ثم جاء الباقون وأرادوا السير على النهج نفسه فإنه يلحق الأول الإثم وهكذا، ففي الحديث: «من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

- تضعف علاقة ولي الأمر بالشعب وتضعف هيبة الإجراءات وقد نصبح مثل الغاب، القوي يأكل الضعيف، ولا مكان للعدل والمحاسبة، وعليه حتى الدول لما ترانا بهذا الضعف قد تطمع في بلادنا، قال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

- تجعل الفرد همه ومبلغ علمه الدنيا ، وهذا ما كان يتعوذ منه رسول الرحمن صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همي ولا مبلغ علمي».

- قد توجد خيانات وتفتح الرشوة الخارجية، فالأعداء كثر قد يشترون الضمائر التي تريد الأموال وليس إلا الأموال لتتحصل على مآربها وكذا المهربون.. ونحن لا نشكك في نزاهة أحد ولكن هذا مرض له مكان في النفوس الضعيفة.

- تصريحات النواب نطالب بالزيادة لكذا، وهذا جعل بعضهم يسيل لعابه وهو يسمع ويقرأ التصريحات مع زيادة الميزانية ويخشى أن تبدد مع المليونية وسرقتها أو هدرها من غير وجه حق فهم يقولون نحن أولى بها ويوم القيامة يسأل كل منا عن المال: «من أين اكتسبته وفيما انفقته؟» فهم يبحثون عن توزيع الغنائم أو حساب تصفية الشركات! وهاهو ذا وزير المالية يقول ميزانية الرواتب سترتفع من 9 مليارات دينار إلى 12 مليار دينار إذا أقرت الكوادر.

- الإضرابات زادت في الأسعار وأوقفت التوعية بثقافة الاستهلاك وترشيد الإنفاق حتى لا يعتاد الناس على الترف والإسراف وسياسة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب».

- أن المعادلة الحقيقة: ياأيها الموظف «احسبها صح»: ضرائب الطرق والخدمات التعليمية والصحية والعلاوات وخدمات المعاقين والمتقاعدين وتوفير الوظائف والإسكان والجمعيات التعاونية والتموين ودعم الكهرباء والماء والوقود، والعلاج في الخارج، والأرامل وغيرهم» فستجد أنك أعلى راتب في العالم.

- الفائض يفترض أننا نتكلم وبكلمة واحدة: عالجوا زيادة الأسعار وأوقفوا هذا الارتفاع الفتاك ونريد الأمن الغذائي لسنوات، ونريد أرصدة للأجيال القادمة، والتنمية بصورة صحيحة، وتشغيل الفائض بشركات ناجحة وليست خاسرة! لنرضى بعدم الزيادة، مع دراسة دقيقة وعادلة من الخدمة المدنية وليس فيها إجحاف.

- المطالبات من غير وجه حق حتى نجح أعضاء النقابة في الانتخابات على حساب البلاد والعباد، فهذا مرفوض جملة وتفصيلا وينزع البركة.

هل هانت عليكم الكويت.. يا النقابات؟!

       في اليابان إذا أرادوا التعبير عن أنفسهم ومطالباتهم ربطوا عصبة على رؤوسهم وهم أثناء العمل! وفي كينيا عندما أضرب 20 ألف موظف استبدلهم الرئيس فورا بغيرهم! وفي أغلب الدول الأوروبية يتوقف بعضهم عن أداء العمل لمدة 3 ساعات بالاتفاق مع الأجهزة الحكومية ويعمل الباقون! وفي إيطاليا حدث عندهم مثل الذي حدث عندنا من إضرابات عمالية وسقطت 3 حكومات ثم ذاقوا الغلاء ونقصا من الأموال والأنفس والثمرات وزادت الضرائب.. وعندها هدأت نفوسهم! وهاهي ذي اليونان تحترق بسبب ارتفاع الضرائب!!

       هل تريدون أن تحترق بلادكم وتتعطل مصالح الناس وتحدث الفوضى والإخلال بالأمن وترتفع المواد كلها؟! فقد تواجهون أمواجا كبيرة من الناس من الذين لحق بهم الأذى.. فهل هانت عليكم الكويت؟!

       وهناك سؤال يطرح نفسه في مثل هذه الأمور وهو: هل تستحق راتب الأيام التي أضربت فيها؟ وماذا لو أضرب الأطباء وكنت مريضا أو ابنك فما موقفك؟ والله المستعان.

 عتاب على نواب مجلس الأمة!!

       الإضراب الذي شل البلد بكل المقاييس وعطل مصالح العباد والبلاد وأحدث الفوضى والتسابق على إحداث خلل وتعطيل المرافق العامة والمنافذ وتسبب في زيادة معاناة المرضى والطلبة الذين يدرسون في الخارج وزاد من الأسعار وشح المواد الغذائية وخسائر فادحة وكبيرة على المال العام، ولا نرى إلا اللون الأحمر في الأسهم وانخفاض قيمة الدينار.

       وفقدان القانون وأصبح التعامل «المصلحة أولا» {فإن أُعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون}، والكل يبحث عن الحقوق ولا يريد أحد أن يتكلم عن الواجبات تجاه الوطن والمواطن.

       في ظل ما حدث من الإضرابات ووقف مصالح الدولة العليا ونواب مجلس الأمة يتفرجون في صمت؛ لأنهم إذا تكلموا فسينزعج الناخبون وربما يؤثر ذلك سلبا عليهم وعلى مستقبلهم، وكل ما عمله النواب المطالبة باجتماع عاجل للهجوم على الحكومة وتسجيل موقف وقضي الأمر!!

       المواطن جزء من التنمية وله حقوق ولكن يجب عليه ان يلتزم بالواجبات وله حرية ولكن حريته لا يجوز أن تتعدى الآخرين، وعليه أن يخضع للقوانين فإن أصاب كوفئ وإن اخطأ عوقب!!

       أما أن الكل يريد الكوادر والمساواة في الرواتب فهذا حتما سيؤدي إلى الظلم، فهل يستوي الذي يعمل والذي لا يعمل؟ وهل يستوي صاحب التخصص النادر بالتخصص الذي لا يخدم! وهل يستوي من تخصص في عمل خطر على حياته ومستقبله مع الذي تخصص وعمله لا يتسبب له في أي مخاطر! ثم نريد تشريعا يعاقب من أوقف مصالح الناس وتنفيذ اللوائح والنظم حتى لا يتحول البلد إلى فوضى عارمة.

ولا شك أن هناك قانونا يجيز الإضراب بضوابط وليس شل العمل ويقرؤه الموظف بأسلوب «لا تقربوا الصلاة»!

ولا نريد أن نحرق بلادنا مثلما تحترق اليونان، أو مثلما حدث في إيطاليا من تخريب وإسقاط المجالس والحكومة أكثر من 3 مرات!

فالمطلوب الآتي:

- على نواب مجلس الأمة أن يتقوا الله عز وجل وألا يتكلموا في الزيادات والاقتراحات والوعود المعسولة في الدعاية الانتخابية! وتشريع قوانين للحد من هذه الفوضى التي تعطل الدوائر الحكومية وتمنع التفكير الأناني.

- المطلوب من الحكومة إنشاء هيئة للطوارئ حتى لا تشل البلاد وتتوقف مصالح الدولة، وتعيد دراسة الرواتب بشكل صحيح، وتوقف الغلاء، ولابد من إنشاء كادر يكافئ المحسن ويعاقب المسيء ويفاضل بين الأعمال النادرة، فمثلا هندسة «كذا» وليس كل المهندسين وليس كل الأطباء! وهذا معمول به في الدول كافة.

- لا بد من لجنة متابعة وناطق رسمي لطمأنة الناس عن المخزون ووضع البدائل.

- ولابد أن يكون هناك خصم من الذين لم يقوموا بعملهم.

- بيان عما قدمت الدولة وما هي مجالات التفاوض ومساحته وهكذا، وليس التفاوض يعني فرض نظرة معينة.

- والالتزام بقرارات الحكومة السابقة وكلام الوزير ملزم ولا ينقض داخل مجلس الوزراء، فهذه طامة كبرى!

- المطلوب من الموظفين: الابتعاد عن الحسد والأنانية، ولا شك أن هناك التزامات التزمت بها الحكومة أو الوزير ولكن خالف! لكن لا تحل بهذه الطريقة وخرق السفينة ليغرق الجميع، ولابد أن يكون تفكيرنا لإيجاد مشاريع تنموية والاهتمام بالاستثمار لأجيالنا القادمة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك