رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 30 يناير، 2023 0 تعليق

الإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى

 

من الحقائق التي يرسخها القرآن الكريم والسُنَّة النبويَّة المطهرة، أنَّ دين الإسلام ظاهر خالد باقٍ مهما اشتدت العواصف وتلاطمت الفتن، قال الله -تعالى-: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «الإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى».

     «الإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى»، قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة، وهي أن دين الإسلام قد كتب الله له الرفعة والعلو والبقاء، وأنَّ أهله لا يزالون في علو ومكانة حسنة ما داموا متمسكين به، قال -تعالى-: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

     ولقد شهد التاريخ الإسلامي موجات عارمة للهجوم على الإسلام وثوابته، ومحاولات متتالية للقضاء عليه، وكلما دبّر الأعداء مكائد وفتنا أزهقها الله- تعالى-، وجعل الحق غالبًا ترفرف رايته على الأرض، قال -تعالى-: {وقل جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الإسراء:81).

     فهذا رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - حينما بُعث في مكة المكرمة لقي من أهلها عداوةً شديدةً، وجعلوا يؤذونه ويخططون له المكائد، التي وصلت إلى محاولة قتله - صلى الله عليه وسلم - لكن الله عصمه من كل سوء، وباءت محاولاتهم الخبيثة بالفشل الذريع، ثم حدث فتح مكة، وأعز الله دينه وأذل أعداءه، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وأصبحت مكة قلعة منيعة لدين التوحيد والهداية.

     ثم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعت حروب الردة، فكان موقف أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - موقفًا ملهمًا من الله -تعالى-؛ فحفظ الله به الإسلام، وبقي الدين على نقائه وصفائه وأصالته.

     كذلك شهد التاريخ الإسلامي الغارة الصليبية، التي كادت أن تقضي على الإسلام، لكن الله قيَّض لها صلاح الدين الأيوبي فهزم الصليبيين وحرَّر البلدان الإسلامية والمسجد الأقصى من دنس الصليبيين، ورفرفت راية الإسلام خفاقة عالية في بيت المقدس.

     وكذلك كان الأمر متفاقمًا في الغزو التتري لبلاد المسلمين الذي كان كالجراد المنتشر، لكن الله -الذي يخرج الحي من الميت، وينزل الغيث من بعد ما قنطوا- قيض لهم سيف الدين قطز -رحمه الله- فهزمهم شر هزيمة.

     «الإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى» وعدٌ متحقق لا محالة، لكنه علوٌ لأهل الدين خاصة دون غيرهم، فبقدر ما يتحقق لهؤلاء من وصف الإسلام ويكون معهم من خصاله وأعماله ، بقدر ما يكون لهم من العلو والارتفاع، قال -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

     لقد اقتضت سنة الله الكونيَّة أن يبقى الصراع بين الحق والباطل قائما إلى يوم القيامة، قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (الفرقان:31)، وأخبرنا -سبحانه- أنَّ أعداءنا لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا ما استطاعوا، وأنهم سيبذلون في ذلك أموالاً وأرواحاً: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}، وهذا الصراع لحكمة ربانية عظيمة يعلمها ربنا -عزوجل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك