رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمود طراد 9 أغسطس، 2018 0 تعليق

الإسلام في مواجهة تغريب المرأة.. حقوق ووسائل

 

تحدثنا في المقالات السابقة عن تغريب المرأة العربية، واليوم نتكلم عن السياسات التي قررها الإسلام للحفاظ على المرأة من هذه الهجمات المنحرفة الخطيرة؛ إذ لا يمكن تشخيص الداء دون ذكر دوائه وعلاجه، فضلا عن أن ابتلاء المرأة يأتي من جانبين: الأول وهو ابتعادها عن الأفكار المنحرفة التغريبية، والثاني التزامها المنهج الإسلامي الأصيل، وهذه السياسات التي التزمها الإسلام تنقسم إلى حقوق للمرأة وواجبات عليها.

قيمة المرأة في الإسلام

     إن قضية المرأة هي قضية المجتمع قديماً وحديثاً، وهي في نظر الإسلام نصف المجتمع، بل وأجمل ما فيه؛ من حيث الرحمة والضعف؛ ولذا وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بما يدل على ذلك في قوله: «رفقاً بالقوارير»، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في الضعيفين المرأة الأرملة والصبي اليتيم» صححه الألباني، وهي شقيقة الرجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما النساء شقائق الرجال». رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وهي في الإنسانية كالرجل سواء بسواء، قال الله -تعالى-: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}(النساء: 1)، وهي أهل للجنة مثل الرجل إن أحسنت وتعبدت لا فرق في ذلك، قال -تعالى-: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}( النحل).

مراعاة الإمكانات

     في الوقت الذي نجد الأفكار المنحرفة تستخدم مصطلح (اضطهاد المرأة وظلمها في الإسلام) بينما لم يحفظ للمرأة مكانتها دين مثل الإسلام؛ إذ راعى الإسلام في الحقوق والواجبات إمكانات المرأة النفسية والجسدية، حتى في منعها من بعض الوظائف، كالرئاسة العليا للدولة، لم يكن ذلك إلا مراعاة لإمكاناتها الجسدية وطبيعتها النفسية، بدليل أن الإسلام أعطى المرأة حق الوصاية على الصغار، وأعطى حق الوكالة عن الناس في إدارة الأموال والأعمال، وأجاز بعض الفقهاء توليها القضاء (في بعض الحالات) والقضاء ولاية.

ظلم الفكر الغربي للمرأة

     أما الولاية العامة للدولة ففيها ما لا يتناسب مع تلك الطبيعة النسائية؛ لأن الحاكم في الإسلام ليست وظيفته مجرد التوقيع والإقرار، وإنما يقود الجيوش، ويقرر الحرب والسلم، فيما تكون فيه المصلحة، ويؤم الناس في جمعتهم وجماعاتهم، ويقضي في الخصومات، ويتنقل بين البلدان، وهذه الأمور من المسؤوليات الخطيرة التي تحتاج إلى قوة أعصاب، وتغليب العقل على العاطفة والشجاعة في خوض المعارك؛ وذلك ليس في طبيعة المرأة التي جعل الله جمالها في ضعفها؛ فأكد لنا ذلك أن تكليف المرأة بهذه المسؤوليات جناية عليها وظلم لها.

الأحكام الشرعية تحفظ المرأة

     من أجل الحفاظ على المرأة المسلمة أحاطتها الشريعة بمجموعة من الأحكام الشرعية التي تحفظها من جرائم الآخرين، وابتزازهم، ووسوسة الشياطين؛ إذ إن الإسلام حين أمر بالحجاب والعفة والحياء في مثل قوله: {يدنين عليهن من جلابيبهن}(الأحزاب)، وفي مثل قوله -تعالى-: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو... الآية}(النور)، وفي مثل قوله -تعالى-: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}(الأحزاب)، أمرها محافظة عليها لا ليجعلها كلأ مباحاً لغير زوجها وأبنائها، كما حفظها في أموالها؛ فجعل واجبات النفقة على الزوج، وهي درجة القوامة التي قال الله -تعالى-: {بما أنفقوا من أموالهم}(النساء).

الخلع مقابل الطلاق

     حين جعل الله -تعالى- الطلاق بيد الرجل أعطى للمرأة التي يراد بها الضرر من زوجها حق الخلع، وهو الوسيلة التي تزيل بها المرأة الضرر الواقع عليها، وهو المراد في قوله -تعالى-: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به}(البقرة 229)؛ إذ لم يجعل الإسلام زواج المرأة تحت رجل يؤذيها، ويقع عليها الضرر سجناً لا تستطيع الفكاك منه، بل سهل لها الخروج من عبائته إذا كانت ثمة أذية تقع عليها، للقاعدة المعروفة: (الضرر يزال) ولقوله صلى الله عليه وسلم : «لا ضرر ولا ضرار»، ورغم أنه مبغوض، ويقع الإثم على المرأة إن طلبته في غير ما بأس، لكنه للمتضررة مباح ولا شك.

التعدد مصلحة للمرأة

     ينظر الإسلام في هذه القضية إلى المصلحة العامة لجنس النساء؛ ففي الوقت الذي تزداد فيه نسبة النساء في مجتمعاتنا العربية، وليس هناك حل لهذه المشكلة سوى تعدد الزوجات، لا نجد في شرعة أو فكر آخر من يصنع حلاً لهذه المشكلة؛ فالأرامل والعوانس لهن الحق في أن يكن لهن ربع رجل، أو نصف رجل، وإلا قد تتحول تلك المرأة إلى عشيقة، إذا حرّم عليها الزواج برجل متزوج، وهذه مفسدة مجتمعية ستتضرر منها الأسر بعد ذلك، بل قد تتفكك الأسر التي تمنع الزواج بامرأة ثانية؛ فمن هنا تتضح مصلحة فئة المرأة المتزوجة وغير المتزوجة من قضية التعدد.

الحل في محاضن العفة والتثقيف النسائي

     إما أن تُترك المرأة المسلمة لمنابر التغريب المنحرف أو يتم صناعة منابر خاصة بها، توجه لها الكلمة وتُثقفها وترفع من وعيها، سواء بمجلات خاصة بهن، أم مواقع إليكترونية، أم مراكز وجمعيات نسائية تقوم على الثقافة الوقائية للمرأة المسلمة والعربية؛ لأن هذه المحاضن هي التي يمكن أن تُستغل في مواجهة موجات التغريب؛ ولذا فهي أولى بالاهتمام.

الرجل هو المسؤول الأول

     مصداقاً لقول الله -تعالى-: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}(التحريم)، ولقوله[: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»؛ فإن الرجل مسؤول عن تثقيف بناته وزوجته، وأمرهن بالصلاة، وإقامتهن عليها، ونهيهن عن المنكر وأمرهن بالحشمة، ومسؤول عن سد منافذ التغريب من برامج تليفزيونية ومسلسلات منحرفة، ومهمته في ذلك لا تقل عن مهمته في النهوض بمجتمعه والمساهمة في تطويره والحفاظ عليه؛ لأن هذه القضايا من أهم قضايا الأمن القومي للمجتمعات العربية، وهي نوع من الحروب الباردة التي لا تُستخدم فيها الأسلحة.

توعية المرأة بالتيارات الفكرية المنحرفة

     مما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أهمية توعية المرأة وتثقيفها بمعلومات كافية عن التيارات المنحرفة التي تستهدفها، من تيارات علمانية وحداثية وغير ذلك؛ لأن هذه الثقافة الوقائية ستعصم المرأة من الدعايات التي ستراها من خلال منافذ التغريب المتعددة، وهذا سيوفر لنا بعد ذلك داعيات ومفكرات تقوم بعملية التثقيف وسط جموع النساء؛ ولذا فإن الاهتمام بالأقسام الدينية النسائية في الجامعات والجمعيات، ينبغي أن يكون دائماً في تطوير مستمر، مع صناعة قدوات مستمرة في مواجهة القدوات النسائية، التي يتم دعمها دائماً من أجل الترويج من خلالها للأفكار التغريبية التي يوجهونها للمرأة العربية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك