الإسلام في ألمانيا ينمو بشكل كبير- ربيع: القانون والإعلام والإرهاب من أهم التحديات التي تواجه الدعـوة الإسلامية
هجوم ميونخ الأخير وغيره من الهجمات تؤثر على العمل الدعوي في أوروبا
من أهم التحديات التي تواجهنا التضييق على إنشاء المدارس؛ حيث إننا نصبو لإنشاء مدرسة نظامية مثلما فعل إخواننا في السويد وفرنسا
الرسالة التي نصبو إليها هي تبليغ الدعوة لكل الناس، وتكوين صورة إسلامية صحيحة في المجتمع الألماني
لا يُمكن القول بالجملة: إن المسلمين يُعانون من الاضطهاد في أوروبا أو الغرب عمومًا؛ حيث يحكم القانون التعامل مع المسلمين وغيرهم سواء مواطنين أم مقيمين
تُمثّل المساجد والمراكز الإسلامية قلب المجتمع المسلم في أوروبا، وباختلاف مشارب الجهات المسؤولة عن تمويل تلك المراكز أو إدارتها، تبقى حلقة وصل وبؤر تجمع للمسلمين، ومن هذه المراكز الفاعلة (مسجد الأمة) التابع للجمعية الثقافية المغربية بمدينة (اشتوتجارت)، وقد التقينا إمام المسجد الشيخ ربيع حسن في هذا الحوار على هامش زيارته للكويت، تخرج في جامعة الأزهر سنة 1988م، يدرس في الكلية الأوروبية، ومتواجد في مدينة (اشتوجارت) في ألمانيا، من عام 1996م.
- نريد تصوراً عاماً عن مركزكم متى أنشئ؟ ومالأهداف التي من أجلها أسس؟
- الحقيقة المركز الإسلامي أنشئ في عام 1987م، وقد بدأ باستئجار سرداب، واستمر العمل فيه حتى عام 1993م، ومع تزايد الإقبال على المركز تم استئجار الدور الأول، ثم بدأ عدد المسلمين يتزايد، ففكرنا في شراء مكان مستقل، ووفقنا الله سبحانه وتعالى لشراء هذا المكان الذي نحن فيه الآن سنة 2005م، وبفضل الله هذا المبنى في وسط المدينة، وكان هذا من توفيق الله -سبحانه وتعالى- أولا؛ لأن وسط المدينة من الصعوبة أن تجد فيه مكانا يؤسس لجمعية إسلامية وفيها مركز ومسجد ومثل هذه الخدمات، لكن وقتها كانت الحالة الاقتصادية للبلاد منهارة؛ فكانوا يبيعون كثيرًا، وهذا من فضل الله تعالى، فالمركز ستة طوابق الآن.
- ما الخدمات التي يقدمها المركز للمسلمين في ألمانيا؟
- المركز يتكون عندنا من الطابق الأول، وبه الخدمات الأساسية، ثم الطابق الأرضي: ويوجد به مطعم يتم فيه إفطار جماعي طوال شهر رمضان، ونقوم بعمل الولائم والعقائق فيه، ويفتح على مدار أيام الأسبوع، ثم الطابق الثاني: ويوجد به مسجد للرجال، ثم الطابق الثالث: ويوجد به مسجد للنساء وثلاثة فصول تعليمية للبنات.
- ما طموحاتكم المستقبلية لتطوير الخدمات المقدمة للمسلمين؟
- نحن وضعنا تصوراً لاستكمال الطابق الرابع؛ حيث نريد إنشاء مدرسة به، وقد كنا في السابق نفكر أن يكون وقفا للمسجد فقلنا نقوم بعمل شقتين ثم عدلنا عن هذه الفكرة لوفود كثير من السوريين العام الماضي.
حيث يوجد حوالي أكثر من مليون وخمسمائة ألف سوري وفدوا إلى ألمانيا؛ فأصبح المكان لا يكفي للمسلمين الموجودين في ألمانيا؛ لذلك عدلنا عن الفكرة، والآن سننشئ مدرسة بإذن الله وهذا يحتاج منا لعمل سلم طوارئ؛ لأنه لا يسمح بعمل مدرسة في الطابق الرابع إلا في وجود سلم طوارئ.
- ما أهم الأنشطة الدعوية للمركز؟
- للمركز -بفضل الله- العديد من الأنشطة المميزة منها:
الطاولة الدعوية
الطاولة الدعوية يعرض عليها مطويات للتعريف بالإسلام وبعض الكتيبات في الشارع الرئيس في المدينة، ومن خلالها يتم دعوة الناس للحضور إلى المركز، وبعد سماع الإمام وسماع القرآن الكريم نجد أنهم بعد فترة يعلنون الإسلام بفضل الله تعالى.
دعوة غير المسلمين
كذلك من أهداف المركز دعوة غير المسلمين، وبفضل الله المركز نشيط جدًا في هذا الجانب؛ لأن الألمان شعب قارئ وشعب حينما يرى أي شيء لابد أن يبحث عنه.
اليوم المفتوح
كذلك من أنشطة المركز ما يسمى باليوم المفتوح؛ حيث تفتح فيه المساجد والكنائس، فكل مساجد ألمانيا تفتح، والناس يأتون يتعرفون على الإسلام ويسألون الأسئلة، وفي هذا اليوم يدخل تقريبا من 3 إلى 5 الإسلام، والله أعلم.
- ما أهم التحديات التي تواجهكم في العمل الدعوي داخل المجتمع الأوروبي؟
- من أهم التحديات التي تواجهنا التضييق في إنشاء المدارس؛ حيث إننا نصبو لإنشاء مدرسة نظامية مثلما فعل إخواننا في السويد وفرنسا، لكن في ألمانيا القوانين صعبة، ودائما يتحججون أنهم يريدون أن يجمعوا المسلمين على رأي واحد، ونحن نعطيكم تصريح مدرسة، وهذا صعب جدًا ولكن نحن نحاول أن نحتوي هذا الموضوع ونتغلب عليه بعمل مدارس السبت والأحد ومدارس القرآن.
كما أن التحدي الكبير الذي يواجهنا هو القانون الألماني، ثم الدعم المالي ليس قويا في ألمانيا، وألمانيا من الدول التي مبانيها غالية الثمن، وكذلك في مصاريف مدرسيها؛ فالأمر يحتاج لدعم كبير.
- في ظل عملكم الدعوي والتربوي ما الرسالة التي تحاولون تحقيقها للحفاظ على أبناء المسلمين؟
- الرسالة التي نصبو إليها هي تبليغ الدعوة لكل الناس ولأبناء المسلمين أولا، ثم نكون صورة إسلامية صحيحة في المجتمع الألماني، وأنا دائما أقول للناس الوقت جزء كبير من الحل؛ لأن بعض الناس ينظرون للإسلام بمنظور ما يعلنه الإعلام الألماني، المتحامل جدا على الإسلام، لكن نحن نصبر ونحتسب، وهناك بعض المضايقات الشديدة التي لا يشعر بها إلا الدعاة ومدراء المراكز، لكن مع ذلك نحتاج إلى صبر وجلد من الإخوة القائمين على العمل حتى نتخطى مثل هذه العقبات؛ لأن من الممكن يقوم بعمل عقبة حتى يوقعك في المشكلة، وبالتالي يختلق لك مشكلات؛ فالحنكة في المدير والإمام أن يتعدى مثل هذه الأشياء.
- هجوم ميونخ الأخير وغيره من الهجمات التي تتعرض لها أوربا هل تؤثر على العمل الدعوي في ألمانيا؟
- طبعا تؤثر على العمل الدعوي من جانبين، الأول: هو عدم جلب الدعاة من الخارج؛ لأن جلب الدعاة من الخارج كان لعمل دورات علمية وتدريبية، وكان فيه خير كثير جدا، أما الآن فمن تأثير هذه العمليات الإرهابية أصبح هناك تضييق على وفود الدعاة من الخارج.
- ثانيا: هناك تدقيق على من يأتون إلى المسجد من غير رواد المسجد من أين هم؟ ولماذا جاؤوا؟ وهكذا، فهذه الأشياء تؤثر تأثيرا غير مباشر، لكن لا يحس بهذا عامة الناس، لأنه كلما تحدث أي مشكلة في أوروبا في اليوم التالي قبل الساعة العاشرة، البوليس يكون عندنا في المسجد، وكذلك في كل مساجد أوروبا؛ لأن الأمن عندهم في قمة الأولويات المعني بها.
- ما تأثير هذه الهجمات على غير المسلمين ونظرتهم للدين الإسلامي؟
- بالنسبة لغير المسلمين كثير منهم حينما تحدث مثل هذه الهجمات على الإسلام، يبدأ يبحث عن الإسلام ويسأل أسئلة عقلية، فأنت تحاول أن تأتي له من قبل العقل، ثم تضرب له أمثلة واقعية تراها في المجتمعات، مثل القتل في الإسلام تقول له: إن الإسلام حرم القتل، وأنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا، وعبر الله -عز وجل- بالنفس ولم يذكر هذه النفس مسلمة أو غير مسلمة، ثم بعد ذلك يسأل لماذا التعدد؟ لماذا يحق للرجل أن يتزوج أكثر من امرأة؛ والمرأة لا يحق لها أن تتزوج أكثر من رجل؟ ونحن نشرح له بالأسلوب العلمي أن المرأة ليس لها إلا رحم واحد بالطريقة العلمية وبالتالي يقتنعون بالأمر.
- هل يُعاني المسلمون الاضطهاد في أوروبا؟
- هذه قضيّة شديدة الحساسية ولا يُمكن القول بالجملة إن المسلمين يُعانون الاضطهاد في أوروبا أو الغرب عمومًا؛ فالآن ثمّة مسؤولون حكوميون من أصول عربية مُسلمة في دول عدة، وإجمالًا يحكم القانون التعامل مع المسلمين وغيرهم، سواءً كانوا مواطنين أم مُقيمين، هذا على المُستوى الرسمي الذي يشهد أحيانًا خَرقًا لما يمكن اعتباره قاعدة عامة، أما على المستوى المجتمعي، فبطبيعة الحال، تؤدي الظروف المحيطة، فضلًا عن الخطاب الإعلامي، دورًا في تحديد بوصلة التعامل مع المسلمين.
- ما واقع الأسر المسلمة في أوروبا وهل تأثرت بواقع تلك الدول؟
- الأسر المسلمة في بلاد الغرب بداية التسعينات كانت أسراً منهارة؛ لأن الناس كانوا لا يعرفون تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة، فلم يكونوا يلقنون أبناءهم تعاليم الإسلام؛ فكل الأمر عنده الأكل والشرب والنوم وهذه تربية بدنية، لكن لما جاءت المراكز الإسلامية وفتحت، وبدأ التعليم وبدأت تستوعب الناس، شعر الناس بالفرق الكبير، لكن هذه الفترة التي أخذها كثير من أبناء الجالية من 70 إلى 90 لم يكن هناك عدد كاف في المراكز الإسلامية، في كل مدينة أو قرية من التي يسكن فيها المسلمون أثرت بالطبع، لكن في وجود المراكز الإسلامية أصبحت هناك حلول كثيرة جدا، لأننا استوعبنا أبناء الجيل الثاني. فالمدارس تعمل السبت والأحد، ونقوم بعمل دورات وتحفيظ للقرآن الكريم، فالحمد لله لكن لا أخفيك المجتمع الألماني والأوروبي مجتمع طاغ؛ فإن لم يكن الأب والأم والمدرسة والمسجد متعاونين في تعليم الأبناء، فلابد أن يحدث خلل في العملية التعليمية ولاسيما في عملية تربية الأطفال.
- ما دور الإمام الذي يقوم به على وجه التحديد؟
- الإمامة عمل شاق جدًا، حتى إن بعض الناس يسألني ماذا تعمل يا شيخ؟ أقول له أعمل إماما. يقول فقط؟ أين العمل الثاني؟ وهو لا يدري أن عمل الإمام هو من أشق الأعمال في أوروبا؛ فالإمام يصلي الصلوات الخمس ويعطي الدروس، ويقوم بحلّ المشكلات الاجتماعية في شؤون الزواج والطلاق فهو في أيام الجمعة والسبت والأحد الإمام لا يجلس من الظهر إلى الساعة 12 ليلا، وهذه الأيام أيام إجازات لا يستطيع الإمام أن يأخذ وقت راحة أكثر من 5 دقائق بعد الصلاة، وفي هذه الدقائق يتم تحديد المواعيد.
- كيف ترون مستقبل الإسلام في أوروبا ولاسيما وأن هناك تخوفاً من ازدياد أعداد المسلمين في أوروبا؟
- الإسلام قادم، لا محالة وعدد المسلمين يتكاثر في أوروبا يوما بعد يوم، ورؤيتي وفود السوريين إلى ألمانيا له مستقبل عظيم جدا للسوريين وللإسلام، ولعل في ذلك حكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى، والإحصاءات تقول: إنه في سنة 2030 سيصل عدد المسلمين إلي 20% يعني بعد 12 أو 13 سنة يصل إلي 30٪ هذا العدد لا بأس به ثم بعد ذلك هم يقولون في2050م سوف يكون 50٪ غير مسلمين و50٪ مسلمون؛ فالإسلام قادم بإذن الله بلا شك.
- بخصوص اللاجئين السوريين هل لكم برامج معينة لتوعيتهم من الناحية الشرعية ورعاية أبنائهم من الناحية التربوية والتعليمية؟
- الإخوة السوريون وفدوا في العام الماضي بفضل الله، الملتزمون والمتدينون منهم يأتون المسجد بصفة دورية، وانضموا إلينا واستوعبناهم، واستقبلناهم لأنهم إخواننا يحضرون معنا الدروس، وفتحنا المدرسة لأبنائهم بغير مقابل، إلى أن تتحسن أحوالهم.
كما قمنا بعمل دورات علمية مكثفة؛ حيث نسخر لهم بعض الإخوة الذين كانوا موجودين من قديم في ألمانيا يذهبون معهم إلى الدوائر الحكومية وإلى الأطباء يذهبون معهم لقضاء أعمالهم، فبفضل الله هذا الجانب قمنا بتغطيته تماما وفي الوقت الذي كان يفد فيه السوريون إلى المحطات قمنا بعمل طاولات لاستقبالهم؛ حيث كنا نستقبلهم ونقوم بقطع التذاكر لهم إلى البلد التي سيذهبون إليها، وكان بعضهم يفقد أغراضه في السفر فكنا نجهز لهم الملابس، ونجهز لهم بعض الأشياء التي يحتاجها اللاجئ.
كما قمنا بالتعاون مع بعض الجهات الخيرية في الكويت بدعم هذه الأنشطة، كما قمنا بأعمال خيرية تقريبا كل شهرين نأتي بأشياء ونوزعها ملابس داخلية وخارجية، وأغطية وبعض المواد الغذائية.
- إذا أردنا تحديد إنجازات المركز في نقاط محددة:
- بفضل الله بعد ما كان المركز بالإيجار لمدة ثلاثة عشر سنة استطعنا الآن أن نشتري مبنى، كما استطعنا أن نؤسس مدرسة تعليمية يومي السبت والأحد مكونة من ثماني مدرسين وأكثر من تسعة فصول، كما حاولنا تكوين مدرسة تعليم قرآن كريم يوميًا من الساعة السادسة إلى الساعة الثامنة، فضلاً عن الطاولة الدعوية يومي السبت والأحد لدعوة غير المسلمين.
وكذلك نحرص على استقبال الوفود التي تأتي من دول الخليج إلى مدينة (اشتوتجارت)؛ حيث إنها من أكبر المدن التي يفد إليها إخواننا الكويتيون والسعوديون والقطريون؛ حيث نستقبلهم ونحاول أن نوفر لهم سكنا رخيصا، ونسخر لهم بعض الإخوة الذين يتنقلون معهم فضلا عن المكاتب الرسمية في الدولة.
كذلك من أهم الإنجازات الاهتمام بالعمل الاجتماعي بالدرجة الأولى؛ فهناك الإفطار الجماعي في رمضان، وهو مفتوح للمسلمين وغيرهم، فبعض غير المسلمين يحرص على الحضور ليرى شعائر المسلمين.
كذلك عندنا دورات علمية بصفة مستمرة، ونقوم بدعوة الكثير من الدعاة ولا سيما من الكويت مثل الدكتور محمد العصيمي والدكتور عثمان الخميس، كذلك نقوم بتنظيم رحلات الحج والعمرة؛ حيث نساعد الناس على تأدية مناسك الحج والعمرة، يقوم المركز بكل هذه الأدوار.
لاتوجد تعليقات