رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ترجمة: رحمة سراج الدين 5 يناير، 2015 0 تعليق

الإســـلام في ألبـانيــا

اليوم ألبانيا يبلغ عدد سكانها 75٪ من المسلمين، و20٪ من المسيحيين الأرثوذكس، و10٪ من المسيحيين الكاثوليك

 بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح حكم البلاد في يد أنور خوجة، الديكتاتور الذي دمر كل المباني الدينية لجميع الأديان

  

قبل البدء في الحديث عن الإسلام في ألبانيا، نحب أن ننوه بأن هنالك كثيرًا من المعلومات المغلوطة والمنتشرة حول كيفية انتشار الإسلام في ألبانيا؛ لذا جعلنا من يكتب هذا المقال أي: المقال الإيطالي وليس المترجم أخًا مسلمًا ألبانيًّا.

دخول الإسلام إلى ألبانيا

    بداية الإسلام في الأراضي الألبانية ترجع إلى ما قبل وصول العثمانيين إليها،؛ حيث دخل الإسلام عن طريق التجار الألبان المسلمين، الذين ذهبوا إلى صقلية والأندلس، وعن طريق تجار آخرين قد جاؤوا - أيضًا - من دول المشرق العربي، وهذا الأمر يرجع تاريخه إلى ما يقرب من القرن الثامن.

      وواحد من البراهين على أن الإسلام قدم إلى ألبانيا قبل وصول العثمانيين: وجودُ المسجد الأحمر في قلعة بيرات، ويرجع تاريخ بنائه إلى ما قبل وصول العثمانيين، ولكن في هذه الفترة الزمنية اعتنق عدد قليل فقط من الناس الإسلام، وكانت الديانة السائدة وقتئذٍ الديانة المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية، ولكن وصول العثمانيين جعل الظروف مهيَّأة أفضل لنشر الإسلام في هذه المناطق، إلا أن الألبان لم يتقبلوا ذلك الأمر على الفور، ففي البداية كانت هناك مقاومة من بعض القبائل الألبانية؛ مثل: قبيلة (كاستريوتي)، واستمرت هذه المقاومة نحو 25 عامًا، وبعد ذلك كانت الأراضي الألبانية بأكملها تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، ولم يتحول أغلب الألبان إلا بعد قرنين من الزمان، وبالتحديد أثناء القرن السابع عشر والثامن عشر، حتى القرن التاسع عشر، وكانت مظاهر التحول اجتماعية واقتصادية، والأهم من كل هذا تحول المعتقدات الروحية والديانة.

هوية الشعب الألباني

     وفي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر أصبحت الثقافة الإسلامية تمثل جزءًا مهمًّا جدًّا من الحياة الروحية والمادية للشعب الألباني، حيث بدؤوا في بناء مدن إسلامية مشهورة بأصالتها حتى الآن؛ مثل: مدينة أشقودرة (مسقط رأس العالم الإسلامي الكبير ناصر الدين الألباني)، ومدن أخرى؛ مثل: الباسان، بيرات، تيرانا، جيروكاسترا، بريزرن، بيا، غياكوفا، وبناء كثير من الآثار الإسلامية، والمساجد، والمدارس الدينية، والجسور.

     وهناك ميزة أخرى حظي بها الألبان أثناء الحكم العثماني الإسلامي في ألبانيا، هي أنه تم السماح بانتشار أتباع كلتا الديانتين: المسلمين والكاثوليك، الذين استطاعوا أن يعيشوا معًا في الأرض نفسها دون تمييز، ودون طردهم من أرضهم، ودون سفك دمائهم؛ لأنهم ينتمون إلى دين مختلف، وإن كان في الأصل الديانات جميعها واحدة، وترجع لرسالة واحدة، ولولا التغيير والتحريف الذي حدث للعهد القديم والجديد في الإنجيل، لكانت كل الديانات تستهدف رسالة واحدة.

     والجدير بالذكر أن العثمانيين قد تركوا للألبان حُكْمَ أراضيهم، وقلَّدوهم المناصب الحكومية فيها، بل إن العديد من الشخصيات المهمة والمسؤولين في الإمبراطورية العثمانية كانوا من الألبان، وقد استطاع الألبان الحفاظ على أراضيهم ولغتهم الألبانية في عهد الإمبراطورية العثمانية، وبالرغم من كل ذلك كان بعض الناس يتهم الإمبراطورية العثمانية بالديكتاتورية، وكانوا يعدونهم غزاة.

استقلال ألبانيا عن الامبراطورية العثمانية

     ومباشرة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية عامَ 1912 م أعلنت ألبانيا استقلالها عن الإمبراطورية العثمانية، وفي السنة التالية تم تقسيم الأراضي الألبانية مِن قِبَل القُوى العظمى (بريطانيا، فرنسا... إلخ)، فأُضيف إقليم كوسوفو إلى يوغوسلافيا، وإقليم كاميريا إلى اليونان، والأقاليم الأخرى لمقدونيا والجبل الأسود، وكل هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف، وأن المسلمين ليسوا خطرًا على العالم؛ لأنهم عندما كانوا يملكون القوة لم يستغلوها في إبادة الشعوب ذات الديانات المختلفة عن ديانتهم.

     بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح حكم البلاد في يد أنور خوجة، الديكتاتور الذي دمر كل المباني الدينية لجميع الأديان، ولم يبق سوى بعض الآثار التاريخية والفنية والثقافية، وقتئذٍ لم يستطع أحد ممارسة أي دين، سواء في العلن أم في الخفاء، وبعد سقوط ذلك الديكتاتور في التسعينيات، تم البدء في بناء الكنائس والمساجد من جديد، وقد ساعدت العديد من المنظمات الإسلامية من المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى على بناء العديد من المساجد الجديدة، وترجمة العديد من الكتب الإسلامية، واستقبال الطلاب الألبان الذين يريدون دراسة الشريعة الإسلامية في الجامعات الإسلامية في هذه البُلدان.

سكان ألبانيا

     اليوم في ألبانيا 75٪ من المسلمين، و20٪ من المسيحيين الأرثوذكس، و10٪ من المسيحيين الكاثوليك، ولكن الجدير بالذكر - أيضًا - أن عدد الممارسين لشرائع دينهم فعليًّا في حياتهم اليومية أقل من ذلك.

      في الآونة الأخيرة، مع انتشار وسائل الإعلام، ولاسيما مع زيادة طلاب العلم الشرعي الذين درسوا في الجامعات في الدول الإسلامية؛ مثل: المملكة العربية السعودية، والأردن، وسوريا... إلخ، أصبح هناك صحوة واهتمام أكبر بالإسلام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك