الإساءة لمقام النبوة مرة أخرى!!
بعد نشر الصحف الدانماركية في السابق صوراً كاريكاتيرية مسيئة لخاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحصل ما حصل وقتها من استثارة للمسلمين، وتحد لمشاعرهم، واحتقار لدينهم ومقدساتهم ورموزهم.
فوجئ المسلمون بفيلم سينمائي جديد لبعض نصارى العرب الحاقدين، والمقيمين بأمريكا، وبتمويل من تاجر يهودي حاقد، يمثل فيه شخصٌ دور النبي عليه الصلاة والسلام! ويسيء له بالقول والتصرفات!
ونسي هؤلاء أو تناسوا أن هذا ليس متعلقا بشخصية سياسية ، ولا برئيس دولة ، ولا قائد لحزب من الأحزاب، بل هو متعلق بنبي من أنبياء الله الكرام، بل بخاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، الذي هو دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام، وبشرى نبي الله عيسى عليه السلام في الإنجيل، ومن اكتمل فيه الكمال الممكن في البشر، خَلقا وخُلقا، ومن حملت رسالته الرحمة للعالمين، لو كانوا يعلمون!!
{لقد منّ اللهُ على المؤمنين إذْ بعثَ فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإنْ كانوا من قبلُ لفي ضلالٍ مبين} (آل عمران : 164) .
وقد اعترف بفضله عليه الصلاة والسلام وعقله، ومكانته ومنزلته، وشمائله ومعجزاته الباهرة، وبراهينه النيرة، عقلاؤهم ومفكروهم وقادتهم وأدباؤهم.
ولئن كان نبي الله عيسى عليه السلام يحيي الموتى، فقد أحيا هو عليه أفضل الصلاة والسلام أمماً من البشر، من العرب والعجم.
إننا نعتقد يقينا أن من انتقصه عليه الصلاة والسلام أو انتقص نبيا من أنبياء الله تعالى، أنّ الله سينتقم منه، إنْ عاجلاً أو آجلا .
قال تبارك وتعالى: {إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله لعنهم اللهُ في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهينا}(الأحزاب: 57)،
وهذا يشمل كل أذية قولية أو فعلية، من سبٍ أو شتم، أو استهزاء وتحقير، أو تنقص له، أو لدينه وأحكام شريعته؛ فمن فعل ذلك، فقد طرده الله من رحمته، وأعد له العذاب المهين، جزاء له على إهانته لرسوله صلى الله عليه وسلم .
ونعلم أيضا أن الله تعالى سيقطع دابره ، ويقطع عنه الخير كما قال: {إن شانئك هو الأبتر} (الكوثر: 3).
ولما قال له عمه أبولهب: تبا لك! ألهذا جمعتنا؟ انتصر الله سبحانه له، وأنزل قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهبٍ وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى ناراً ذاتَ لهب وامرأتُه حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد}.
بل قد حذّر الرب العزيز الكريم من رفع الصوت عليه؛ كرامة له واحتراما وإكراما، وأخبر أن ذلك من محبطات الأعمال ، فقال عز وجل: {يأيها الذين آمنوا لا تَرفعوا أصواتكم فوقَ صوتِ النبيّ ولا تَجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أنْ تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} (الحجرات:2) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والذين قالوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه أبتر، وقصدوا أنه يموت فينقطع ذكره، عوقبوا بانبتارهم، كما قال تعالى: {إنّ شانئك هو الأبتر} (الكوثر : 3) .
قال : فلا يوجد منْ شنأ الرسول إلا بتره الله، حتى أهل البدع المخالفون لسنته، قيل لأبي بكر بن عياش: إن بالمسجد قوماً يجلسون للناس ويتكلمون بالبدعة، فقال: «من جلس للناس جلس الناس إليه، لكن أهل السنة يبقون ويبقى ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم» (المجموع: ( 13/172)
وما رسوماتهم المسيئة، وأفلامهم القبيحة، وتهريجهم ومكرهم، إلا كنبح الكلاب الذي لا يضر عالي السحاب!!
أما نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو الذي سيبقى له رفع الذكر، وكثرة الأتباع، والنصر على الأعداء، كما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى.
وقد أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بألا يبالي بالمشركين ولا بغيرهم من المستهزئين به، وألا تصده تلك الأقوال والأفعال عن دعوته ودينه ، ولا تشغله عن وظيفته ودعوته، فقال له تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} (الحجر: 95)، أي: المستهزئين بك وبماجئت به، كفيناك شرهم وأذاهم بما نشاء من أنواع العقوبات الرادعة لهم في الدنيا والآخرة.
قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: «وقد فعل سبحانه؛ فإنه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، إلا أهلكه الله، وقتله شر قتلة، والله لا يخلف الميعاد» .
وهاهنا مسألة :
أما قتل السفراء فهو حرامٌ شرعا، وجاء في الحديث : «لولا أنّ الرسل لا تقتل، لضربت أعناقكما» .
فالرسل، وهم السفراء، لا يجوز قتلهم شرعا.
وفي الحديث أيضا: «منْ قتلَ معاهداً، لم يَرح رائحة الجنة» رواه البخاري .
وهذا مما يدل على حرمة الاعتداء على من دخل بعهد وأمان إلى بلادنا.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
لاتوجد تعليقات