رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 16 سبتمبر، 2021 0 تعليق

الأوقاف تفتي بعدم جواز التصوير في المقابر إلا لضرورة – الشريعة حفظت حرمة المسلم حيًّا وميتًا

 

بناءً على فتوى صدرت من إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أصدر مدير عام بلدية الكويت المهندس أحمد المنفوحي، تعميمًا إداريا يلزم المختصين بإدارة شؤون الجنائز كافة، اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة لمنع أي أعمال تتعلق بتصوير المقابر باستخدام الكاميرات، وآلات التصوير على اختلاف أنواعها مع استمرار الرقابة الدائمة على مدار اليوم.

     وجاء في التعميم الذي نشرته (بلدية الكويت) في حسابها الإلكتروني، «العمل جار على وضع لافتات إرشادية لمنع التصوير في المقابر، على أن يعمل بهذا التعميم من تاريخ صدوره تفاديًا للمسؤولية القانونية المترتبة في حال مخالفة أحكامه، وأصدر التعميم صونًا لحرمة المقابر وانتظامًا لسير العمل ومصلحته.

 

فتوى الأوقاف

     هذا وقد وجه مدير إدارة شؤون الجنائز ببلدية الكويت د. فيصل عبد الكريم العوضي سؤالا إلى إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن جواز مشاركة النساء في التغطيات الصحفية في المقابر، وقد جاء رد إدارة الإفتاء في اجتماعها المنعقد يوم الأحد 21 من محرم 1423هـ الموافق 29/8/2021 كالتالي: إن تصویر مراسم تشييع الجنائز وتغطيتها صحفيا في المقابر من غير حاجة غير جائز شرعا، سواء قام به رجال أم نساء، وقيام النساء بهذا العمل أشد منعا، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أسباب هذا الإجراء

وتعليقًا على هذا الحدث قال د. العوضي في تصريح خاص للفرقان قائلاً: إن من أهم أسباب اتخاذ هذا الإجراء قيام بعض الجهات الإعلامية بعمل تغطيات لبعض الجنائز، كان فيه مساس بحرمة الأموات وانتهاك خصوصيات المقابر.

الحرص على حرمة الميت

     وأكد د. العوضي على أن إدارة شؤون الجنائز حريصة كل الحرص على حرمة الأموات وصيانة المقابر عموما، وأشاد العوضي بالتعميم الذي أصدره مدير عام البلدية تعميما يقضي بالمنع التام لاستخدام الكاميرات على اختلاف أنواعها في المقابر تفاديا للمساءلة القانونية، وذلك حفاظا على حرمة الأموات والمقابر، ويقتصر التصوير على الأمور الرسمية الخاصة بعد أخذ الإذن من العلاقات العامة في البلدية.

الالتزام باللوائح

مضيفًا أن الإدارة حريصة كذلك على الالتزام باللوائح الموضوعة من قبل البلدية، وعدم وجود مخالفات بأي شكل من الأشكال، ومن ذلك منع البناء على القبور عند بعض المذاهب، وكذلك تخصيص ساعات معينة لزيارة النساء.

المسجد الجديد

     وعن المسجد الجديد الذي يبنى بجوار مقبرة الصليبخات قال د. العوضي: تسعى إدارة شؤون الجنائز دائمًا إلى التسهيل على المصلين والمشيعين، لذلك سعينا إلى بناء هذا المسجد؛ حيث ستقام فيه الصلوات عموما وصلاة الجنازة خصوصا، ليتم الدفن بعد ذلك مباشرة، وقد جُهز المسجد بكافة السبل والوسائل التي تيسر تحقيق هذا الهدف.

الأولى للمسلم ترك التصوير

      من جهته قال رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ محمد الحمود النجدي: بداية اختلف أهل العلم في تصوير ذوات الأرواح بالآلة، واتفقوا على جوازه للمصلحة والحاجة كالبطاقات والجوازات، سواء كان ذلك لحيّ أم ميت، والأولى للمسلم ترك تصوير ذوات الأرواح إذا كان ذلك لغير مصلحة وفائدة، ولا سيما الموتى سواء قبل تكفينهم أم بعد تكفينهم.

- ثانيا: على المسلم إذا رأى ميتاً أو جنازة أنْ يتعظ بها، ويذكر الله -تعالى-، فإنْ كانت مسلمة ترحّم عليها ودعا لها، وإن كانت غير مسلمة فيقتصر على الاتعاظ بها، وذكر الله -تعالى- والدار الآخرة، ولا يدعو لها، أما إن كان مراد المصور بيان صفة تغسيل الميت وتكفينه كما شرع الله -تعالى-، ويوزع لتعليم الناس ذلك، والصلاة عليه، وغيره مما يحتاجه الناس فلا بأس بذلك.

احترام خصوصيات الآخرين

     من جهته قال الشيخ جاسم المسباح -تعليقًا على الفتوى-: بخصوص تصوير الجنائز في المقابر من غير حاجة أتفق تمامًا مع فتوى وزارة الأوقاف الصادرة من قبل إدارة الإفتاء؛ لأن هناك من الناس من يستهين بخصوصية الآخرين، ويهونون من انتهاك هذه الخصوصية بحجج واهية دون الرجوع لصاحب الشأن، ولا سيما في مثل هذه الظروف؛ فمن الضروري أن يحفظ الإنسان حرمة الأموات كما يحفظ حرمة الأحياء.

حفظ لحقوق المسلم

     وتعليقًا على الفتوى قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشيخ فالح العجمي: جزاهم الله خيرا وزارة الأوقاف ولجنة الفتوى بإصدار هذه الفتوى الطيبة المباركة، التي تنبه على آداب حرمة المقابر، والمنع الذي أوردوه من دخول الكاميرات والتصوير الذي ليس له داع وليس له حاجة ولا ضرورة، وكذلك لحفظ حرمة الميت وحرمة أهل الميت وخصوصياتهم، فضلاً عن المخالفات الأخرى التي يرتكبها بعض المشيعين.

     ولا شك أن هذه الفتوى تحفظ حقوق المسلم وخصوصياته، ولا سيما أن التصوير في هذا الزمان زاد شره، وانتشر انتشار النار في الهشيم، فلا نرى غير هذا يصور طعامه، وهذا يصور شرابه، وهذا يصور رحلته، وهذا يصور بيته، ووصل بهم الأمر إلى أن يصوروا المقابر والأموات وتشييع الجنائز.

     وبين العجمي أن هذا الأمر ينافي الأدب، وينافي ما وصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإنسان إذا جاء إلى الجنائز ألا يرفع صوته، وكذلك أن يكون متأدبا في مشيته في أثناء تشييع الجنائز، وأن يحرص على الصلاة عليها ، وأن يسرع في دفنها، راجيا الأجر من الله -تعالى-، وألا يتكلم كما كان يفعل السلف الصالح؛ حيث كانوا لا يتكلمون عند دفن الجنازة، وإنما إذا انتهت من الدفن، علمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «اسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل»، فمثل هذه الأمور آداب ينبغي التزامها، لا ما نراه اليوم من مثل هذه المخالفات.

     وأضاف العجمي، لا شك أن هذه الأمور تنافي الموعظة والعبرة؛ فإن الإنسان -كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أني نهيتكم عن زيارة القبور  ألا فزوروها  فإنها تذكركم الآخرة»- يتذكر الآخرة، ويعلم مصيره بعد ذلك أين هو بعد الدنيا في هذا القبر الضيق وهذا اللحد؟ فيتعظ ويتوب إلى الله -سبحانه تعالى- ويخرج من الجنائز ومن المقابر وقد زاد إيمانه، فأما إذا دخل في مثل هذه الأمور من التصوير ووسائل الإعلام وتسجيلات الفيديو وغيرها أصبح الأمر وكأنه نزهة، فتتنتفي هذه الموعظة وهذه الحكمة وهذه الغاية من تذكر الآخرة، وتقوى الله -سبحانه وتعالى- ومن الموعظة التي تصيب القلب، فلا شك أن مثل هذه المخالفات لا تجوز.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك