رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 23 يوليو، 2017 0 تعليق

الأميريكيون الأكثر تبرعا في العالم


نشرت صحيفة القبس الكويتية نقلاً عن CNBC بتاريخ 23 يونيو 2017م تقريراً عن العطاءات الخيرية في الولايات المتحدة؛ حيث أفاد التقرير السنوي للأعمال الخيرية في الولايات المتحدة الأميركية، الذي نشرته مؤسسة (غيفينغ.يو.إس.أيه)، أن الأفراد والممتلكات والمؤسسات والشركات قدمت 390.05 مليار دولار للجمعيات الخيرية في عام 2016م، مقابل 379.89 مليار دولار في عام 2015م؛ أي بزيادة 3% تقريباً عن عام 2015م.

      فكانت العطاءات الخيرية التي تبرع بها الأفراد قوية على نحو خاص؛ حيث بلغ حجمها 282 مليار دولار، بزيادة 3.9٪ عن العام السابق. ويقول الخبراء المختصون في الأعمال الخيرية: إن النمو كان مفاجئا؛ نظرا إلى حالة الانزعاج العامة والتقلبات المحيطة بالانتخابات الرئاسية، وعدم اليقين بشأن الاقتصاد والسياسة الضريبية.

ويقول (آغي سويني) -رئيس مؤسسة (غيفينغ. يو. إس. أيه)- حافظ الأميركيون على سخائهم في عام 2016، على الرغم من كونه عاماً ساده عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.

لقد شهدنا نموا في كل قطاع رئيس؛ مما يدل على مرونة العمل الخيري والدوافع المتنوعة للمانحين».

     وارتفعت التبرعات المقدمة من المؤسسات بنسبة 3.5%، لتصل إلى 59.3 مليار دولار. وانخفضت الهبات المقدمة عن طريق وصايا التوريث بنسبة 9%، لتصل إلى 30.4 مليار دولار، في حين ارتفعت عطاءات الشركات بنسبة 3.5 إلى 18.6% مليار دولار.

ويضيف التقرير: في حين استحوذ الأثرياء على حصة كبيرة من العطاءات، حيث بلغت قيمة أكبر 50 هبة 5.6 مليارات دولار العام الماضي، فإن هناك، -وفق مؤسسة (غيفينغ.يو.إس.أيه)-، أعداداً كبيرة من التبرعات الصغيرة من مانحين أقل ثراء.

     وقال (باتريك م. روني)، -العميد المساعد للشؤون الأكاديمية والبحوث في جامعة (إنديانا) (ليلي فاميلي سكول أوف فيلانثروبي)-، الذي أعد التقرير: في عام 2016م، رأينا شيئاً من الديموقراطية في العمل الخيري، قد يكون النمو القوي في تبرعات الأفراد الخيرية أقل ارتباطا بأكبر الهبات والمنح الكبيرة، التي لم تكن قوية، كما رأينا في بعض السنوات السابقة؛ مما يشير إلى أن زيادة النمو في عام 2016م، ربما جاء من تبرعات المانحين من بين عامة السكان مقارنة بالسنوات الأخيرة.

المؤسسات الدينية أكبر متلقٍّ للتبرعات:

وكشف التقرير أن المؤسسات الدينية ما تزال هي أكبر متلقٍّ للتبرعات الخيرية في الولايات المتحدة، بزيادة 3% في العام الماضي إلى 123 مليار دولار.

     واحتل قطاع التعليم المرتبة الثانية؛ حيث تلقى 59.8 مليار دولار، بزيادة 3.6%، وارتفعت التبرعات إلى الخدمات البشرية بنسبة 4%، لتصل إلى 46،8 مليار دولار، في حين زادت نسبة التبرعات المقدمة إلى الخدمات الصحية 5.7% لتصل إلى 33.1 مليار دولار.

     وارتفعت نسبة العطاءات إلى المنظمات الثقافية والفنون بنسبة 6.4٪، لتصل إلى 18٫2 مليار دولار، في حين ارتفعت نسبة المنح المقدمة للشؤون الدولية بنسبة 4.6% لتصل إلى 22 مليار دولار. وارتفعت نسبة العطاءات الخيرية إلى المنظمات البيئية والحيوانية بنسبة 7% لتصل إلى 11 مليار دولار.

لماذا كل هذا العطاء؟

     قراءة التقرير تكشف بوضوح أن العمل الخيري يمضي بسلاسة في الغرب؛ لأنه يجد دعما حكومياً ومجتمعيا كبيرا قوامه تلك الأرقام المالية الضخمة التي تجعله ينفذ برامجه بكفاءة، فأقوى دولة في العالم هي أمريكا في نجاح القطاع الثالث (الخيري والوقفي والتطوعي)، ودستور الدولة يخدم هذا القطاع؛ فهو الضابط والموجه وهو الدافع والمنظم لهذا القطاع. ومن نتاج ذلك فقد بلغ عدد مؤسسات القطاع الثالث في الولايات المتحدة 1.6 مليون منظمة، والتبرعات فاقت 319 مليار، و11 مليون موظف،و90 مليون متطوع. فلكل 200 من سكان الولايات المتحدة يحظون بمؤسسة بذل تطوعي.

     ومن هذا العطاء تكونت في الولايات المتحدة جامعات ومستشفيات ومراكز أبحاث من الأوقاف المخصصة لها أو من المؤسسات الوقفية المانحة، حتى أصبحت المنظمات والجامعات غير الربحية جزءاً لا يتجزأ من عمليات التنمية الشاملة في أمريكا مثل جامعات (جونز هوبكنز) وجامعة (ستانفورد) وغيرها حتى نافست الجامعات البريطانية العريقة القائمة على أساس العائدات الوقفية مثل (أكسفورد) و(كمبردج).

تبرعات العالم العربي:

على الرغم أننا لا نملك إحصائية واقعية تكشف حجم تبرعات المجتمعات العربية إلا أن مجموع ما ينشر من حجم التبرعات لا يتعدى في أحسن أحواله المليار دولار، وهذا رقم ضعيف جداً إذا قارناه بتبرعات الشعب الأمريكي.

     والسؤال: لماذا؟ لا شك أن عدم وجود قطاع ثالث في عالمنا العربي والإسلامي بالمعنى الحقيقي للقطاع الذي يضم المؤسسات المجتمعية التي تخفف الأعباء عن الدولة، وتشاركها في حل القضايا المجتمعية، وكذلك الحرب على المؤسسات الخيرية التي تعانيها مجتمعاتنا العربية والتشكيك الدائم في تلك المؤسسات ومخرجاتها، ولصق أعمالها في كثير من الأحيان بدعم الإرهاب وإدراج أسماء العديد من المؤسسات ضمن قوائم دعم الإرهاب، وفرض الإغلاق على بعضها، وملاحقة العاملين فيها، أدى إلى إضعاف مؤسسات القطاع الثالث.

أين قطاعنا الثالث؟

     والقطاع الثالث، قطاع رعاه وأُوجد في دولة الغرب، وسُنت له التشريعات التي تحفظ وجوده وتديم استمراره، ولكن في عالمنا العربي والإسلامي لا يسمح أن يكون لدينا القطاع الثالث المستقل النامي، ويفرض على مؤسسات للمجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والوقفية أن تكون تحت سيطرة الحكومة والدولة، وأن يبقى محدود الإمكانات والسياسية والآفاق.

فلا يراد له أن يكون كياناً مستقلاً كما كان الوقف في العهود الإسلامية السابقة، وأن يقيد بتشريعات ونظم تعطل هذه المؤسسات عن أداء مهمتها المناطة بها على الوجه الصحيح.

     وفي هذا الصدد كتب د.محمد السلومي في كتابة القطاع الثالث رؤية مستقبلية بأن: «ليس من السهل أن تصل مؤسساتنا الخيرية والوقفية لتكون شريكاً أساسياً موجهاً للقطاعين الحكومي والخاص، بل إن مؤسساتنا مع شفافيتها ووضوحها تحارب وتقيد وتمنع من الانتشار وتحقيق أهدافها، فمخرجاتها تمثل خطورة على العالم الغربي؛ ولهذا أدخلت تلك المؤسسات والجمعيات ضمن قائمة محاربة الإرهاب والتطرف».

     ويضيف السلومي: ومع ذلك نحن على يقين بأن التجربة الغربية في قطاعها الثالث في العصر الحاضر على الرغم من فاعليتها وإنجازاتها في بعض المجالات ونظمها الإدارية الناجحة غير قادرة على المنافسة والمحاكاة في فاعلية الأهداف والدوافع والتشريعات في القطاع الخيري الإسلامي؛ فالقطاع الخيري الإسلامي قائم على المبادئ والأخلاق التي تدفع العطاء أو تمنحه أو تصاحبه بأعمال فردية ومؤسسية.

     وكشفاً لواقعنا المرير مع القطاع الخيري كتب الدكتور متألماً بأنه أول مرة في التاريخ أضحى العمل الخيري الإسلامي محل شبهات وشك وخوف وتوجس عند كثير من أبناء المسلمين، حكاماً وسياسيين، مفكرين ومثقفين، وتجاراً ومانحين، وهذا نتاج عمل دؤوب وإستراتيجيات ثابتة انتهجها الغرب ليوصل عملنا الخيري إلى ما وصل إليه. في الوقت الذي يدعم فيه الغرب قطاعه الخيري ويعده قطاعاً ثالثاً، حرص كذلك على محاربة القطاع الخيري في المجتمعات الإسلامية من خلال هيمنته ونفوذه وسيطرته على كثير من الحكومات الإسلامية.

     ذلك التضييق في ظل واقع مرير يعيشه حسب إحصائية في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية بأن 65 مليون عربي يعانون الفقر وتحت خط الفقر، و37% في العالم الإسلامي يعيشون الفقر وتحت خط الفقر. وهذا يعني أن ثلث سكان العالم الإسلامي تحت خط الفقر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك