الأمية القانونية بين النساء وخطورة إنتشارها !!
طبعًا لأن القانون لا يحمي المغفلين وقعت كثير من النساء رهينة جهلهن بالقانون، وانصهرن في ورطات تلو ورطات حتى كان المصير أروقة التحقيق والنيابة!! لأنهن لا يتصورن أن القانون يعاقب على كذا وكذا من تصرفات هي في الحقيقة تحت مجهر التجريم والتحريم في الجزاءات، ولا عزاء لمن يفتقد التنوير فيها!!.
وكثيرات لا يعلمن من جهة أخرى أن لهن حقوقا في القانون قد تخلّين عنها، بل لا يطالبن بها ظنا منهن أنها ليست لهن حقا مكتسبا، وتظن الواحدة منهن أنها إذا نالتها فإنها تكون تفضلا وإكراما من الطرف الآخر لها، إن هو أهداها إياها طواعية وحبا وكرامة فخير على خير، وإن هو حجبها عنها وسحب منها حقها فإنها تستحيي أن تطالبه بها، بل كثيرات من النساء يدركن بعض حقوقهن ولكن الخجل يمنعهن من التحرك من أجلها ولسان حالها ومقالها: «إن عطوني حقوقي فبها ونعمت، وإن ما عطوني أستحي أعرّض وجهي لهم»!! ونسمع من بعضهن عبارة: «ما أبي طلايب بالمحاكم!!» نموذج من نماذج التنازل الذي هو في غير محله! بعض الزوجات التعيسات مع أزواجهن تقول متذمرة: «آنا ما أبي منه شيء، لا يصرف عليّ، آنا عندي معاشي والحمدلله مكفّيني، بس آنا أبيه يصرف على عياله!».
طبعا -عزيزي القارئ- هذا الكلام كله خطأ من أوله إلى آخره، فالزوج إذا تعوّد على عدم الإنفاق على زوجته (يتبرمج) على البخل معها، بل تحدّثه نفسه أن يأخذ منها، بل إن بعض الأزواج قد أخذ منها فعليا بطريق الإجبار أو باللف والدوران، والأب إذا اعتاد أن (كي نت) ابنته الموظفة في جيبه فسيصادر حقها في الزواج وسيعضلها!! هذا فضلا عما يقع لبعض النساء من توقيع أوراق مالية تودي بحياتها إلى المهلكة والديون المتلاحقة تحدثني إحداهن أن زوجها ألزمها طواعية مرة وخوفا منه مرة أخرى!! ألزمها مرات عدة بأن تأخذ له قروضا مالية من بنوك ربوية، ولك أن تتخيل -عزيزي القارئ-الفوائد المثقلة بها من أجل سواد عيني الزوج!!، والتقيت مرة بإحدى السجينات التي حدثتني أن مسؤولها في الدوام دعاها للمشاركة معه في مشروع تجاري وشجّعها على توقيع أوراق من أجله، ثم كانت النتيجة أن صارت رهينة السجن، طبعا لا هي تفهم بالقانون ولا فكرت أن تستشير أحدا قبل التوقيع، وأمثال ذلك كثير وكثير جدا. حضرت ندوة عن حقوق المرأة في الإسكان أقامتها الفاضلة وضحة المضف في رابطة الاجتماعيين قبل شهر تقريبا، واستوقفتني شكوى أرملة تريد حلا، وترفع صوتها للنواب المحاضرين تشتكي من كون زوجها قبل وفاته قد باع بيت العمر المسجل باسمها واسمه، وحينما سألوها كيف وقّع المستندات عنك والبيت لكما أجابت أنها أعطته وكالة عامة ؟! فصاح الجمهور والضيوف بها: إذًا لا تشتكي فالقانون لا يحمي المغفلين! رجل أوهم امرأة أنه الرجل الحامي لها من كدر الدنيا بعد انفصالها من زوجها الأول، فعرض عليها الزواج وبعد أسبوع فقط طلب إليها أن تسجل بيتها الجديد باسمه فوافقت الساذجة، ومن يومها هجرها بعد أن تملّك البيت والتفت إلى زوجته الأولى، وهي الآن خسرت حياتها الأولى والثانية وتعيش وحيدة.
عزيزي القارئ، القانونيون في بلادنا مهمتهم كبرى في رفع سقف الوعي عند المرأة قبل الرجل في مجتمعنا، لذا أنا آمل أن تجتهد مؤسسات المجتمع المدني في تفعيل المحاضرات والندوات والملتقيات عند بسطاء الناس في أماكن تجمعاتهم، ولا ننتظر أن نقيم نشاطا في مقراتنا وأماكننا وندعو الناس فلا يأتينا أحد، بل ينبغي أن ننزل نحن إلى حيث يوجدون ونمارس معهم أدروارنا التوعوية، ودور المحامين في بلدي، نريده أن يرتقي إلى حد الإشباع القانوي للنساء خصوصاً وللمجتمع عموماً.
لاتوجد تعليقات