رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مؤمنة معالي 20 يونيو، 2019 0 تعليق

الألعاب الإلكترونية.. شبح يهدد مستقبل (الأطفال)


الأطفال هم الثروة الحقيقية للأمة، وهم مستقبل البشرية، ومصدر قوتها الحقيقي، واستمرار مسيرتها نحو عمارة الكون، والقيام بواجب استخلاف الإنسان لله -عز وجل- بالحق والعدل والخير، وقد وجه الإسلام الإنسان إلى ضروريات خمس هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ المال، ولا ينكر عاقل أن الهواتف الذكية أصبحت الآن تؤدي دورًا كبيرًا في حياة أطفال المسلمين، وأصبحت تنتشر بينهم انتشارا لافتا، وزادت المدة التي يمضونها مع تلك الأجهزة؛ الأمر الذي دفع كثيرًا من الإخصائيين وولاة الأمور لدق ناقوس الخطر من الآثار السلبية التي قد تترتب على هذا الاستخدام مطالبين بتقنينه.

آثار صحية

     تشير دراسة أجريت عام 2017 في جامعة (مونتريال) الكندية إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو قد تضر بالمخ؛ فمعظم المشاركين في الدراسة يستخدمون منطقة من الدماغ تسمى النواة المذنبة، يتنقل هؤلاء اللاعبون عبر تضاريس اللعبة باستخدام أدوات التنقل داخل النظام، أو نظام تحديد المواقع العالمي على الشاشة، معتمدين على (العادة) بدلاً من التعلّم النشط.

      وتشير الدراسة إلى أن استخدام أدوات التنقل يسبب زيادة في كمية المادة الرمادية في نواة المذنبات، وسبق أن تم ربط المادة الرمادية بزيادة مخاطر أمراض الدماغ، بما في ذلك الاكتئاب، والفصام، واضطراب ما بعد الصدمة، ومرض الزهايمر، كما أن اللعب إلكترونيًا لساعات طويلة، يدخل الطفل في عزلة اجتماعية، وقد يقضي وقتا أقل في أنشطة أخرى، مثل القيام بالواجبات المنزلية ، والقراءة ، والرياضة، والتفاعل مع العائلة والأصدقاء

الأمن الإماراتي يحذر الآباء

      في الإمارات دعت شرطة أبو ظبي الأسر بإيجاد البديل النافع لأبنائها عبر ممارسة الألعاب الحركية والأنشطة الرياضية والذهنية، وتشجيع القراءة وتحفيزهم على الإبداع والابتكار بعيداً عن الألعاب الإلكترونية الخطيرة التي تتضمن عنفاً وسلباً لعقول الأطفال، ويدخل فيها نوع من عمليات التحدي الخطر الذي يؤثر في نفسياتهم، ويقودهم إلى أساليب وحشية في ارتكاب الجرائم عند نهاية هذه الألعاب.

      ولفتت شرطة أبوظبي إلى نتائج الدراسات العلمية وتوصيات الخبراء المختصين حول مخاطر جلوس الأطفال ساعات طويلة لممارسة الألعاب الإلكترونية الخطرة التي تؤدي إلى محاولة تقليد شخصية بطل اللعبة العنيف الذي يقتل ويدمر الأعداء كي يصل إلى هدفه، وتنتهي مأساة مثل هذه الألعاب في آثارها السلبية بالطفل؛ بحيث يصبح منعزلاً اجتماعيا، مؤكدةً على أهمية تعزيز الرقابة الأسرية اللصيقة للأطفال عند ممارسة تلك الألعاب الإلكترونية الخطرة، واستخدامهم مواقع التواصل الاجتماعي ذات الصلة بهذه الألعاب ولفت انتباههم إلى المواقع الإيجابية التي تفيدهم.

انتحار أطفال

ولخطورتها منعت المملكة العربية السعودية 47 لعبة الكترونية بعد انتحار طفل:

وفي تموز الماضي أصدرت هيئة الإعلام المرئي والمسموح فيها قراراً بمنع قائمة من الألعاب الإلكترونية من التداول والبيع في المملكة، إثر حادثة انتحار طفل في الصف السادس الابتدائي في مدينة أبها بسبب لعبة (الحوت الأزرق).

     لعبة (الحوت الأزرق) خطفت أيضاً عدداً من الأطفال والمراهقين في كل من الأردن ومصر، منذ أن ظهرت لأول مرة في روسيا عام 2016، وهي لعبة تستهدف الأطفال والمراهقين، وتتكوّن من مجموعة من التحديات تمتد إلى 50 يومًا، وفي التحدي النهائي يُطلب من اللاعب قتل نفسه.

إدمان الألعاب الإلكترونية

     الذكور يميلون أكثر لإدمان الألعاب الإلكترونية: كشف -رئيس قسم الطبّ النفسي في الجامعة اللبنانية- الدكتور رمزي حداد أن إدمان الألعاب الإلكترونية سيُدرَج رسمياً ضمن الاضطرابات النفسيّة اعتباراً من سنة 2019، لكنه طمأنَ إلى أن ليس كلّ مراهق يمضي ساعات طويلة أمام جهازه الإلكتروني يُعد مدمناً؛ إذ إن ثمة معايير محددة لتشخيص الحالة على أنها اضطراب إدمان.

وأشار حداد في ورشة أقامها نادي (روتاري بيروت سيدرز) إلى أن الإدمان الإلكتروني منتشر بطريقة ملحوظة لدى المراهقين والبالغين الشباب، أي لدى الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و20 عاماً، وهو يُلاحَظ لدى الذكور أكثر مما لدى الإناث.

     وأوضح حداد أن العوارض التي تتيح تشخيص الإدمان هي: فقدان السيطرة على النفس، وتحول النشاط الإلكتروني إلى أولوية تتقدم على الأنشطة الأخرى، والمضيّ في النشاط الإلكتروني حتى لو كانت له انعكاسات وآثار سلبية، كالتأثير على النتائج الدراسية، أو العلاقات الاجتماعية، أو حتى الصحة في بعض الحالات، كذلك يتوقف تشخيص الإدمان على الوقت الذي يمضيه الشخص أمام الشاشة الإلكترونية.

هل طفلي مدمن؟

     يقول الدكتور يزن عبده -المستشار التربوي والأسري-: إن مشكلة إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية عبر الهاتف، أو (البلاستيشن)، أو (التابلت)، تصنف من ضمن أخطر ثلاث مشكلات في العالم، ومنذ عامين؛ فإن من يقضي 5 ساعات يومياً فأكثر على اللعب، يعد مدمناً في هذا الجانب، ولو كانت هذه الساعات متقطعة.

الانفصال عن الأسرة

     ويشير عبده في حديثه لـ(الفرقان) بأن  الإدمان على هذه الألعاب، يسبب حالاً من الانفصال عن الأسرة، كما أنها تسبب حالة من التوحد الوهمي؛ حيث ترى الأطفال لا يتفاعلون، ولا يتواصلون، ولا يتكلمون مع المحيطين بهم، كونهم منشغلين بالأجهزة الإلكترونية، وهذا فقط بسبب تسمرهم الدائم أمام الشاشات، لكنهم في الحقيقة أسوياء وطبيعيون وغير مصابين بالتوحد.

     ويصف عبده الألعاب الإلكترونية بأنها تسبب إفراز هرمونات في الجسم، تسبب حالاً من الراحة والسعادة والمتعة، قائلاً: أدوات إفراز هرمونات السعادة في هذه الأيام تختلف عن السابق؛ فقبل عقود كانت فكرة الألعاب الالكترونية بسيطة جداً، لكنها اليوم تمكن الطفل من اللعب جماعيا ومباشرة مع أصدقائه من أي دولة في العالم، إلى جانب جودة اللعبة ورسوماتها والمؤثرات الصوتية وغيرها من التقنيات الجاذبة للطفل. الآن أصبح طفلك الذي يجلس بجانبك منعزلا عنك سمعاً وبصراً وفكراً.

علامات إدمان الطفل

     ويضيف عبده بأن من علامات إدمان الطفل على الألعاب الإلكترونية: قضاء أوقات طويلة وممتدة لساعات في اللعب، يسأل عن جهازه اللوحي دائماً وفور عودته من المدرسة، وحديثه دائما منصب في جانب الألعاب التي يمارسها ويسأل عنها كثيراً، ويعاني القلق والعصبية وقلق النوم وويعبر عن عدم الرضا كثيراً، ويشير عبده إلى أن هذه السلوكيات، تعني أننا أمام مرحلة خطرة، وأننا نسير باتجاه خطير في حال لم نحد من تعامل أطفالنا مع هذا الجانب.

عقد سلوكي

ويقترح عبده إقامة (عقد سلوكي) مع الأطفال في المنزل؛ بحيث أن تقوم مع طفلك بالاتفاق المكتوب وبلغة إيجابية مشتركة، والتراضي على تهذيب استخدام الألعاب الإلكترونية في المنزل على النحو الآتي:

     التقنين من استخدام الألعاب الإلكترونية لن يتحقق إلا إذا كان تدريجياً؛ فإذا كان طفلك يلعب لمدة 5 ساعات، اتفق معه على أن يلعب لمدة 4 ساعات خلال الأسبوع، ثم قم بتجديد العقد في الأسبوع المقبل ليصبح وقت اللعب من 4 ساعات لثلاث ساعات ونصف وهكذا.

     لا تستخدم كلمة ممنوع في العقد، بل قل له ما رأيك أن نتفق على استخدام الجهاز اللوحي من الساعة الخامسة وحتى السادسة مثلا؟، اتفق مع طفلك على إطفاء الأجهزة الإلكترونية في ساعة محددة مساءً، ولا تترك الأجهزة في أيدي الأطفال ليلاً، لكي لا يقضوا ساعات طويلة في اللعب على حساب وقت راحتهم ونومهم.

اتفق مع طفلك على اللعب بوجود الأب، أو الأم، أو الأخ الكبير، واطلب إلى طفلك التوقيع على (العقد السلوكي) لكي يشعر بالمسؤولية ويحترم الاتفاق.

     ويشير عبده إلى أنه وخلال 3 شهور من (العقد السلوكي) الذي يجب أن يتجدد أسبوعيا، ومع تقليل الساعات تدريجيا يجب أن نصل؛ إلى أن يلعب الطفل الكترونياً 60 دقيقة يومياً فقط، مع مراعاة إدخال أنشطة حركية وذهنية أخرى لملء وقته وتمكينه من الابتعاد عن اللعب الالكتروني.

مدة اللعب

كم يجب أن يقضي الطفل يومياً أمام الألواح الالكترونية؟ يقول الدكتور يزن عبده: بأنه لا ينصح أن يتعرض الطفل من العمر للتلفاز، والكمبيوتر، والأجهزة اللوحية، وغير ذلك من وسائل التكنولوجيا على الإطلاق.

ويضيف عبده بأن على الآباء السماح للأطفال بـ45 دقيقة فقط يومياً لاستخدام وسائل التكنولوجيا، كالتابلت، والتلفاز، وغيرها من الوسائل بما فيها الألعاب الإلكترونية.

وأشار عبده إلى أن من عمر5 سنوات فما فوق، يجب ألا يتجاوز استخدام الفرد لوسائل التكنولوجيا بداعي الترفيه لأكثر من ساعة، ويستثنى من ذلك في حال وجود أعمال دراسية، أو بحثية، أو عمل.

وألمح عبده بأن كل ساعة من التسمر للأطفال دون العشر سنوات أمام الإنترنت بحاجة إلى أربع ساعات من اللعب والحركة، من أجل تفريغ الطاقة والشحنات السالبة؛ لتعود التركيبة النفسية والجسدية طبيعية للطفل.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك