الأقليـــــة المسلمة في فنلندا
فنلندا إحدى دول الشمال، في شرقي شبه جزيرة إسكندنافيا، دولة محايدة، ويطلق عليها أرض البحيرات والغابات، حصلت على استقلالها من روسيا في سنة 1336هـ ـ 1917م، واحتلها الروس مرة أخرى في سنة 1360هـ ـ 1941م، ثم تحررت بعد الحرب العالمية الثانية، واستولى السوفييت على عشر مساحتها.
يتكون سكان فنلندا من ثلاث مجموعات، فمنهم جماعات اللاب وهي قليلة العدد وتعيش في الشمال، ثم الفنلنديون وهم الأغلبية؛ حيث يشكلون حوالي (92%)، ثم جماعات من السويد وتعيش بوصفها أقلية في الجنوب والغرب، ثم المسلمون وهم أقلية صغيرة من العناصر التركية المهاجرة وهي التي نقلت الإسلام إلى فنلندا.
كيف وصل الإسلام إلى فنلندا؟
وصل الإسلام إلى فنلندا منذ سنة 1224هـ ـ 1809م، وذلك عندما هاجر إليها عدد من المسلمين التتار تجاراً للفراء، وفي أثناء حكم الروس لفنلندا، وكان معظم المهاجرين من منطقة قازان، واستقر التتار المسلمون بفنلندا، وأسسوا أول جمعية إسلامية لهم في سنة 1246هـ ـ 1830م، وكانت هذه الجمعية تتبع المشيخة الإسلامية للتتار في مدينة أوفا، وعندما استقلت فنلندا عن روسيا في سنة 1336هـ ـ 1917م، فضل المسلمون البقاء بفنلندا، ووصلت هجرات من المسلمين الذين اشتغلوا رجال أعمال ومهنيين ونظموا شؤونهم فانتخبوا هيئة إسلامية ترعى مصالحهم، وطالبوا الدولة بالاعتراف بالإسلام، وتزعم هذا السيد ولي أحمد والسيد عمر عبد الرحيم، فاعترفت حكومة فنلندا بالإسلام ديناً في فنلندا في سنة 1344هـ ـ 1925م.
وكان عدد المسلمين ضئيلا أول الأمر، فحتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري لم يتجاوز عددهم ألف مسلم، ثم زادت هجرة المسلمين إلى فنلندا بعد الحرب العالمية الثانية، ووصل عددهم إلى أكثر من 2.000 مسلم في سنة 1391هـ ـ 1971م، والآن حوالي 3.000 مسلم.
مناطق المسلمين:
ينتشر المسلمون في مناطق مختلفة من فنلندا، ولكن أكبر عدد منهم في مدينة (هلسنكي) وفي تامبيري، وبرومباه، وتوركو، وكوتا، وبارفينا، وغالبيتهم من الطبقة المتوسطة، ومعظم المسلمين من التتار واليوغسلاف وبعض الباكستانيين والمغاربة، والغالبية أحناف، وبرغم صغر عدد الجالية المسلمة بفنلندا إلا أنها متمسكة بدينها، وجيدة التنظيم، وتهتم بالحفاظ على القيم الإسلامية بين أبنائها، ولكن يخشى من ذوبان هذه الجالية في المجتمع الفنلندي؛ لذا يطالبون بعلماء يجيدون التركية لتعليم أبنائهم، كما يطالبون بتقوية العلاقات بينهم وبين الدول الإسلامية، ويلاحظ أن عدد المسلمين بفنلندا قليل، وذلك بسبب الهجرة منها، أو بسبب الزواج المختلط، والذوبان في المجتمع الفنلندي.
الهيئات الإسلامية
أسس المسلمون أول جمعية إسلامية حديثا في فنلندا سنة 1952م، كما أسس المسلمون مركزا إسلاميا في هلسنكي وناديا للشباب المسلم، ويتكون المركز من: مسجد، ومدرسة للأطفال، وقاعة للاجتماعات، وقاعة للاحتفالات الدينية، ومكتبة للجمعية، ومقر للإمام، وهناك مراكز إسلامية أخرى في أربع مدن، هي: تامبيري، وبارفينا، وتوركو، وكوتا، وترجموا معاني القرآن الكريم إلى الفنلندية.
وللمسلمين في فنلندا جمعيتان، واحدة في هلسنكي والثانية في تامبيري، وهناك تعاون كبير بين الجمعيتين، وجمعية هلسنكي أكبر حجما وأوسع نشاطا، ولهم جمعية ثقافية هي الجمعية التركية الفنلندية، ولها عدة فروع، وتوجد مقبرة للمسلمين في هلسنكي، وأخرى في مدينة توركو.
المساجد
يوجد مسجد في العاصمة هلسنكي تشرف عليه الجمعية الإسلامية، وبالعاصمة مركز إسلامي يتبع الجمعية الإسلامية أيضا، وهناك مشروع لبناء مركز إسلامي جديد في هلسنكي بتكلفة 55 مليون مارك فنلندي، وسوف يضم مسجدا ومركزا إسلاميا، ملحقات وعدة، وفي مدينة تامبيري مسجد تشرف عليه جمعية تامبيري الإسلامية، ويوجد مسجد في مدينة توركو، ومسجد آخر في مدينة برومباه.
التعليم الإسلامي
في أول الأمر كان التعليم قاصرا على جهود الآباء، ثم فتحت الجمعية الإسلامية في هلسنكي مدرسة ابتدائية لتعليم أبناء المسلمين، وتعترف فنلندا بالجالية المسلمة، ولذلك تقدم المساعدات للمدارس الخاصة، ولهذا تقدم مساعدة لهذه المدرسة، والجالية المسلمة في حاجة إلى مدارس أخرى في مناطق تجمع المسلمين في المدن الأخرى.
التحديات
يبرز على الساحة الإسلامية في فنلندا تحديات عدة، منها ظاهرة الذوبان في المجتمع الفنلندي، ومنها عزلتهم عن العالم الإسلامي، ومنها قلة المدارس الإسلامية واقتصارها على مدرسة هلسنكي، ومنها عدم وجود منهج إسلامي تعليمي، وقلة الكتب الإسلامية، ومنها ندرة العلماء الذين يجيدون اللغة الفنلندية.
المتطلبات
أبرز متطلبات المسلمين في فنلندا كسر نطاق عزلتهم عن العالم الإسلامي، والحاجة إلى العلماء الذين يجيدون لغة فنلندا، ويمكن أن يتم ذلك بتخصيص بعض المنح لأبناء الأقليات المسلمة في فنلندا للدراسة في الجامعات الإسلامية، ومن متطلباتهم استكمال مشروع المركز الإسلامي في هلسنكي، ويلاحظ أن الحكومة الفنلندية أفضل حكومات غرب أوروبا معاملة للمسلمين، ولهذا يمكن الخروج بالدعوة الإسلامية إلى دائرة أوسع من نطاق الجالية المسلمة.
لاتوجد تعليقات