الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مقنعاً بالحديد على مشارف المعركة، فقال: «يارسول أأسلم أو أقاتل؟ فقال أسلم ثم قاتل فقتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عمل قليلاً وأجر كثراً» رواه البخاري، العمل إذا كان خالصاً لله عز وجل وموافقا لسنة النبي، قبله الله عز وجل وضاعفه إلى عشرة، وإلى مئة، وإلى سبعمئه ضعف وأكثر من ذلك.
- وفي موقف آخر: بعد أن صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر وقعد وقام ليدخل بيته فوجد جويرية - رضى الله عنها - من بعد الفجر جالسة كما هي، سألها: مازلت على الحال التي فارقتك عليها، قالت: نعم، قال: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم، طيلة الوقت هذا الماضي لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» رواه مسلم.
- وفي موقف ثالث: قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهم يسيرون في إحدى الغزوات تلك التجارة «إن بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم، شاركوكم في الأجور، لماذا؟ قال: حبسهم العذر» رواه البخاري, لأنهم يملكون صدق النية، لو كانوا مستطيعين لخرجوا».
- وفي موقف رابع للأعمال اليسيرة والأجور الكثيرة: قراءة سورة الأخلاص عشر مرات يبني لك قصراً في الجنة، وترطيب اللسان بالذكر: «الحمدلله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمدلله تملأ ما بين السماء والأرض » رواه مسلم، كم تأخذ من الجهد، كم تأخذ هذه من الوقت؟ وكم فرطنا من الوقت؟ وكم أضعنا الفرص في الاستغلال الأمثل له.
- وفي موقف خامس عندما يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم «من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري. أي في الصلاة الجهرية وعندما يختم الأمام سورة الفاتحة تسمع منه كلمة آمين وتقولها معه؛ هذا الوقت تحديدا ليس قبله ولا بعده.
- وفي موقف سادس: صيام يوم واحد يبعد عنك النار سبعين سنة، وصلاة واحدة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف صلاة، وصلاة واحدة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، وصلاة ركعتين في مسجد قباء بعمرة تامة.
- وفي موقف سابع: عندما تتوضأ تتساقط ذنوبك عند أخر قطرة ماء، عندما تقول بعد وضوئك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل.
- إن أسس التجارة مع الله وقواعدها التي لن تبور: توحيد الله عز وجل فهو الأساس المتين والبناء يسهل بعد ذلك ويتصاعد بسرعة، ولذلك مهما عمل الكافر أو المشرك من الأعمال فليس له مقابل عليها في الآخرة، قال تعالى: «وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً».
ويحتسب الأجر عند الله عز وجل والأجور المضاعفة، ولا أجر بلا عمل، فالذين لا يعملون بما سيؤجرون لن ينالوها، والأعمال فيها أعمال القلب واللسان وسائر الجوارح.
- المسلم يؤجر على الفعل والترك: فعندما يأكل أو يشرب أو ينام أو يلبس يؤجر عليه إذا أحسن النية، وإذا ترك المعاصي وهو قادر على فعلها وتركها لله عز وجل أجر عليها، وإذا ذهب إلى طاعة واشتدت عليه المشقة عظم له الأجر، لكن بشرط ألا يبحث هو عن المشقة، فمثلاً لا يقول أريد أن أذهب إلى مكه ولا أشغل المكيف وأذهب إلى طريق مزدحم، فهذا لا يؤجر عليه.
ومثلها إذا صلى الصلاة الرباعية أثناء السفر ركعتين كان أجره أعظم؛ لأنه طبق السنة.
- أنواع الأجور ومميزاتها: فمثلاً يريد أن يكون مرافقاً للنبي صلى الله عليه وسلم والقرب منه، فيكفل اليتيم ويسعى على الأرملة ويسأل الله عز وجل ذلك ويكثر من السجود والصلاة، ويريد أن يطيل الله في عمره ويوسع في رزقة فيصل رحمه من جانب الأب والأم، ويريد أن تكون له حراسة الله، فيصلي الفجر جماعة، يريد العتق من النار فيذب عن عرض أخيه في المجالس، ويريد الحور العين فيكظم غيظه، ففي الحديث «من كظم غيظا ولو شاء أن ينفذه أنفذه، ما عنده عجز يخيره الله من الحور العين يوم القيامة ما شاء» رواه الترمزي.. وهكذا.
- علينا أن نقرأ كثيراً في كتب فضائل الأعمال الصحيحة، وأن نبشر بها الناس ونعلمهم وندعوهم بكل الوسائل والأساليب الممكنه المتاحة والمباحة حتى يتنافس الجميع، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومها وإن قل.
والحمدلله رب العالمين.
لاتوجد تعليقات