رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 10 يوليو، 2018 0 تعليق

الأطفال.. الخاسر الأكبر في الحروب والأزمات بالمنطقة العربية!

قال الله -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}(الإسراء: 70). المتأمل في الشرع الإسلامي الحنيف، يجد أنه أعطى الطفل الحقوق الجسدية والنفسية والمالية والتعليمية والتربوية كافة بأفضل أنواع الرعاية والمحافظة عليها؛ كذلك فإن المنظمات الحقوقية وعلى رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكدت على تمكين الطفل من التمتع بطفولة سعيدة، ينعم فيها بحقوقه وحريته الطبيعية، إلا أن ما يتعرض له الأطفال مؤخرًا في منطقتنا العربية والإسلامية، يعد انتهاكًا واضحًا لهذه الحقوق كافة،  -ومع الأسف- أن نرى حياة عدد كبير من هؤلاء الأطفال تتأثر تأثرا كبيراً من هول الصراعات، وعدم المساواة، وانتشار الفقر، والتمييز.

350 مليون طفل

     فقد ذكرت منظمة (أنقذوا الأطفال) الدولية الخيرية، أن أكثر من 350 مليون طفل، أي ما يعادل طفلا من بين كل ستة أطفال في العالم، يعيشون حاليا في مناطق تشهد صراعات وحروبا، وأوضحت المنظمة في تقرير لها يحمل عنوان: (الحرب على الأطفال) أن العدد الفعلي لهؤلاء الأطفال قد ارتفع بنسبة 75% خلال السنوات الـ 25 الأخيرة، وأضافت أن الأطفال الذين قتلوا، أو أصيبوا في هذه المناطق، قد تضاعف عددهم أربع مرات منذ عام 2010، ويتحدث تقرير المنظمة للعام الحالي 2018 عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب في حق الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة.

انتهاكات جسيمة

      وأوضحت المنظمة في تقريرها، أنه في عام 2016 كان طفلان من بين كل خمسة أطفال في منطقة الشرق الأوسط، يعيشون في نطاق يمتد لمسافة 50 كيلومترا من بؤر التوتر في بلدانهم، وذكرت المنظمة التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرًا لها، أن أطفال سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، معرضون أكثر من غيرهم لانتهاكات جسيمة؛ بسبب الصراعات المسلحة، يليهم أطفال أفريقيا، وأشارت إلى أن سوريا، وأفغانستان، والصومال، تأتي في صدارة ترتيب الدول العشر الأكثر خطورة في العالم، وخلصت إلى القول بأن وضع الأطفال في مناطق النزاعات حاليا أخطر بكثير مما كان عليه خلال السنوات الـ 20 الماضية.

أول ضحايا الحروب

     وفي تقرير لها أوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، أن الأطفال هم أول ضحايا الحروب التي تدور رحاها في العالم، وكثيرًا ما يتمّ استهدافهم من خلال استغلالهم في الخطوط الأمامية، واستخدامهم دروعا بشرية؛ فمن بين ستة أطفال في العالم، هناك طفل يعيش في منطقة نزاع مسلح، وهو ما يشير إلى أن أكثر من 375 مليون طفل حول العالم يعيشون في مناطق النزاع ما يزيد بنسبة 75% عن عام 1995.

وأكدت المنظمة أنّ الأطفال أصبحوا أكثر عرضة للنزاعات المسلحة، أكثر من أي وقت آخر خلال العشرين عامًا الأخيرة، وعدت المنظمة سوريا، وأفغانستان، والصومال أكثر المناطق خطرا على الأطفال.

الأطفال في منطقة الشرق الأوسط

     وحسب تقرير (اليونيسف)، يعيش الأطفال في منطقة الشرق الأوسط في مناطق تشهد نزاعات؛ حيث يعيش طفلان من بين خمسة أطفال في حدود 50 كيلومترا من مكان المعارك والهجمات الخطيرة. كما احتلت أفريقيا حسب التقرير المركز الثاني؛ من حيث خطورة الوضع على الأطفال.

     حوالى 165 طفلا تمّ تصنيفهم على أنهم يعيشون في مناطق نزاع، وهؤلاء الأطفال معرضون لمخاطر (الانتهاكات) حسب المنظمة الأممية، واستخدمت منظمة (اليونيسف) بيانات عن تدهور وضع الأطفال خلال الحروب والأزمات؛ حيث أكدت وجود زيادة بنسبة 300 في المائة في عدد الأطفال الذين قتلوا، أو أصيبوا منذ العام 2010، وقد استندت المنظمة التي تعنى بحماية الطفولة، إلى سجلّ الأمم المتحدة للحوادث والتحقيقات.

أخطر الأماكن

     وأوضحت المنظمة أن سوريا، وأفغانستان، والصومال، تعد من أخطر الأماكن على الأطفال، ويرجع السبب في ارتفاع عدد الأطفال الذين يعيشون في المناطق الخطيرة إلى تحول الحروب نحو المناطق الحضرية والمدن، واستدامة النزاعات المسلحة، فضلا عن وجود حصار إنساني متعمد من جانب الجماعات المسلحة على المدنيين، مثلما هو الحال في سوريا واليمن.

تكتيكات المجاعة

      فقد جاء في التقرير أنّ تكتيكات الحصار وتكتيكات المجاعة تستخدم بنهج متزايد، كسلاح حرب ضد المدنيين، في محاولة لإجبار جماعة مسلحة، أو مجتمع كامل على الاستسلام. كما أنّ الهجمات على المستشفيات والمدارس أصبحت وسيلة جديدة، وتراها بعض الجماعات المسلحة طبيعية.

أساليب وحشية

      وتؤكد منظمة (اليونيسف) أنه ورغم تحسين المعايير القانونية الدولية لحماية الأطفال فإنه يتمّ اللجوء عمدا إلى أساليب وحشية من قبل الجهات التي تحرّك النزاعات في أنحاء العالم جميعها، وتشمل الانتهاكات تجنيد الأطفال، والعنف الجنسي ضدهم، وتقول بعض الأوساط: إنّ الإحصاءات الخاصة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال غير معروفة إلى حدّ كبير بسبب التردد في الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية.

التهديدات مستمرة

      وبالرغم من تراجع استخدام بعض الأسلحة المعروفة بقتل الأطفال وتشويههم، كالأسلحة الكيميائية، والألغام الأرضية، والقنابل العنقودية، لا تزال هناك تهديدات أخرى، مثل اللجوء إلى العمليات الانتحارية، واستخدام البراميل المتفجرة، والأجهزة المتفجرة، التي تتسبب في مقتل الجنود والمدنيين عشوائيا، فضلا عن  مخاطر الإصابات والتعرض إلى القتل، كثيرًا ما يفتقر الأطفال في مناطق النزاع إلى المرافق الصحية الأساسية والمدارس ومراكز التعليم، كما يعانون من سوء التغذية.

الإجهاد السام

      كما أكدت منظمة (اليونيسف) العام الماضي، وجود مستويات عالية من (الإجهاد السام) في صفوف الأطفال السوريين؛ بسبب تعرضهم لأهوال الحرب لفترات طويلة، وأكدت المنظمة أنّ الأطفال يعانون من الحروب وأعمال العنف، ولاسيما وأنّ منازلهم ومدارسهم وملاعبهم أصبحت ساحات معارك، ومثل هذه الجرائم ضد الأطفال، تعد أكثر أنواع الإساءة في حق الأطفال، وعلى هذا الأساس طالبت المنظمة المجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهود لحماية الأطفال من الحروب والنزاعات.

الحرب على الأطفال

     ويستند التقرير المعنون بـ (الحرب على الأطفال) إلى جملة البحوث التي أجرتها منظمة (اليونيسف)، ومعهد بحوث السلام في أوسلو، الذي يهتمّ بمسارات العنف الدولي في الفترة 1916-1995، وبالتالي؛ فالبيانات المستمدة من عام 2017 غير كاملة؛ ولذلك فإن الوضع المؤلم للأطفال في ميانمار وبعض المناطق الأخرى، لا يتم التطرق له بإسهاب.

سُرقت طفولتهم

     بدوره قال جيرت كابيلير المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن العديد من الأطفال قُتلوا خلال النزاعات المتواصلة، أو الهجمات الانتحارية، أو نتيجة التجمد حتى الموت أثناء فرارهم من مناطق الحروب المشتعلة، وأضاف (كابيلير) ليس مئات، وليس الآلاف، ولكن الملايين من الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد سُرقت طفولتهم وشُوهت حياتهم، وتعرضوا للصدمات النفسية، والاعتقالات، والاحتجاز، والاستغلال، والحرمان من الذهاب إلى المدرسة والحصول على الخدمات الصحية الأساسية، حتى حقهم الأساسي في ممارسة طفولتهم واللعب، حُرموا منه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك