رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد احمد لوح 25 سبتمبر، 2019 0 تعليق

الأسس والمبادئ الأخلاقية في الأعمال الإدارية


إن السمات الأخلاقية التي قررها الإسلام لا يكون الإنسان إنسانا كامل الإنسانية دون أن يتحلى بها، ومن أحوج الناس إلى التحلي بالأخلاق الإسلامية المسلمون المبتلون بالولايات العامة والوظائف الإدارية الخاصة.

أعظم الأسس والمبادئ

     ومن أعظم الأسس والمبادئ المتفق عليها في العمل الإداري ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كما أن من الكوارث الحياتية التي تحدث للمجتمعات البشرية وضع الرجل في غير مكانه الصحيح، وهذا المبدأ العظيم قرره الإسلام قبل أن يعرف الناس علم الإدارة، ومهارات القيادة، وأخلاقياتهما: فلما سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - متى تقوم الساعة؟ فقال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، فقيل: يا رسول الله وكيف إضاعتها؟ فقال: إذا وسِّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة».

مفهوم العدل

     إن العدل هو وضع الشيء في موضعه، وإذا ما وضعتَ الشيء في غير موضعه تكون قد جانبت العدل والصواب، لذا سوف تكون النتائج سلبية على كل الأحوال، وتحقيق العدالة من أعظم مقاصد الشريعة قال -تعالى-: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل:90، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المائدة: 8، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} النساء:58.

     وقال -تعالى-: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنعام: 115، وقال -تعالى-: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} الشورى: 15.

الحث على العدالة

     ومن النصوص القرآنية الظاهرة في الحث على العدالة في إدارة شؤون الحياة: قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} البقرة: 282، ولا شك أن الكاتب الذي يعمل وسيطا في تحرير الاتفاقيات التجارية هو في الحقيقة يقوم بعمل إداري من أهم الأعمال، ويلحق به الذي يعمل في المحاسبة، والذي يترجم بين اثنين، والذي ينوب صاحب المرافعة في تبليغ حجته.

     وقوله -تعالى-: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} النساء:3، وهذه الآية وإن كان موضوعها أحكام النكاح والعدل بين الزوجين لكن فحواها أن من يتولى مسؤولية ما ينبغي أن ينظر إلى قدراته الذاتية والمكتسبة، فلا تُسند قيادة الموارد البشرية إلى شخص لا يصلح لإدارة شخصين.

     وقوله -تعالى-: {فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} النساء: 135، وهذا النص الكريم دليل على أن اتباع الهوى من أعظم أسباب الانحراف عن العدالة ومقتضياتها، وقوله -تعالى-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} المائدة: 106، وهذا نص في وجوب العدالة في من يستشهد في قضايا الميراث، والوصية، ونحوها.

     وقال -تعالى-: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات:9، فنصت على وجوب العدالة في القضاء والصلح.

إرضاء الله -تعالى

إن الرسالة العامة التي لا بد وأن يحملها كل مسلم في الحياة، هي: إرضاء الله -تعالى- في كل ما يقوم به من عمل، ولا يكون ذلك إلا من خلال:

1- الالتزام بمنهج الإسلام في النفس والمال والأهل.

2- صناعة الحياة من خلال التفوق في التخصص المهني.

وهو ما يتلخص من المعرفة التامة بالمهنة، والأمانة الكاملة في الأداء.

     اسمع إلى نبي الله يوسف -عليه السلام-؛ حيث: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} يوسف:55، واسمع إلى ابنة صاحب مدين؛ إذ: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ} القصص:26، ومما هو مطلوب منك أيها الإداري ويا أيها المهندس، والتاجر، والعامل، والمزارع:

1- الإتقان: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».

2- تربية النفس على الصبر والتخلص من ضغوط المال:كالرشوة (corruption- والهدايا المشبوهة) قال -تعالى-: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة:188، وقال -تعالى-: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} النمل:36، وعن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا،..إلى أن قال: وَاللَّهِ لا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

3- استشعار العبودية فيما يؤديه من عمل، وذلك بأن يصحح النية فيه، ويراقب الله عند الأداء، فلا رشوة، ولا غش، ولا تأخير، ولا مماطلة، ولا محاباة، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الأنعام:162.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك