الأسرة المسلمة – 1241
المرأة وفقه الأولويات
على المرأة المسلمة وضع كل مهامها وفقًا لمدى الأولوية التي تندرج تحتها؛ فهي أولًا أَمَة لله -تعالى- عابدة له، ثم هي زوجة عليها يتقدم العمران، وهي أم صانعة للأجيال، وهي مسؤولة عن بيتها راعية له، ثم هي داعية لمحيطها وفقًا لقدراتها، فهي إيجابية متفاعلة، تقدم خدمات ضرورية ولازمة لنهضة أمتها.المرأة وصلة الرحم
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله -تعالى- خلَق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامَتِ الرَّحِمُ، فقالت: هذا مقامُ العائذِ مِن القطيعة، قال: نعم، أما تَرْضَين أن أصِلَ مَن وصلكِ، وأقطع مَن قطعكِ؟ قالتْ: بلى، قال: فذلكَ لكِ»، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}» (محمد:22). في تلك الصورةِ الرائعة التي تحدَّث عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مبينًا حقيقة الموقف الإلهي من الرَّحِم ومن وصلها - تتجلَّى حفاوةُ الإسلام بصلة الرحم؛ حيث تقوم بين يدي الله فتستعيذُ به ممَّن قطعها، وكانت عنايةُ الإسلام بصلة الرحم مِن المبادئ الإسلامية الأولى منذ اليوم الأول الذي صدع فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بدعوته؛ فهذا جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في حواره الطويل مع النجاشي مَلِكِ الحبشة، يقول له: «وأُمِرْنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء»، ولا يَخفَى على المرأة الفَطِنة الواعية أن صلةَ الرحم مَطلوبةٌ مِن المرأة، كما هي مطلوبة مِن الرجل، والخطابُ مُوجَّه للإنسان المسلم حيث كان، والمرأةُ التي رشَّحَتْ نفسها لتكونَ امرأةً مؤمنة تعمل على نهضة الأمة ورفعتها، تُمارِس الصلة بنفسها وتُمارِسه بحثِّ زوجها، وتعليم أبنائها وتحبيبها إليهم.كوني قدوة لبناتك
الأم في بيتها قدوة لبناتها في ملابسها وحجابها وكلامها وحشمتها؛ حيث إنهن ينظرن لها مربيةً ومعلمةً، وفي الغالب الأعم تكون البنات على أخلاق أمهاتهن، فلتتقِ الله -تعالى- الأمهات في فلذات الأكباد، ولتستثمر ذلك في دلالتهن على الخير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير، فله مثل أجر فاعله».صلة الرحم أمر هين لين
صلة الرحم أمرٌ هيِّن ليِّن، تارة تكون بالزيارةِ الوَدود التي تُوطِّد أواصر القربى، وتفجر ينابيع المحبة والمودة، وتارةً تكون بالكلمة الطيبة، والبسمة الحانية، واللقاء الحسن، والمزاج المعتدِل، والسؤال الصادق عن الأخبار والأحوال، وتارةً بالنصيحة الصادقة الصادرة من قلب حريص على الآخر، يحبُّ له ما يحب لنفسه، وتارةً بإظهار العطف والشفقة والمواساة، وتارةً بالمال الذي يدفع الفاقة ويُنفِّس الكربة، إلى غير ذلك مِن أعمالِ البر والخير والتواصل، التي تزكي العاطفة الإنسانية، وتُنمِّي مشاعر الألفة والمحبة والتكافل والتراحم؛ ولهذا جاء التوجيهُ النبوي الكريم حاضًّا على استمرار الصلة، ولو كانت في أبسط أنواعها وأقلها كلفةً؛ «بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلامِ».المرأة في عصر النبوة
المرأة في عصر النبوة لم يكن يمنعهنَّ الحياء الذي يَتَحَلَّيْنَ به أن يتفقَّهن في الدين، ويسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمَّا جَهِلْنَ منه، ولم تكنْ رعايتهنَّ البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد، لِتحولَ بينهنَّ وبين المنافسة في الهدى والخير، والمثوبة والبر، ابتغاء رضوان الله ورسوله، قُلنَ يومًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، غلبَنا عليك الرجال، فاستأثروا بك، وذهبوا بحديثك، فاخْتَر لنا يومًا من تلقاء نفسك نأتيك فيه، فتعظنا بمواعظ الله، وتعُلِّمنا ممَّا علَّمك الله، فقال: «موعدكنَّ بيت فلانة»، فاجتمعن فيه، إنه أدبٌ في الخطاب، وكَرَمٌ في الجواب، وحِرْصٌ على الوفاء، رغبةً في العلم والتعليم، ورجاء للفقه في الدين، وهذا بعض ما كان منه ومنهنَّ، -صلوات الله وسلامه عليه-، و-رضوان الله عنهن.من حق الزوج على زوجته
من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به، فلا تعبس في وجهه، ولا تبدو في صورة يكرهها، وهذا من أعظم الحقوق، روى الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: زوجها، وقالت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: أُمه»، ويؤكد رسول الله هذا الحق فيقول: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها»، وقد وصف الله -سبحانه- الزوجات الصالحات فقال: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (سورة النساء: من الآية 34)، والقانتات أي الطائعات، والحافظات للغيب: أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن، فلا يخنَّه في نفس أو مال، وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية، وتسعد، وقد جاء في الحديث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها طاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك».احتواء الخلافات لدوام العشرة
على المرأة المسلمة أن تحتويَ الخلاف مع زوجها، ولا تُظهره لأولاده، وأن تتنازل وتتغافل فيما يمكن التنازل والتغافل عنه بقدر الإمكان، وذلك مقابل بقاء العشرة الزوجية واستمرار تلك الأسرة يسودها الألفة والمحبة، وهكذا للزوج يقال فيما يخصه من التنازل والتغافل فيما يمكن التغافل عنه، أما إذا صار الزوجان متقابلين في الخصومات واللجاجات، فإن الأسرة لا تستقر ولا تطمئن، وتنخر فيها المشكلات، وتتسع دائرة الخلاف، وحينها يصعب الحل.الحياء والإيمان قرينان
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر»، وقال الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحياءُ خيرٌ كُله»، من هنا فإن حرص المرأة على الحياء والاستمساك به، هو الحرص على الفضيلة والعفة والخُلُق القويم، الذي يجبر كل تقصير، ويمنع كل قبيح، ويأمر بكل مليح؛ فما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانهُ، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانهُ، فلو ضاع الحياء ضاعت المرأة معه؛ إذ أنه لا يمكن الوصول إلى المرأة والإيقاع بها قبل القضاء على هذا الخُلُق العظيم (خُلُق الحياء).أمور تتساهل فيها النساء
من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء، التلطف واللين في الكلام عند مخاطبة الرجال الأجانب عنها؛ فالإسلام حرَّم على المرأة كل ما يلفت نظر الرجال إليها، فحرَّم عليها أن تتعطر لكون الرائحة الطيبة تلفت الأنظار إليها، وحرَّم عليها لفت الأسماع بصوت يصدر من حليها وخلخالها، قال -تعالى-: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31)، فكذلك حُرِّم عليها التَّرقُّق والتلين في الكلام؛ حتى لا يطمع فيها الرجال، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (الأحزاب:32)، قال ابن كثير -رحمه الله في تفسير هذه الآية-: «ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها».
لاتوجد تعليقات