رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: حماد القباج 1 سبتمبر، 2014 0 تعليق

الأسرة المسلمة.. آخر الحصون في مقاومة المد الإباحي

الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، والركن الأساس الذي يقوم عليه؛ ولذلك اعتنت بها الشريعة الإسلامية الغراء، وأحاطتها بأحكام تضمن استقرارها وقيامها بدورها الإيجابي في المجتمع، وأمرت ببنائها على العفة والصيانة والاستقامة، كما أمرت مؤسسيها (الزوج والزوجة) أن ترتكز علاقتهما على المودة والتراحم والتكامل، وجعلت الرابطة بينهما ميثاقا غليظا؛ الشيء الذي يضمن للأسرة تماسكا قويا وتلاحما متينا.

ولقد نجح الفكر الإباحي إلى حد كبير في غزو المجتمعات الإسلامية، ولكن بقيت الأسرة رغم ذلك على شيء من التماسك، والحفاظ على تشريعات وعادات تحمي المسلمين من الذوبان الكلي في بوتقة السلوك الإباحي، وبقي قانون أكثر الدول الإسلامية في هذا الجانب، مرجعيته إسلامية.

فوجه أعداء الإسلام من الغربيين وأفراخهم جهودهم لتخريب الأسرة المسلمة، وجعلوا مرتكزهم في ذلك؛ تغريب المرأة المسلمة باعتبارها العمود الفقري للأسرة:

يقول الدكتور عبد الفتاح بركة: «ولما كانت المرأة هي الركن الركين في هذه المؤسسة الاجتماعية وعلى محورها تدور أقطارها، وتتلاقى أطرافها، وتجتمع أقطابها؛ فقد كان العمل على صبغها بالصبغة الغربية، وتحويل فكرها وعواطفها في اتجاه التغريب من أكثر أعمال الاستشراق نشاطا ودأبا».

ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: «العالم الغربي الذي ساند الدولة الصهيونية –التي تحاول تفكيك العالم العربي والإسلامي سياسيا وحضاريا –يساند بنفس القوة حركات التمركز حول الأنثى في بلادنا.

     فالعالم الغربي الذي أخفق في عملية المواجهة العسكرية المباشرة مع العالم الثالث،اكتشف أن هذه المواجهة مكلفة وطويلة  ولا طاقة له بها؛ ومن ثم فالتفكيك هو البديل العملي الوحيد. كما أدرك العالم الغربي أن نجاح مجتمعات العالم الثالث في مقاومته يعود الى تماسكها، الذي يعود بدوره الى وجود بناء أسري قوي، لا يزال قادرا على توصيل المنظومات القيمية، والخصوصيات القومية إلى أبناء المجتمع، ومن ثم يمكنهم الاحتفاظ بذاكرتهم التاريخية، وبوعيهم بثقافتهم وهويتهم وقيمهم.

     وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع فإن الأم هي اللبنة الأساسية في الأسرة؛ ومن هنا جاء تركيز النظام العالمي الجديد على قضايا الأنثى؛ فالخطاب المتمركز حول الأنثى هو خطاب تفكيكي يستهدف توليد القلق، والضيق والملل، وعدم الطمأنينة في نفس المرأة، عن طريق إعادة تعريفها؛ بحيث لا يمكن أن تتحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة، وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت الأسرة وتهاوت، فتهاوى معها أهم الحصون ضد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية (الأسرة)».

     .. وهكذا فقد حاولوا إقناع المرأة بأن الإسلام لم يعطها المنزلة اللائقة بها، ولم يمتعها بحقوقها، ورفعوا لدعوتهم شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب: (تمتيع المرأة بحقوقها)، (إصلاح وضعية المرأة)، (مساواة المرأة بالرجل)، (محاربة تهميش المرأة)، (محاربة العنف ضد المرأة)... وفرضوا على المسلمين في هذا الباب ما يسمى بالمرجعية الدولية وألزموهم أن تكون قوانينهم -ومنها تلك المتعلقة بالأسرة- تابعة لما يسمى بالنظام العالمي الجديد.

وحتى يقضوا على الأسرة المسلمة لا بد لهم من تحقيق أمور أخرى أهمها:

1- التطبيع مع الفاحشة: 

أي الانتقال بالعلاقات الجنسية غير الشرعية من كونها محظورة في قوانين المسلمين، ومرفوضة في عاداتهم وبيئتهم، إلى جعلها مقبولة وغير معاقب عليها قانونيا.

     وقد قطعوا في تحقيق هذا الهدف أشواطا كبيرة، وبرهان ذلك انتشار الزنا بين المسلمين انتشارا مهولا، وتفشي ظاهرة الخيانة الزوجية، وبدأ المستغربون الإباحيون يخطون خطوات حثيثة في اتجاه إقناع الآباء والأمهات في مجتمعاتنا بأن من حق ابنتهم ممارسة الزنا مع من تشاء ما دامت قد تجاوزت 16 سنة ويدعون إلى سَنِّ قوانين تعاقب من يحول بينها وبين ذلك ولو كان أبوها أو أمها. كما أنهم يسعون لسن قوانين تبيح الإنجاب خارج مؤسسة الزواج وتشجيعه.

ومما يساعد على تطبيع الفاحشة ونشرها بين المسلمين:

- تيسير اتصال الذكور بالإناث من خلال تشجيع التعليم المختلط منذ المستويات الدراسية الأولى، وتشجيع الاختلاط عموما.

- إثارة النفوس نحو الفاحشة بتشجيع التبرج ونشر أفلام ومجلاتها الخلاعة وغير ذلك.

- رفع سن الأهلية للزواج وعدم السماح به قبل بلوغ السن المحدد، ولذلك تناضل الجمعيات النسائية العلمانية من أجل حذف مشروعية تزويج القاضي لمن هي دون سن 18 سنة؛ من قانون مدونة الأسرة.

- تعليم الشباب والشابات وسائل تجنب الحمل حتى لا يشكل الخوف منه مانعا لهم من ممارسة الزنا.

- تيسير أمر الحاملات من الزنا نفسيا وقانونيا...

2- إقصاء أحكام شرعها الله سبحانه وتعالى: 

     مثل: الحجاب، الولاية على المرأة في النكاح، التعدد، منح حق التطليق للرجل... وغير ذلك، وقد تولى المستشرقون كبر عرض هذه الأحكام مشوهة وأثاروا حولها الشبهات، وتلقى ذلك عنهم الكتاب والسياسيون المعادون للإسلام، وقاموا يدعون إلى محوها من قوانين المسلمين وممارساتهم، وقد ساعدهم على ذلك واقع كثير من المسلمين المنحرفين بسبب سوء تصرفهم، وتطبيقهم المنحرف لبعض تلك الأحكام.

3- الحث على تحديد النسل

4- التطبيع مع الشذوذ الجنسي وتقنين الزواج المثلي:

وهو زواج الذكور بالذكور والإناث بالإناث؛ فهذا في الفكر الغربي الإباحي أمر طبيعي وهو من حقوق الإنسان.

5- بناء العلاقة الزوجية على الصراع والتنافس والتربص بدل أن تكون مبنية على التكامل والتراحم والتعاون وثقة أحد الزوجيين بالآخر.

فيعملون على خلق جو من الصراع بين الزوجين، ويحاولون إقناع المرأة بأن الأسرة محطة من محطات الهيمنة الذكورية.

6- التنفير من الزواج وتعسير أمره اقتصاديا وثقافيا.

     فهذه أخطر الوسائل الموظفة لهدم الأسرة المسلمة، التي تكون حصنا منيعا في وجه المد الإباحي؛ مما يطوق عنق الغيورين والشرفاء من السياسيين والمنظرين والإعلاميين.. بمسؤولية العمل على تحصين الأسرة وبعث دورها في إفشال مخطط عولمة الإباحية، لا سيما في ظل الدستور الجديد الذي تضمن فقرات مهمة صالحة لتكون أرضية لمنظومة قوانين تخدم هذه القضية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك