الأسرة أساس بناء المجتمع
- الأسرة هي اللبنة الأساس في بناء المجتمع وصلاحها يعني صلاح المجتمع بأكمله
- وصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة
- على الوالدين أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهما لأنهم يتعلمون من اقتدائهم بأفعالهم وأقوالهم أضعاف ما يتعلمونه من الآخرين
إنَّ الأسرة هي اللبنة الأساس في بناء المجتمع، وصلاحها يعني صلاح المجتمع بأكمله، من هنا جاء اهتمام الإسلام بهذا الكيان، فوضع الأسس التي تضمن سلامة الأسرة، وشرّع الأحكام، لتبقى الحصن الحصين، والحضن الدافئ للأبناء، تنمي القيم والأخلاق والعادات والتقاليد، وتمد المجتمع بأجيال مؤمنة، واعية ومعطاءة.
وبما أن الأبناء هم شباب الأمة وعماد الأوطان، فإن القيام بتربيتهم وتعليمهم من المهام العظيمة في الدين، وأمانة كبيرة واجب على كل أب مسلم وأم مسلمة يؤمنون بالله -تعالى-، المحافظة عليهم ورعايتهم، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).مفهوم التربية
- والتربية لغة: من الفعل رَبَا يربو أي زاد ونما، وكذلك هي مصدر من الفعل ربَّى يُربّي أي نشأ ونمّى.
- وأما اصطلاحا: فهي عملية تنشئة الشخصية المتزنة القادرة على اكتساب المهارات والقيم والاتجاهات والأنماط السلوكية البناءة.
المفهوم الشامل للرعاية والمسؤولية
وقد بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفهوم الشامل للرعاية والمسؤولية بهذه الأمانة وتحملها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (متفق عليه).وصية الله للآباء بأولادهم
وأكّد ابن القيم - رحمه الله - هذه المسؤولية فقال: «فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقال: يا أبتِ إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً».حقوق الأولاد على الوالدين
هناك العديد من الحقوق على الوالدين تجاه أولادهم، سواء قبل إنجابهم أم بعد إنجابهم، وأهمها اختيار الزّوج والزّوجة؛ إذ إنَّ على كلٍّ منهما اختيار الشخص المناسب الذي يرى فيه الصلاح، ليقوم بواجباته تجاه أولاده على الوجه الذي يُرضي الله -تعالى-، وقد جعل الشّرع للرّجل مواصفات تُساعده في اختيار الزوجة المناسبة، وحرّص على اختيار صاحبة الدّين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ» رواه البخاري، وكذلك الزوجة عليها أن تحرص على اختيار الزوج الذي ترجو أن يكون أباً لأبنائها وترضى دينه وخُلُقه، لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ» رواه الترمذي، وهناك العديد من الحقوق للأبناء على آبائهم بعد إنجابهم ومنها: 1- أن يختار له اسماً حسناً، ذكراً كان أو أنثى. 2- الرّضاعة الطبيعيّة ولا سيما من الأم، لما للبنها من توافق مع الطفل، كما أن الرضاعة من الأم له أثر طيب في النمو النفسي والعاطفي للطفل. 3- العدل بين الأولاد؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ) رواه مسلم، فلا يفضلون أحدهم على الآخر، بل يساوون بينهم في الحب والعطف والمعاملة. ولا سيما بين الذكور والإناث. 4- أن يعلّما أولادهما كتاب الله -عزوجل-، والصلاة والصوم وما يلزمه من العلوم في دينه ودنياه مع الصبر عليهم وعدم الاستعجال، قال -تعالى-: - {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (طه: 132). 5- ألا ينفق الوالد على أولاده إلا طيباً، من الكسب الحلال، وأن يكثر لهما من الدعاء. 6- أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأطفالهما في البيت وخارجه؛ فالأطفال يتعلمون من اقتدائهم بأفعال والديهم وأقوالهم أضعاف ما يتعلمونه من الآخرين، ولا سيما في نشأتهم الأولى. 7- توجيه الأولاد وإرشادهم وتعليمهم القيم الجميلة من التعاون والإيثار وحب الخير، والعطاء والتسامح وغيرها من الخصال الحميدة.أساليب خطأ في التربية
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي ينشأ فيها الطفل، ويفتح عينيه فيها؛ لذا من الضروري أن ننبه على بعض الأساليب الخطأ التي تؤثر سلباً على تربية الأولاد، ومنها: - الحماية الزائدة - الإهمال - التدليل الزائد - القسوة - التذبذب في معاملة الطفل بين الوالدين - التفرقة بين الأولاد، ولا سيما بين الأبناء والبنات.بناء الإنسان يعني بناء العالم
ومن القصص الجميلة في بناء الإنسان، قصة من الأدب العالمي، يرويها الكاتب البرازيلي الشهير (باولو كويلو) فيقول: «كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته، وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة، وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد لقراءة صحيفته، ظانًا أن الطفل سيبقى مشغولاً بقية اليوم. إلا أنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءل الأب مذهولاً: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟ رد الطفل قائلا: لا، كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم. كانت عبارة عفوية، ولكنها كانت جميلة وذات معنى عميق، (عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم، فالأهم هو بناء الإنسان).
لاتوجد تعليقات