رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سامح أبوالحسن 7 أغسطس، 2012 0 تعليق

الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت الدكتور عادل المطيرات لـ «الفرقان»: أدعو إلى إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطها المعروفة

أكد الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت الدكتور عادل المطيرات أن من أعظم الطاعات التي يجب أن نستغلها في هذه الأيام إصلاح ذات البين، ورفض المطيرات في حوار خاص مع مجلة الفرقان الأحزاب السياسية؛ لأنها تفرق المجتمعات رافضا في الوقت ذاته النزول إلى الشارع لتهييج العامة، مؤكدا على أنه ليس من الشرع في شيء ولا يمكن لإنسان كائنا من كان أن يضمن التزام الجميع بأهداف التجمع فقد يخرج إنسان جاهل ويسب ويشتم ويلعن وهذا حدث بالفعل.

وأضاف المطيرات: الوحدة الوطنية في خطر إذا كان هناك من يحاول المساس بها والفتن موجودة في كل مجتمع، والمسلم الحريص على إرضاء الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون حريصا كذلك على لم الشمل وتوحيد الكلمة.

ودعا المطيرات المسلمين إلى اغتنام ما تبقى من شهر رمضان في صنوف الطاعات والبعد عن المعاصي، مشيرا إلى أن أكبر الصوارف التي تصرف الإنسان عن طاعة الله هي المسلسلات والإنترنت.

- انتصف شهر رمضان المبارك.. فماذا يجب علينا تجاه ما تبقى منه؟

- ينبغي على المسلم أن يغتنم ما تبقى له من شهر رمضان، فمن الممكن أن يكون هذا هو آخر رمضان يقضيه، وهو فرصة عظيمة وموسم لا ينبغي على المسلم أن يتركه، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران كما أخبر بذلك النبي[، فالمسلم يجب أن يكون حريصا على طاعة الله عزوجل والاجتهاد فيما تبقى من الشهر الكريم، وأن يشغل أيامه بما يقربه إلى الله سبحانه وتعالى من صلاة وقيام وذكر وصلة للأرحام حتى يحصل على الأجر العظيم.

- لا شك أن هناك الكثير من الصوارف التي تمنع المسلم من انتهاز فرصة هذا الشهر الكريم، هل لنا أن نعرفها كي يتجنبها المسلم؟

- أهم الصوارف التي تصرف المسلم عن العبادة في شهر رمضان في هذا العصر هي وسائل الإعلام المختلفة سواء أكانت القنوات أم الإنترنت، وهذه الصوارف هي سلاح ذو حدين لو استغلها الصائم ورأى وسمع ما يرضي الله عز وجل فهو على خير، أما واقع اليوم فيتمثل في أن هذه الصوارف أصبحت تصرف الناس عن حقيقة الصوم والعبادة ويشاهدون الأمور المحرمه فلا يعرفون حقيقة الصوم وقد يكسبون السيئات في موسم الخير والحسنات.

-  بعض وسائل الإعلام جعلت رمضان موسما سنويا لعرض المسلسلات، بل إن بعض القنوات تقوم بالإعلان عنها قبل بدء رمضان بفترة، ما تعليقك على ذلك؟

- الإنسان مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عن سمعه وبصره وفؤاده، كما أخبر بذلك سبحانه وتعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}، فالله عز وجل سيسألك عن سمعك وبصرك وكلامك وقلبك، وهذه المسلسلات يكون فيها الموسيقى المحرمة، والحب، والغرام، والاختلاط، ويكون فيها كل ما يؤدي إلى البعد عن الله سبحانه وتعالى؛ لذا على المسلم أن يتقي الله وأن يبتعد عن مثل هذه الأمور التي لا تزيده إلا بعدا عن الله.

- هناك جدل حول تجسيد شخصية صحابة النبي[ وهناك جدل مثار حول مسلسل الفاروق رضي الله عنه وأرضاه، هل لنا أن نعرف حكم تجسيد الصحابة؟

- العلماء المعاصرون أجمعوا على حرمة تجسيد الصحابة وخصوصا الخلفاء الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم أجمعين، ونحن نرى أن جميع المسلسلات محرمة؛ لأن بها اختلاط النساء بالرجال وفيها من الموسيقى والأغاني المحرمة، ولا يستفيد الإنسان منها شيئا فيجب على المسلم أن يبتعد عن مشاهدة المسلسلات وأن يتجه إلى مشاهدة البرامج الدينية التي تقربنا إلى الله سبحانه وتعالى حتى لا نكون كالتي نقضت غزلها فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.

- بعض المسلمين لا يرون في الصيام إلا إمساكا عن الأكل والشرب وبعض الشهوات الأخرى، هل من تصحيح لهذه الفكرة غير السليمة؟

- حقيقة الصيام هي تقوى الله عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، إذاً فالعلة من الصوم هي تقوى الله سبحانه وتعالى، وفعل ما أمر به، والبعد عما نهي عنه، فجميع الناس ممسكون عن الطعام والشراب ولكن المقياس الحقيقة هو الامتناع عن معصية الله عز وجل، كما أن الله سبحانه وتعالى غني عن صيام الطائفة التي تمسك عن الطعام والشراب والشهوة فقط.

- بعضهم يفهم الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان على أنه هروب من المسؤوليات، فبعض الموظفين يذهبون إلى الاعتكاف ويتركون أعمالهم، كيف نصحح مثل هذه المفاهيم غير السليمة؟

- الاعتكاف في العشر الأواخر سنة نبوية، وهو فرصة ثمينة لا ينبغي للعاقل أن يتركها، ومن العجب أنك ترى كثيرا من المسلمين يمضون أوقاتهم فيما لا ينفعهم ويسهرون في اللهو الباطل أمام القنوات وعلى المقاهي، وعلى المسلم الذي ليس لديه عمل أو دراسة أن ينتهز هذه الفرصة ويؤدي سنة الاعتكاف، أما من لديه عمل يقوم به ومسؤوليات فالعمل واجب والاعتكاف سنة ولا يجوز تقديم الواجب على السنة، فإن كان الإنسان لديه فرصة يخرج وإن لم يكن لديه فعليه الالتزام بالعمل.

- كثير من المسلمين يحرصون على أداء فريضة العمرة في رمضان؛ مما يؤدي إلى زحام شديد؛ لذا نصح بعضهم بعدم تكرار العمرة حتى يترك المجال للآخرين، فما تعليقك على ذلك؟

- يجب على المسلم أن يحرص على أداء العمرة في شهر رمضان وهي فريضة عظيمة يضاعف أجرها في رمضان وتصل إلى ثواب الحجة، لكن هناك ملاحظة وهي أن بعضهم يعتقد أن ثواب العمرة في العشر الأواخر من رمضان يتضاعف وهذا غير صحيح، فالنبي[ قال: «عمرة في رمضان كحجة معي»، فلم يحدد النبي[ أوله أو آخره، وإنما قال: رمضان؛ مما يدل على أن هذا الأمر في الشهر كله.

- كيف يتحرى المسلم ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان؟

- الصحيح من أقوال العلماء أن ليلة القدر ليست ليلة واحدة، وإنما تنتقل بين الليالي الوتر في العشر الأخيرة كما أخبر بذلك النبي[: «التمسوها في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى أو ثالثة تبقى وآخر ليلة»، لكن أحرى هذه الليالي هي ليلة السابع والعشرين، والصحيح أنها ليلة فردية.

- وما الحكمة من إخفائها؟

- حتى يجتهد الإنسان في جميع الليالي العشر، ولا ينتظر يوما بعينه كما يفعل بعض الناس ويهمل بقية الأيام.

- وكيف يتم إحياؤها؟

- تحيى بصنوف الطاعات: بالقيام، وتلاوة القرآن، وبالذكر، والدعاء، والصدقة وبكل شيء يقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

- ما رأيك في الوضع السياسي في الكويت؟

- ما يحدث في الكويت الآن يقع في كل مجتمع من المجتمعات، فما من مجتمع إلا ويمر بظروف عصيبة ومشكلات، وينبغي على الجميع أن يقوم بتغليب صوت العقل والحكمة على صوت الجهل وعدم التردي، وأن يجلس الحكماء مع أهل الحل والعقد من السلطتين لوضع حلول جذرية للمشكلات التي نمر بها، ويجب أن يكون هناك تناصح بروية وهدوء، وأعتقد أن شهر رمضان فرصة لتهدئة النفوس والبعد عن الخلافات فهو فرصة لتصفية النفوس.

- كيف ترء من يطالبون بإنشاء الأحزاب السياسية في الكويت؟

- الأحزاب السياسية تفرقنا ولا تجمعنا؛ لذا أنا أرفض إنشاء الأحزاب السياسية فقد قال الله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون}، فالأحزاب تفرق الأمة وإنما يجب أن يجتمع الناس على الخير والمصلحة، وأن يجتمع الجميع على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

- مسألة النزول إلى الشارع أصبحت كثيرة في الآونة الأخيرة، فما حكم الشرع في ذلك

- اجتماع المسلمين ووحدة صفهم وطاعة ولاة الأمور من الأمور العقائدية التي يجب على المسلم الالتزام بها وتطبيقها واقعا، والشقاق والاختلاف ليس في صالح الأمة أبدا، والمظاهرات والاعتصامات وتهييج الناس تشيع الفوضى وقد تأتي بعكس الإصلاح.

والقرآن الكريم يأمرنا في كثير من الآيات بالتزام الجماعة وعدم التفرق وينهانا عن الفرقة والاختلاف كما في قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، وعلى المسلم أن يتدبر آيات القرآن إذا تليت عليه وقد يغفل المسلم عن فهم بعض الآيات في القرآن وربما يتكاسل في تطبيقها ومنها فهم الاعتصام الذي ورد في الآية فهي أصل في وجوب اجتماع الناس على كلمة الحق وعدم التفرق.

     وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتزام الجماعة لأن فيها ضمانا من الوقوع في الزلل والخطأ فإن تفرقت الأمة فلا شك أنها تهلك ففي الجماعة النجاة، وإذا اجتمعت الأمة أصبح كيانها وكيان الدولة قويا وبالتالي تقوى شوكة المسلمين في مجابهة الأعداء، فبعض المسلمين لو سمع حكم الطهارة أو الصلاة أو الزكاة أو البيع لالتزم به ولسمع وأطاع لكن لو سمع بابا من أبواب السمع والطاعة لولاة الأمور فإنه لا يسمع ولا يطيع، وهذا هو الهوى بعينه؛ حيث إن ما يشاع الآن هو الحديث عن الظلم وكأنه لم يحدث إلا في زمننا هذا فيؤلب الناس على ولاة الأمور ولاسيما مع موضة الاعتصامات والمظاهرات وتهييج الناس لإشاعة الفوضى فيظنون أنهم بهذه الطريقة يسيرون نحو الإصلاح بل في كثير من الأحيان يثبت العكس إذ يصبح المسلم وهو لا يأمن على نفسه من القتل وسفك الدماء وغياب للأمن.

- لكن بعضهم يراها مناصحة لأولي الأمر؟

- مناصحة الدولة والمسؤولين فرض، ولكن يجب أن يكون هذا الأمر بالطرائق السلمية، ويجب أن يكون هذا التناصح بالحوار والجلوس على طاولة واحدة وأن يكون بالطرائق المشروعة، أما تهييج الشارع فهذا ضرره أكبر من نفعه، والنصيحة هي الطريقة الشرعية للتعامل مع ولاة الأمور وهو المنهج الذي يدعو إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية»، فإذا نصحت شخصا عاديا أمام الملأ فربما تأخذه العزة بالإثم ويأخذه العناد فماذا لو كانت النصيحة في الملأ لولي الأمر الذي ربما تؤدي إلى التأليب عليه، وأستغرب من قفز بعضهم على مراحل النصح إذ يستهدف الكبار قبل أن يستهدف الصغار من أهل بيته وأقربائه فهناك بعض الجهلاء الذين يحتكمون بعواطفهم دون إدراك العواقب وتغليب مصلحتهم الخاصة على مصلحة الأمة، فعند الفتن تكثر الأقاويل وتنتشر الشبهات وعلى المسلمين إذا حل ذلك أن يعودوا للعلماء فهم الذين إذا جاءت الفتنة عرفوها، وأدعو إلى احياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطها المعروفة فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعيش أمة بلا أمر أو نهي بل إنها من أعظم فرائض هذا الدين العظيم.

- شاع الحديث في الفترة الأخير في مختلف الأوساط عن الوحدة الوطنية، فهل بالفعل هناك خطر على الوحدة الوطنية؟

- الوحدة الوطنية في خطر إذا كان هناك من يحاول المساس بها، والفتن موجودة في كل مجتمع، والمسلم الحريص على إرضاء الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون حريصا كذلك على لم الشمل، وتوحيد الكلمة, وهذا الأمر من مقاصد الدين فقد قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}، فالفرقة شر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يد الله مع الجماعة»، فوجود الفتن يهدد الوحدة الوطنية وهي مطلب شرعي ويجب أن يجتمع الناس على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

- لكن بعض وسائل الإعلام تحاول تغذية هذه الفتن وتحاول المساس بالوحدة الوطنية؟

- كما قلنا فإن الفتن موجودة في كل مجتمع، نعم بعض وسائل الإعلام تحاول تغذيتها، وهم الذين لا يريدون خيرا بهذا البلد، وهؤلاء موجودون في كل مجتمع وعلى الإنسان أن يحذر من الفتن، ويدعو أن يجنب الله سبحانه وتعالى المجتمع الفتن ما ظهر منها وما بطن.

- كيف يمكن استغلال رمضان في تعزيز الوحدة الوطنية؟

- من أقوى الأمور في تعزيز الوحدة الوطنية الزيارات وصلة الأرحام والجلوس مع المخالف؛ فإن الحوارات الهادفة والهادئة تلطف الأجواء وتهيئ النفوس إلى تقبل الرأي الآخر، لذا يجب أن يكون هناك تواصل في هذا الشهر بين الأهل والجيران وفي المنتديات العلمية، وذلك لتقريب وجهات النظر لتأليف القلوب من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.

- كلمة أخيرة؟

-  أدعو نفسي وجميع من في السلطتين أن يستغلوا رمضان لتصفية النفوس، فرمضان شهر سلامة الصدور، وعلينا أن نجلس ونتحاور ونتناصح بما فيه خير للبلاد والعباد، ويجب أن نشغل أوقاتنا بالطاعة وأعظم الطاعات إصلاح ذات البين فقد قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك