رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: جهاد العايش 12 ديسمبر، 2016 0 تعليق

الأربعون الفلسطينية (الْحَديثُ السَّادسُ وَالْعِشْرُون ) الشَّامُ مَأْوَى الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ

ميز النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشام بالقيام بأمر الله دائمًا إلى آخر الدهر  وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة 

كثرة الأحاديث ووفرتها في فضل الشام وأهلها هي شحذ لهمم الصحابة تجاهها لفتحها والرغبة في الهجرة إليها وتكثير سواد المسلمين فيها

كتاب الأحاديث الأربعون الفلسطينية، وثيقة نبوية تؤكّد ارتباط الأرض المقدسة فلسطين برسالة التوحيد عبر الأزمان كلها أولها وأوسطها وآخرها ، إنها أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تشد العالمين إلى أرض فلسطين، إنها زبدة أحاديث سيد المرسلين حول فلسطين وأهلها, صحيحة صريحة تبعث فينا الأمل والجرأة في الحق ، وصدق اليقين، ولقد لقي متن  كتاب: (الأحاديث الأربعون الفلسطينية) قبولا واسعا فقد تدافع كثيرون إلى ترجمته إلى لغاتهم, فاستحق أن يكون لهذا المتن شرح يليق به، وها نحن أولاء نشرح هذه الأحاديث في هذه السلسلة المباركة، واليوم مع شرح الحديث السادس والعشرون:

     عـن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ»، وفي رواية: «لَا تَزَالُ أُمَّةٌ مِنْ أُمَّتِي», وفي رواية: «لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي», وفي رواية: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي» ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، «لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ»,حَتَّى تَقَومَ السَّاعَةُ, «وفي رواية:لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ».

شرح الحديث

هذا الحديث من جملة أحاديث كثيرة تبين فضل أهل الشام وما هم عليه من خير إلى قيام الساعة. ومنها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة» وأومأ بيده إلى الشام.

- قوله : لايزالُ أهلُ الغربِ: قال علي بن المديني : المراد بأهل الغرب : العرب، والمراد بالغرب الدلو الكبير لاختصاصهم بها غالبًا، وقال آخرون : المراد به الغرب من الأرض، وقال معاذ: هم بالشام، وجاء في حديث: آخرهم ببيت المقدس، ،وقيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك، قال القاضي: وقيل: المراد بأهل الغرب أهل الشدة والجلد، وغرب كل شيء حدّه، وقال ابن حجر: «فالظاهر أن المراد بالغرب : البلد؛ لأن الشام غربي الحجاز»، وكان مُطَرِّفٌ يقول: هم أهل الشَّام أو قال: فنظرت في هذه العصابة فإذا هم أهل الشام.

     وقال شيخ  الإسلام ابن تيمية عن  الإمام أحمد بن حنبل -رحمهم  الله-: أهل الغرب هم أهل الشام، وذلك أن النبيصلى الله عليه وسلم  كان مقيماً بالمدينة فما يغرب عنها فهو غربه، وما يشرق عنها فهو شرقه، وكان يسمي أهل نجد وما يشرق عنها أهل المشرق، وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل المغرب، ويقولون عن الأوزاعي: إنه إمام أهل المغرب، ويقولون عن سفيان الثوري ونحوه: إنه مشرقي إمام أهل المشرق؛ لأن التغريب والتشريق من الأمور النسبية، فكل مكان له غرب وشرق؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم تكلم بذلك في المدينة النبوية، فما تغرب عنها فهو غربه، وما تشرق عنها فهو شرقه‏.

- قوله: ظاهرين على الحق: ظاهرين: ظهر، على فلان غلبه، و(أظهره) الله على عدوه و(أظهر) الشيء بينه, أي «غالبين على أهل الباطل ولو بالحجة».ومنه قوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}(الصف:14). 

- قال العز بن عبدالسلام: هذه شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم باختيار الشام ، وبفضلها وباصطفائه  ساكنيها، واختياره لقاطنيها، وقد رأينا ذلك بالمشاهدة، فإن من رأى صالحي أهل الشام ونسبتهم إلى غيرهم رأى بينهم من التفاوت ما يدل على اصطفائهم واجتبائهم .

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «النبي صلى الله عليه وسلم مَيَّز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائمًا إلى آخر الدهر ، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر؛ فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة، وهذا الوصف  ليس لغير أهل الشام من أرض الإسلام، فإن الحجاز  التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان، والنصر والجهاد.. وأما الشام، فلم يزل فيها العلم والإيمان  ومن يقاتل عليه منصورًا مؤيدًا في كل وقت».

- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فلا يقتضي ألا يكون فيهم من فيه بغي، ومن غيره أولى بالحق منهم، بل فيهم هذا وهذا، وأما كون بعضهم باغيًا في بعض الأوقات مع كون بغيه خطأ في بعض الأوقات، مع كون بغيه خطأ مغفورًا أو ذنبًا مغفورًا؛ فهذا لا يمنع  ما شهدت به النصوص، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم  أخبر عن جملة أهل الشام وعظمتهم، ولا ريب أن جملتهم كانوا أرجح في عموم الأحوال».

 قوله: حتى تقومَ الساعةُ: أي ساعة موت المؤمنين بمجيء الريح التي تقبض روح كل مؤمن وهي الساعة في حق المؤمنين، وإلا فالساعة  لا تقوم إلا على شرار خلق الله.

من فوائد الحديث:

1- إن أهل الشام وبيت المقدس مستمرون على الحق من غير انقطاع فيهم، إلى قيام الساعة .

2- أهل الشام عنوان الحق وبوصلته إلى قيام الساعة.

3- جاء فضل الشام وأهلها في عهد مبكر من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وقبل فتح أمصار الشام كلها .

4- كثرة الأحاديث ووفرتها في فضل الشام وأهلها هي شحذ لهمم الصحابة تجاهها لفتحها والرغبة في الهجرة إليها وتكثير سواد المسلمين فيها .

5- فيه استمراية الحق فيهم وعدم زواله ولا تستأصل شأفتهم  إلى قيام الساعة.

6- فيه إخبار عن الغيب وأنه من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك