رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 4 أغسطس، 2017 0 تعليق

الأدلة العلمية والشرعية لعودة الحياة- عجب الذنب دليل البعث الخالد

 

لقد أكد الله -عز وجل- في القرآن الكريم وكذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم - في سنته على الإيمان باليوم الآخر، حتى إنك تجد في عديد من الآيات والأحاديث أن الإيمان بالله كثيرا ما يأتي مقروناً بالإيمان باليوم الآخر، دون سائر الأركان؛ ففي نحو اثنين وعشرين آية قرآنية قرن الله -تعالى- بين الإيمان به والإيمان باليوم الآخر، من ذلك قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (سورة البقرة، آية62)، وقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (سورة البقرة، آية126)، وقوله: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} (سورة النساء، آية39).

     وفي الأحاديث النبوية الشريفة أيضاً مثل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» رواه البخاري، و«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل» رواه مسلم.

الإيمان والآخرة

     ولعل سبباً من أهم أسباب ضم الإيمان باليوم الآخر إلى الإيمان بالله في مواضع كثيرة من القرآن والسنة، أن المشركين عند نزول القرآن كانوا لا يؤمنون قطعيا بالقيامة والبعث والنشور، وقد جاء التصريح بذلك واضحاً في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: {وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} (سورة الأنعام: آية29)، وقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} (سورة المؤمنون، آية 37)، وقوله: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (سورة الجاثية، آية24).

ركن اليوم الآخر

     ولذلك اهتم الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم - بالتأكيد على الإيمان باليوم الآخر، وعده ركناً من الأركان التي تقوم على أساسها عقيدة الإنسان المؤمن. وقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة على إثبات هذا الركن، ومن ذلك:

- عجب الذنب: روى البخاري وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب»، وفي حديث آخر يقول -صلى الله عليه وسلم -: «ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل، وليس في الإنسان شيء إلا بلي إلا عظم واحد وهو عجب الذنب، فيه يركب الإنسان يوم القيامة» رواه البخاري.  

الحديث المعجز

     فهذا الحديث النبوي المعجز، الذي يثبت فيه النبي -صلى الله عليه وسلم - كيفية البعث يوم القيامة، وأن مبدأ ذلك إلى عظم يوجد في أسفل ظهر الإنسان يقال له (عجب الذنب)، يقول: إن كل شيء في الإنسان يبلى إلا هذا العظم، منه يعاد تركيبه يوم القيامة.

منكر البعث

     إن هذا الحديث هو أحد أعظم ما يتحدى به الإسلام منكري البعث في عصرنا هذا؛ لأن الادعاء بأن في أسفل الظهر عظمة لا تبلى خبر لم يكن لأحد علم به على الإطلاق، حتى بدايات القرن العشرين الميلادي، فإذا ثبت صدق ذلك وهو الخبر بوجود عظمة في أسفل الظهر منها منشأ الإنسان فقد صدقت النتيجة المترتبة على ذلك، وهي أن الله -تعالى- يعيد بناء الأجساد يوم القيامة بعد فنائها من خلال هذا العظم، ومن ثم تندحر الشبهة القديمة التي صرح بها جميع الكفار في كل العصور وهي استحالة البعث بعد الموت.

ما عجب الذنب؟:

     لقد أثبت المتخصصون في علم الأجنة أن جسد الجنين ينشأ من شريط دقيق للغاية، يسمى بالشريط الأولي، هذا الشريط يتخلق في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغرازها بجدار الرحم، ونتيجة لظهور هذا الشريط يبدأ تكون الجهاز العصبي، وبدايات العمود الفقري، وبقية أعضاء الجسم. أما عند غياب أو عدم تكون الشريط الأولي فإن هذه الأعضاء لا تتكون، وبالتالي لا يتحول القرص الجنيني البدائي إلى مرحلة تكون الأعضاء، بما فيها الجهاز العصبي. وما أن ينتهي الشريط الأولي من تلك المهمة في الأسبوع الرابع، حتى يبدأ في الاندثار، ويبقى منه جزء يسير في نهاية العمود الفقري، وهو ما يعرف بالعصعص، ولا يكاد يرى بالعين المجردة. (موسوعة الإعجاز العلمي، يوسف الحاج، ص167).

تطور الجنين

     هانس سبيمان أول من اكتشف دور عجب الذنب في تطور الجنين:  هو عالم ألماني عمل أستاذاً لعلم الحيوان بجامعة فريبورج (19- 1935م)، وهو حاصل على جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا، سنة 1935م بسبب اكتشافه للمنظم الأول الذي يتحول بعد ذلك إلى عصعص، ودوره في تطور الجنين.

مركز التخليق

      في المؤتمر الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالكويت في ذي القعدة 1427 هـ الموافق أكتوبر  2006 م.  أعلن فريق بحثي من جامعة ميشيجان بالولايات المتحدة الأمريكية يضم باحثين مسلمين وغير مسلمين (Ben Chen and tamzi Mohammed)   من خلال بحث مهم عن عجب الذنب وكونه مركز التخليق وإعادة التركيب بعنوان:

 (Mitaculous Desctiprion Abour rhe Vtearion of Human Bodies (And Nor Soul ) Ftom rell Bone In rhe Day of tesuttecrion

     حيث حصلوا على نتائج تثبت بأن الخلايا الجذعية  (Srem Cells) في منطقة العصعص لها خصائص مميزة عن غيرها من الخلايا الجذعية في أنسجة الجسم الأخرى، وتوصل الباحثون أيضا إلى أن عجب الذنب ومنظومة الخلايا التي فيه تؤدي دور البرمجة والتمييز والتخصص لخلايا الجسم الأخرى؛ فهو ليس فقط مركز لإعادة تركيب الإنسان يوم القيامة في البعث والنشور وإنما لإعادة تشكيل هذا الإنسان على الصورة التي خلق عليها!.

شبهة الملحدين

     فإذاً هذا الشريط الأولي، الذي يتخلق منه الجنين، تبقى منه في أسفل الظهر عظمة رقيقة لا ترى بالعين المجردة هي (عجب الذنب أو العصعص) يفنى كل شيء في الإنسان، وتبقى هذه العظمة أو شيء منها، غير قابل للسحق أو الإذابة، منها يعاد تكوين الإنسان يوم القيام. وإذا كان هانس سبيمان قد حصل على جائزة نوبل في القرن العشرين الميلادي لأنه اكتشف ذلك الشريط وأثره في تطور الجنين، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قد قرر ذلك من ألف أربعمائة  وثمانية وثلاثين عاما بوحي أوحاه الله إليه، وفهم علماء المسلمين عنه ذلك صراحة، فقال الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم، ج9، ص343: (عجب الذنب) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له: (عجم) بالميم، وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه. وهكذا يظهر أن شبهة الملحدين المستبعدين لعودة الحياة في الموتى بعد فنائهم، لا أساس لها من الصحة، وأن العلم المادي لا يحيل ذلك طالما ثبت أن المادة التي منها تحصل الإعادة محفوظة، على النحو الذي قرره الخالق جل جلاله.

الاستنساخ

     إن عملية الاستنساخ هي عملية يتم فيها إنتاج نسخة مطابقة جينياً، من خلية أو نسيج أو كائن حي آخر، ويطلق على النسخة الجديدة مصطلح (مُستنسَخ). وهذه العملية -مع التحفظ على الحكم الفقهي لها وضرورة الرجوع فيه إلى المجامع الفقهية وهيئات الفتوى- تعد دليلاً آخر على إمكان البعث والنشور؛ لأنه إذا ثبت إمكان استنساخ كائن حي من خلية  تؤخذ من أي نسيج  جسدي، فإن هذا يُقَرِّب إلى المنكرين للبعث مفهومه من الناحية العقلية والمادية؛ حيث إن جميع المخلوقات التي لها عجب الذنب (العصعص) ومنها الإنسان يبقى منه بعد موته وبلاء جسده  رمزه الجيني وخارطته الوراثية الخاصة به محفوظة داخل عظم العصعص (عجب الذنب), على شكل بذور أولية (خلايا جذعية) تحمل الصفات الكاملة والهوية الشخصية لذلك المخلوق، فمهما يبقى هذا الجزء من الإنسان في الأرض ولو آلاف وملايين السنين، حتى ولو كان الشيء الباقي منه هو خلية واحدة داخل هذا الصندوق العظمي المتين (عجب الذنب) أو جزءا منه، فإنها ستكون الأساس أو النواة  لإعادة التركيب والتخليق يوم القيامة، كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} (سورة نوح، آيات 18:17)، وقال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} (سورة يس، آية51).

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك