الأخ الكبير
- يؤدي الأخ الكبير دورا أكبر من حجمه في بعض الأحوال..، ويظن في قرارة نفسه أنه يتصرف تصرفا صحيحا دائما، وأنه يقوم برعاية العائلة والمحافظة عليها؛ لذا تجده سريع الغضب، والزعل، ويطلب دائما التوقير والاحترام حتى لو كان على خطأ..، ويرفض النصح والتوجيه من أي أحد.
- وفي الحال الطبيعية، فإن الأخ الكبير يستحق التوقير، والاحترام؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا». قال محمد المناوي في كتابه (فيض القدير): «فيُعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه، ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير».
- أما حديث: «الْأَكْبَرُ من الْإِخْوَةِ بمَنْزِلَةِ الْأَبِ»، فهو حديث موضوع، ومع الأسف يستغل بعض الإخوة هذه الأحاديث لبناء حاجز نفسي بينه وبين إخوته؛ ظنا منه أنه بمنزلة أكبر منهم، وهذا - بلا شك- خطأ جسيم وعمل لا يليق، وكذلك اعتقاد أن الأخ الأكبر يثاب من يطيعه، ويأثم من يعصيه، لا دليل عليه عند أهل العلم، والثابت شرعا هو وجوب طاعة الوالدين.
- وجاء في الحديث الحسن عن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قُلتُ: «يا رسولَ اللهِ، مَن أبَرُّ؟ قال: أُمَّكَ، قُلتُ: مَن أبَرُّ؟ قال: أُمَّكَ، قُلتُ: مَن أبَرُّ؟ قال: أُمَّكَ، قُلتُ: مَن أبَرُّ؟ قال: أباكَ، ثُمَّ الأقربَ فالأقربَ». فإن الأخ من النسب كبيرا كان أم صغيرا، له حقّ في البرّ والصلة.
- قال المناوي في كتابه (التيسير بشرح الجامع الصغير): «الأكبر من الإخوة بمنزلة الأب في الإكرام، والاحترام، والرجوع إليه، والتعويل عليه، وتقديمه في المهمات، والمراد الأكبر دينا، وعلما، وإلا، فسِنًّا». لاحظ هنا جعل الأكبر هنا في الدين والعلم مقدما على السن!
- وقد أمر الشرع بتوقير الكبير عموما، فقد جاء شيخ يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا». والمقصود بـ «ليس مِنَّا»، أي: ليس على طَريقَتِنا وهَدْيِنا وسُنَّتِنا، «مَنْ لم يَرْحَمْ صَغيرَنا»، فيُعْطيهِ حَقَّه من الرِّفْقِ، واللُّطْفِ، والشَّفَقةِ،.. «ويَعْرِفْ حَقَّ كَبيرِنا» فيُعْطيهِ حَقَّه منَ التَّعْظيمِ والإِكْرامِ،.. ولا سيما إذا كان له شَرَفٌ بعِلْمٍ أو صَلاحٍ أو نَسَبٍ زَكِيٍّ.
- وأمّا عن حكم توقير الكبير، هل هو واجب أم مستحب فقط؟ فليس لأهل العلم كلام صريح بهذا الخصوص، والظاهر أنه يدور بين الوجوب والاستحباب، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ..»، أي: إنَّ مِن تَبْجيلِ اللهِ وتعظيمِه وأداءِ حَقِّه، «إكرامَ»، أي: تعظيمَ وتوقيرَ، «ذي الشَّيْبَةِ المسلمِ»، أي: الشَّيخِ الكَبيرِ في السِّنِّ».
- لذا فعلى المسلم أن يعطي الكبير حقه من الاحترام والتوقير، والتأدب معه، وعلى الكبير تقدير إخوانه دون تكبر وترفع عليهم، بل عليه أن يُقدرهم قدر استطاعته؛ للحفاظ على كيان العائلة وتماسكها.
22/4/2024م
لاتوجد تعليقات