رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 7 ديسمبر، 2015 0 تعليق

الأخطاء الطبية

 

     لا تكاد تجد أسرة إلا وقد فقدت أحد أفرادها بسبب الخطأ الطبي نتيجة لانعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطبيب الممارس أو المساعدين معه، أو نتيجة ممارسة تجريبية، أو حالة طارئة تتطلب السرعة على حساب الدقة، وللحين لا توجد عقوبة رادعة للحد من هذه الظاهرة.

تصل نسبة حالات الوفاة نتيجة الخطأ الطبي إلى معدلات عالية سنويا في معظم أنحاء العالم -حسب إحصائيات معتمدة من منظمات رسمية.

ويفترض أن الطبيب الذي يزاول مهنة الطب عنده مؤهل دراسي متخصص طبقا للأصول العلمية المتعارف عليها، والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجيا يستهدف تخليص المريض من مرض ألمّ به أو تخفيف حدته أو تخفيف آلامه.

     والأمثلة على ذلك كثيرة، فهذا شخص يصاب أثناء اللعب، ويعطيه الطبيب حقنة مسكنة فتسبب له جلطة في الرئة! وآخر يزعم الطبيب أنه يحتاج إلى استئصال لزائدة دودية سريعة، ويتم قطع شريان وثلاثة أوردة! وثالثة اشتكت من صداع بعد إعداد وجبة الغداء فاصطحبها زوجها إلى المستشفى وهي بكامل قواها ووعيها فيتم تشخيصها على أن ضغطها منخفض، ثم تعطى محلول لمدة أربع ساعات ثم يكتشف إصابتها بفقدان وعيها وبشلل نصفي.

وأخر يرفض الطبيب إعطاءه تقريرا طبيا للعلاج في الخارج وهو مستحق، ثم يهمل حتى استئصلت رجله!

وبرغم هذه الحالات المتكررة مع الأسف الشديد نجد تكتماً وتستراً على المتسبب لها حتى لا يتم إصدار حكم قضائي على المخطئ!

فكم من طبيب في العيادات الخاصة يمارس مهنة الطب وليس لديه ترخيص، وكم يقوم بعملية إجهاض ثم تموت المرأة أو الطفل ثم لا تكون العقوبة رادعة بحجم الخطر وهذا يشجع على التمادي في هذه المخالفات!

فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «من قدر على إنجاء شخص بإطعام أو سقي فلم يفعل فمات، ضمنه».

     إن العلاقة بين الطبيب والمريض تقوم على التعاقد بين الطرفين على بذل مصلحة معينة للمريض -تشخيص أو علاج- مقابل أجر، وعليها تتعلق المسؤولية الطبية بمعدل الالتزام ووقوع الضرر وسببه على المريض في سياق العلاقة المهنية، التي تقوم على الصدق والنصيحة والأمانة وحفظ السر وحفظ العورة والوفاء بالعقد.

     وتنشأ المساءلة عن الخطأ الطبي جراء الإخلال بواحد أو أكثر من المبادئ التي أدت إلى وقوع الضرر أو التسبب فيه أو إهمال؛ وعليه فالطبيب لابد أن يكون حاذقا وعالما بطبه وماهرا فيه على أفضل وجه مع إيماننا بأن هناك تفاوتا واضحا في تقويم موجبات وآثار هذه المسؤولية وتقديرها؛ لحديث: «من تطبب ولم يُعرف من طب فهو ضامن».

     وقد حكى ابن القيم الإجماع على إيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، وضابط الجهل في واقعنا المعاصر يتمثل في الإخلال بمتطلبات الطبيب من حيث كونه مؤهلا علمياً وعملياً؛ بحيث يحمل الشهادة العلمية في اختصاصه الطبي، ويحمل ترخيص المزاولة في هذا التخصص؛ حيث يراعى في هذه التراخيص اجتماع المؤهل العلمي والعملي للطبيب كل بحسب اختصاصه، وقد عرف المسلمون موضوع الترخيص والشهادة منذ زمن بعيد، ففي عام 319 هجرية أمر الخليفة العباسي المقتدر محتسبه إبراهيم بن بطحا بن أبي أصيبعة بمنع جميع الأطباء من المعالجة إلا من امتحنه رئيس الأطباء في ذلك العهد وهو سنان بن ثابت بن قرة، وكتب له رقعة بما يطلق له التصرف فيه من الصناعة، وقد امتحن في بغداد وحدها وقتذاك ثمانمائة طبيب عدا الذين لم يدخلوا الامتحان لشهرتهم وعلو شأنهم في الطب.

وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي بخصوص موضوع ضمان الطبيب أن الطبيب يكون ضامنا إذا   ترتب ضرر المريض في الحالات الآتية:

(1) إذا تعمد إحداث الضرر.

(2) إذا كان جاهلا بالطب، أو بالفرع الذي أقدم على العمل الطبي فيه.

(3) إذا كان غير مأذون له من قبل الجهة الرسمية المختصة.

(4) إذا أقدم على العمل دون إذن المريض أو من يقوم مقامه.

(5) إذا غرر بالمريض.

(6) إذا ارتكب خطأ لا يقع فيه أمثاله ولا تقره أصول المهنة، أو وقع منه إهمال أو تقصير .

(7) إذا أفشى سر المريض بدون مقتضى.

(8) إذا امتنع عن أداء الواجب الطبي في الحالات الإسعافية وحالات الضرورة.

والله المستعان

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك