رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.قذلة بنت محمد القحطاني 11 يوليو، 2019 0 تعليق

الأبناء والإدمان الالكتروني


عن معقل بن يسار المزني-  رضي الله عنه - أنه قال في مرضه الذي مات فيه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة» (رواه البخاري ومسلم واللفظ له)، وفي لفظ للبخاري: «ما من مسلم يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».

مخدرات العقول

     وبناء على مانعيشه في هذا الزمن من انتشار شبكات الخطف ومخدرات العقول، التي خطفت الدين والأخلاق والقيم أقدم هذه الكلمات نصحا للأمة نصيحة مشفق محب لإخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتحذيرهم مما انتشر في بلاد المسلمين من الانفتاح على التقنيات والجوالات وشبكات الإنترنت، ومانتج عن ذلك من وجودها في كل بيت، ومايدور فيها من إلحاد، وكفر، وشبهات، وفتن، ومقاطع غير أخلاقية مما سهل تناوله وتيسر الوصول إليه للصغير والكبير...!

     ومع ذلك صار أكثر الآباء والأمهات في غفلة عما يدور في أيدي أبنائهم وبناتهن وأطفالهم، بل ربما كانوا هم السبب في إيصال هذه الأجهزة إلى أيديهم، وفتحوا هذه الشبكات على مصراعيها، وتفننوا في اختيار أعلى السرعات وعلى مدار اليوم، هدر للأوقات والأعمار! من موقع إلى آخر، ومن مقطع إلى آخر، ومن سناب إلى آخر، ومن حساب إلى آخر.

ألم نسمع قول الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم : 6).

     الواقع مؤلم والنتيجة أشد ألمًا، أطفال يتلفظون الكفر والإلحاد! أطفال يتابعون أفلام الرعب والقتل والاعتداء!، أطفال يتناقلون مواقع إباحية!، أب يكتشف ابنته 10 سنوات ترسل لصديقتها كيف تتعلم الحب!، أم تكتشف ابنها يلعب مع نصراني ويحاوره عن الديانة المسيحية!، أم تتفاجأ أن ابنها أصبح مع عبدة الشيطان!، تعلم فنون السرقة والغصب!، ألعاب شيطانية!، قصص وقصص واقعية، وما خفي أعظم.

هل ننتظر حتى تقع الطامة والمصيبة؟ وهل أصبحت هذه الشبكات ضرورة في كل بيت وعلى مدار الساعة ولا محدود، ليعلم كل أب وأم أن هذه، أمانة ورعية سوف يسأل عنها أمام الله.

كُلُّكُمْ رَاعٍ

     عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه البخاري ومسلم، وهذا الحديث أصل في تحمل المسؤولية التي سوف يحاسب عنها الإنسان يوم القيامة، وهذه درجات المسؤولية لكل مسؤول؛ فكما نمنع عنهم البرد والحر والجوع يجب أن نمنع عنهم فساد الدين والأخلاق!

الشعور بالخطر

     وقد شعر المجتمع بهذا الخطر فعقدت مؤتمرات عدة لدراسة كيف نحمي الأطفال من خطر هذه الشبكات؟ وألفت الكتب في بيان خطرها على الناشئة، يقول د.محمد علي صالح الغامدي -عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المملكة العربية السعودية- في كتابه الإنترنت وخطره: «وهذه النافذة التي فتحت هي الإنترنت أو ما يحلو للبعض بتسميتها بالشبكة العنكبوتية فلقد اقتحمت حياتنا، ودخلتها على حين غفلة منا، لم ندرك متاهاتها، تقبلناها بنوع من السذاجة في كونها مصدراً للنهل من العلم والثقافة، لم نجعل لها ضوابط، تغاضينا بمحض إرادتنا عن الساعات الطويلة التي يقضيها أطفالنا في دهاليزها، نسينا أو تناسينا -بسبب انشغالنا- عن التحري عما يصل إلى أسماع أطفالنا أو ما تراه أعينهم، والنتيجة أصبح العديد من أطفالنا ضحايا بريئة لهذه الشبكة العنكبوتية المترامية الأطراف فأدمنوها، وتاهوا في سراديبها؛ فمن التشات مروراً بمواقع الكورة وتنزيل الأغاني الحديثة والكليبات.

63% من المراهقين

     وتفيد الإحصاءات بأن 63% من المراهقين الذين يرتادون صفحات المواقع الإباحية لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحونه، وأن أكثر مستخدمي المواد الإباحية تراوح أعمارهم بين 12و 17 سنة، والصفحات الإباحية تمثل بلا منافس أكثر فئات صفحات الإنترنت بحثاً وطلباً»!

ثم ذكر جملة من أخطارها ومن أبرزها:

1- الانعزال والانطوائية للمستخدم.

2- التعرف على صحبة السوء.

3- زعزعة العقائد والتشكيك فيها.

4- نشر الكفر والإلحاد.

5- الوقوع في شراك التنصير.

6- تدمير الأخلاق ونشر الرذائل.

7- التقليد الأعمى للنصارى والافتتان ببلادهم.

8- إهمال الصلاة وضعف الاهتمام بها.

9- التعرف على أساليب الإرهاب والتخريب.

10- الغرق في أوحال الدعارة والفساد.

11- إشاعة الخمول والكسل.

12- الإصابة بالإمراض النفسية.

13- إضاعة مستوى التعليم.

ما دورنا بوصفنا أولياء أمور؟

     وبناء على ماسبق ما دورنا بوصفنا أولياء أمور، ومسؤولين أمام الله عن هذه الرعية؟ وما دور المربين والمعلمين لاسيما وقد لاح بارق الخطر، وعاث مفسدوه في الأرض فسادا؟ فلا بد فيه من تضافر الجهود الفردية والجماعية كافة لإصلاح أوضاع الجيل بشرائحه كافة، ونناشد الجهات الرسمية الحد من هذه المواقع وحجبها، والسعي لإيجاد حلول جذرية تستأصل جذور هذا الفساد وهذه المواقع الإباحية والإلحادية، والله المستعان وعليه التكلان وما ذلك على الله بعزيز.

وأنبه على أهمية دور المعلمين والمعلمات والمربين والمربيات في درء هذا الخطر، وفتح المحاضن واحتواء الجيل، والقيام بالدور المطلوب، وبذل الجهد في إنقاذ الشباب، واستغلال هذه الطاقات المهدرة وتوجيهها.

- غرس العقيدة الصحيحة ومراقبة الله -تعالى.

- القضاء على الفراغ الذي يعانيه النشء ولاسيما في فترة الإجازات، وما يكون فيها من التفرغ لهذه الأجهزة.

- القدوة من خلال الاستخدام الصالح والمفيد لإنترنت.

- الاستفادة من النشء في استخدام التقنية لنشر الإسلام والتعريف بمحاسنه.

- تحديد أوقات استخدام الشبكة وإغلاقها فيما عدا ذلك.

- فرض قواعد واضحة لاستخدام الانترنت في المنزل تحدد فيها الأماكن والأوقات المسموحة والممنوعة.

- التعرف على البرامج والتطبيقات التي تجهل عن الانترنت وتعرف بنفسك المواقع التي يستخدمها الأولاد والجلوس معهم، ومعرفة ماذا يدور في عالمهم، ومَنْ جلسائهم إكترونيا؟!

- استخدم أدوات التصفية للمحتوى المتاحة حاليا على الأجهزة المحمولة ومنع الأطفال من امتلاك هذه الأجهزة وبيان خطرها عليهم.

- الالتفاف حول العلماء وربط الشباب بالعلماء والمربين.

- توسعة المؤسسات الدعوية والتربوية التي يمكن أن تستوعب الشباب من الجنسين، وإعداد البرامج المشوقة الجاذبة.

الحلقات القرآنية

وما أحوج الأمة لدور الحلقات القرآنية! فكم أنقذ الله بها من جريح يحتضر، وتائه يتخبط في دروب الظلال، ومأسور في شباك الهوى والغفلة! فأحيا الله بها نفوساً غرقى، وأرواحاً شعثا، وأصلح بها قلوباً غلفا! وأحوالاً شتى! فجزى الله من قام عليها خير الجزاء.

وأخيراً أسأل الله -تعالى- أن يمن على المسلمين بجعل هذه الشبكة سببا لنشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ويكفي المسلمين وأبناءهم شرها وفسادها وفتنتها والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك