رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين 17 سبتمبر، 2012 0 تعليق

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (2)

 

الفرية الثانية

زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب من الخوارج (1)

زعم بعض علماء السوء والتضليل أن محمد بن عبدالوهاب وجماعته من الخوارج، وأن سيماهم التحليق، وهذه عادة علماء السوء والتضليل الذين ابتلي الإسلام بهم، ومن المعلوم أن الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه من الموحدين، ينأون عن الخوارج، بل هم على الكتاب والسنة النبوية.

يقو الشيخ المجاهد سليمان بن سحمان، رحمه الله:

ونبرأ من دين الخوارج إذ غلوا

                                                                   بتكفيرهم بالذنب كل موحد

وظنوه دينا من سفاهة رأيهم

                                                                   وتشديدهم في الدين أي تشدد

ومن كل دين خالف الحق والهدى

                                                                   وليس على نهج النبي محمد (2)

       يقول علوي الحداد: «وأهم من ذلك كله ما ذكره النبي  صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة المبينة لعلامات الخوارج، مما يبين أن ابن عبدالوهاب وأتباعه منهم، كونهم من نجد، وكونهم من المشرق، ومعلوم أن نجدا شرقي المدينة، وكون سيماهم التحليق، مع كونهم من المشرق» (3).

       ويقول محمد أبو زهرة: «كانوا -يقصد اتباع محمد بن عبدالوهاب- يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب»(4).

       ويقول الصاوي في تفسير قوله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}: «نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة، ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد في نظرائهم، وهم فرقة يقال لهم الوهابية» (5)، يقصد بالوهابية جماعة الإمام محمد بن عبدالوهاب.

       ويقول الكنهوري: «وإن لهم أسوة في سلف من الخوارج الحرورية، لعنهم الله؛ حيث كفروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وجميع المسلمين من أصحابه وأنصاره بتلفيقات تشبهها أقوال هؤلاء الوهابية، واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم»، «ولو تأملت بصائب النظر في تاريخهم لوجدت الوهابية ممن يحذو حذوهم في العقائد.. ثم إنك لو أمعنت النظر لوجدت شيوخ أولئك الخوارج من أهل نجد»(6).

       ويقول شاعر العراق محمد جميل الزهاوي، ذلك الشاعر المنافق: «إن من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إخباره عن هؤلاء الخوارج» يقصد بالخوارج أتباع الإمام محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، فهذا الرجل يهرف بما لا يعرف، ويدور حول عبادة الأضرحة والأوثان البشرية، نلمح هذا في كتابه الذي نطلق عليه بدورنا (الفجر الكاذب)، الذي حمل حملة شرسة على دعوة الإمام(7).

       وقد عاجله الشيخ سليمان بن سمحان -رحمه الله- بالرد عليه في كتابه (الضياء الشارق) في رد الشبهات الماذق المارق»، و(عقود الجواهر الحسان):

ألا بلغا عني جميلا رسالة

 

                            فقد جاءنا بالترهات اللواذب

وفاه بقول لا حقيقة تحته

                            وليس مقال القدم يوما بصائب

       وجميل الزهاوي -هذا- لا يعرف إلا النفاق والتملق، عاش حياته نفاقا في نفاق مع الدولة العثمانية، فلما رأى الضعف ينخر بها في آخر أيامها اتجه إلى الإنجليز يمدحهم ويمجدهم ويصب النقد اللاذع واللعنات على الدولة العثمانية، وينشد في حب الإنجليز، ويحببهم إلى أبناء جلدته، فيقول:

تبصر أيها العربي واترك

 

 

                                                               ولاء الترك من قوم لئام(2)

ووال الإنجليز رجال عدل

                                      وصدق في الفعال وفي الكلام

وقال في حبهم:

أحب الإنجليز وأصطفيهم

                            لمرضيّ الأخاء من الأنام(9)

جلوا في الملك ظلمة كل ظلم

                            بعدل ضاء كالبدر التمام

      هذه نظرته إلى الإنجليز ذلك المستعمر الذي قتل وعبث في بلاد المسلمين(10) وغير وبدل، ونكتفي بما وصفهم به صاحب كتاب «بريطانيا العظمى» وقد جاء فيه:

      «إن جنودنا لم يكونوا يبالون بأرواح الناس ولا بأموالهم ولا يقيمون وزنا للكرامة والشرف، وإن ما كانت تذكره البلاغات الرسمية عن قتل الثوار لم يكن في الواقع غير قتل الفلاحين المسلمين الذين كانوا يؤخذون من حقولهم وهم عزل فيقتلون.

      إن ما ارتكبه جنودنا من ظلم ووحشية  وحرق وتقتيل لا نجد له مثالا في أي عصر أو مكان» اهـ(11).

      هذا هو الاستعمار الإنجليزي وأدواته من الماسونيين الذين كانوا جسورا عبرت عليها خطط الإنجليز للقضاء على المسلمين، وكان منهم الزهاوي الذي أخلص لهم وعلق على صدره وسام خدمتهم، فتصدى لدعوة الإسلام التي قام بتجديدها أبناء العروبة في الجزيرة، وشن عليها حربا شعواء؛ مما يدل على أنه كان مبغضا للإسلام وأهله، محبا للكفر وأهله، متسترا بثياب الوطنية الزائفة التي يتبجح بها المنافقون في العصور الأخيرة.

      يقول محمد رشيد رضا: سمعت من كثير من الذين عرفوا الزهاوي في الأستانة أنه ملحد لا يدين بدين، وقد تهجم الزهاوي على الشريعة الإسلامية وطعن فيها.

      ويقول الشيخ عبدالله ابن الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمهم الله- عن «التحليق»: «وأما البحث عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذين دخلوا في ديننا قاتلوا من لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وإن لم يحلق رأسه صار مرتدا، والردة لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام، وأنواع الكفر والردة من الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منه، بل ولم نقل إن الحلق مسنون، فضلا عن أن يكون واجبا، فضلا عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام.

      ونحن لم نأمر أحدا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه، بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله وأبى عن توحيد الله»(12).

      ويقول الإمام عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: «وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة؛ فهم بحمد الله يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له»(13).

      ويقول عبدالكريم بن فخر الدين الهندي -رحمه الله- وهو يرد على ابن دحلان: «وأما ما ورد في الخوارج: سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه، فإن ترك الشعر واللحية سنة عند محمد ابن عبدالوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحا يحمل أمره ذلك فيمن كان جديد الإسلام، كما قال رسول الله [: «ألق عنك شعر الكفر»(14).

      ويقول عبدالله القصيمي: «وهذا القول فاسد مردود، وبيان ذلك أن حجته في هذا القول، هي أن النجديين فيهم من يحلقون رؤوسهم، وفاتهم أن معنى سيما القول، أي علامتهم التي بها يتميزون عن غيرهم، وما به يعرفون ويختصون، وإذا كان الأمر مشتركا بين الناس مشاعا بين أصنافهم، فليس سيما الطائفة ولا علاقة، وكذلك التحليق لا يمكن أن يكون سيما لأحد اليوم؛ لأن التحليق أمر تفعله أمم كثيرة في أقطار  كثيرة من الأقطار الإسلامية، فلا يمكن أن يكون سيما النجديين يقينا»(15).

الهوامش:

1- انظر كتابنا: ماذا تعرف عن الخوارج؟ الجزء الأول.

2- انظر الهدية السنية ص116.

3- انظر الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ص5.

4- انظر تاريخ المذاهب الإسلامية ج1، ص236، ومحمد أبوزهرة -هذا- وضع دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب من المذاهب الخارجة.

5- حاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص307.

6- انظر كشف النقاب عن عقائد ابن عبدالوهاب ص78.

7- انظر الفجر الصادق ص25.

8- ديوان الزهاوي-طبع بيروت.

9- الزهاوي دراسات ونصوص- عبدالحميد رشود ص310.

10- الزهاوي دارسات ونصوص- عبدالحميد رشود ص310.

11- ومما يؤكد تحمس الإنجليز للقضاء على الدولة السعودية ودعوة التوحيد تلك الرسالة التي أرسلوها لتهنئة إبراهيم باشا من قبل الحكومة الإنجليزية بتدمير الدرعية، انظر: هوغارت: جولة في بلاد العرب ص104-111.

12- انظر الدرر السنية ج8، ص204.

13- المصدر السابق ج9 ص195.

14- انظر الحق المبين في الرد على الوهابية المبتدعين ص45.

15- انظر الصراع بين الإسلام والوثنية تأليف عبدالله بن علي العصيمي، ط(1) القاهرة 1402هـ، ج1 ص443.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك