رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 24 يونيو، 2014 0 تعليق

اضطهادات جديدة لمسلمي سريلانكا

هكذا هو العهد دوما في تعامل البوذيين مع المسلمين في كثير من البلدان التي تحمي أنظمتها الحاكمة الأغلبية البوذية في اعتداءاتها على الأقلية المسلمة، دون أن تضع هذه الأنظمة أدنى اعتبار للأنظمة الإسلامية ولا تخشى منها أدنى رد فعل, يحدث ذلك مرارا في سريلانكا وبورما والصين وغيرها.

     ودائما ما تصاحب تلك الاعتداءات حملات صمت وتهوين إعلامية حكومية ومحاولات لوصفها بالأعمال البسيطة, فيصرح وزير الإعلام السريلانكي دوما ويصف هذه الاعتداءات بـ«التوترات الصغيرة الطبيعية في مجتمع متعدد الثقافات»، ويؤكد دوما أن الحكومة ستتحرك في حال تطور الأمر, وبالطبع لا يعني تطور الأمر سوى أن يحاول المسلمون رد العدوان, وحينها فقط تتدخل الدولة لمعاقبة المسلمين لتسهم هي الأخرى في زيادة معاناة المسلمين.

     فشهد عاما  2012 و2013م، حملات متصاعدة من  الهجمات البوذية ضد المسلمين، فهاجم البوذيون عشرات المساجد، ودعوا إلى مقاطعة منتجات المسلمين، وحظر الحجاب والأطعمة الحلال، والتهديد الدائم بالإبادة, وعُدَّ عام 2014 أيضا امتدادا لهذه السلسلة من الاعتداءات التي لا تتوقف.

     وفي الأيام القليلة الماضية تجددت الاعتداءات الوحشية البوذية المصحوبة بالصمت الرسمي الذي يشجع على ارتكاب المزيد من  الجرائم ولاسيما من المنظمة البوذية (بودو بالا سينا) (بي بي اس)، التي تعني «القوة البوذية»، التي بدأت هذه الاعتداءات إثر قيامها بعقد اجتماع لها في مناطق المسلمين والتحرش بهم، وبعدها قرروا مهاجمة سكان منطقة (الوتغاما) ومنتجع (بيروالا) السياحي، وهي المنطقة التي تسكنها غالبية من المسلمين، وتبعد 60 كم عن العاصمة كولومبو.

     وأوضح رؤوف حكيم وزير العدل الذي يمثل أقلية المسلمين بعدما زار مكان المواجهات, أن الحكومة تركت تلك المنظمة المتطرفة تعقد تجمعاً في هذا المكان الحساس، وهدد باستقالته من الحكومة اعتراضا على هذا التقاعس المتعمد.

وبين الوزير أن «ثلاثة مسلمين قد قتلوا، وأصيب 78 بجروح خطرة كما هوجمت أيضاً مساجد للمسلمين دون أن يقابلها أي عقاب».

     وبعد مزيد من الصمت والتقاعس وحينما أراد المسلمون الدفاع عن أنفسهم وعن أماكنهم المقدسة أصدرت الحكومة أمرا بحظر التجوال، ليخرج البوذيون دون أية أضرار على الرغم من وجود احتراق لكثير من المحال التجارية المملوكة للمسلمين، كما تم تسجيل أعمال نهب كثيرة في المنطقة.

     وتأتي هذه الاعتداءات بعد اعتداءات ماثلة منذ ثلاثة أيام فقط بعد اشتباكات بدأت باعتداء راهب بوذي على شاب مسلم، وهي الاعتداءات أيضا التي تم عليها تعتيم من قبل وسائل الإعلام بناء على أوامر عليا, ثم أعلن بعدها (ماهيندا راجابكسا) رئيس سريلانكا فتح تحقيق في الواقعة, وقال: «لن نسمح لأحد أن يطبق القانون بيده، وأطالب كافة الأطراف المعنية بضبط النفس», وهي الجملة التي لا يمكن أن تعني تهديدا حاسما للمعتدين ففيها تسوية بين الجناة والمجني عليهم.

     وتقع سريلانكا في الجزء الجنوبي الشرقي من الهند، وتطل على خليج المنار والبنغال، وبحسب إعلان نتيجة الإحصاءات الرسمية التي قامت خلال عام 2012م، يبلغ عدد السكان في سريلانكا حوالي 20 مليون نسمة؛ وتمثل البوذية، والهندوسية، والإسلام، والنصرانية، الأديان الرئيسة في هذا البلد. كما يُعَدُّ البوذيون الأغلبية العظمى؛ حيث يشكلون 70.2%، ويليهم الهندوس ويشكلون 12.6%، أما بالنسبة لتعداد المسلمين، فإنه قد بلغ نحو مليوني نسمة تقريباً؛ حيث يشكل هذا العدد 9.7% من إجمالي عدد السكان.

     ويعاني المسلمون في سريلانكا جوانب عدة من الاضطهاد؛ حيسريث يضيق عليهم البوذيون في أداء عباداتهم, وتمثل هذه الحادثة نموذجا على ما يحدث للمسلمين, فقام عدد من الرهبان البوذيون بتعطيل صلاة المسلمين في قرية (دامبولا)؛ حيث زعم المهاجمون أن المسجد - الذي بُني في عام 1962م - غير قانوني, وبعدها قام الرهبان بصياغة رسالة تهديد لمسلمي سريلانكا في المدن القريبة يطالبونهم بإيقاف  أداء الصلوات.

     لا يختلف حال مسلمي سريلانكا عن حال الأقليات المسلمة في كثير من بلدان العالم؛ حيث لا مدافع عنهم ولا أحد يتبنى قضيتهم، بينما ينشغل معظم أبناء كل قطر بأنفسهم، ويقتصر تعامل سلطات كل دولة مع مواطنيها داخل حدودها وخارجها, فمن للمسلمين المضطهدين في ظل هذه الفكرة المخالفة للمفهوم الإسلامي عن الأخوة الإسلامية التي لا تعرف حدودا سياسية بل تُعِدُّ رابطة الدين رابطة ترقى على رابطة القومية والجنسية؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك