رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 27 أبريل، 2015 0 تعليق

اسم الله (الكبير)

     ثبت اسم الله (الكبير) في كتاب الله -عز وجل-؛ حيث ورد في ست آيات، اقترن باسم الله (العلي) خمس مرات، وأتى بعده، واقترن باسم الله (المتعال) وأتى قبله، فهو سبحانه (العلي الكبير)، و(الكبير المتعال)، وينبغي أن نحافظ على هذا الترتيب لهذه الأسماء الثلاثة؛ لأنها هكذا وردت في كتاب الله؛ وهكذا يقتضي المعنى.

كنت وصاحبي في طريق عودتنا من صلاة الظهر في الجامعة.

سألني عن اسم الله (الكبير) لالتحاق عضو هيئة تدريس جديد معهم في القسم اسمه (عبدالكبير) من شرق آسيا.

هل تذكر الآيات التي ورد فيها اسم الله (الكبير)؟!

أحفظ بعضها، ولكن دعني أقرؤها لك من هاتفي.

خلال أقل من دقيقة كانت الآيات أمامي على الشاشة.

     اسمع يا (أبا محمد) {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ  فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ  وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}(النسا: 34)، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}(الرعد: 9)، {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}(الحج: 62)، {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}(لقمان: 30)، {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُﭩ}(سبأ: 23)، {ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}(غافر: 12).

- و(المعنى)؟ - أعني أن الجميع يعرف معنى كلمة (كبير) ولكن ما المعنى في حق الله عز وجل فإني أخاف أن أتكلم في هذا المجال دون علم فأخطئ.

- نِعم ما تفعل يا أبا محمد، كنت قد اطلعت على معنى هذا الاسم لله عز وجل، فهو من الأسماء الحسنى، ولنبدأ باللغة؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين.

     (الكبير) من صيغ المبالغة فعله.. (كَبُر كِبَراً وكُبْراً فهو كبير)، و(الكِبَر) بفتح الباء نقيض الصغر، والكبير والصغير من الأسماء التي تقال عند اعتبار بعضها البعض (نسبية)، فالشيء قد يكون صغيرا في جنب شيء وكبيراً في جنب شيء آخر.

هذا في اللغة.

     أما في حق الله فهو سبحانه (الكبير) بألف لام التعريف فهو (الكبير) على الإطلاق دون نسبية، (كبير) سبحانه في ذاته وفي أفعاله وفي صفاته وفي قدره وفي قدرته، ففي تفسير قول الله تعالى:

     {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الزمر:67). وفي قوله سبحانه: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ  كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ  وَعْدًا عَلَيْنَا  إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (الأنبياء:104) عن ابن عباس قال: يطوي الله السموات السبع بنا فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة، يطوي ذلك كله بيمينه، يكون ذلك كله في يده بمنزلة خردلة.

     عن عبدالله بن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا محمد. إنا نجد أن الله -عز وجل- يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على  إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} الآية. (البخاري، ومسلم، أحمد، والترمذي، والنسائي).

     عن أبي سلمة بن عبدالرحمن: أن أبا هريرة -رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض» (البخاري).

تفرد به من هذا الوجه، ورواه مسلم من وجه آخر.

كدنا نبلغ نقطة افتراقنا إلى مكاتبنا.

- وما الفرق بين (العظمة) و(الكبر).

- دعني أذكر لك حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم  فيما يرويه عن رب العزة، قال الله -عز وجل-: «الكبرياء ردائي والعزة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار» مسلم، والبخاري في الأدب المفرد، وفي رواية: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منها قذفته في النار» صححه الألباني.

وبالطبع كل هذه الألفاظ في حق الله نذكرها؛ لأنها ثبتت في الحديث الصحيح دون تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل، ولكن أخذ العلماء من هذا الحديث أن الكبرياء أشرف من العظمة.

وفي استنتاج الصلاة نقول: (الله أكبر) ولا يجوز أن نقول: الله (أعظم)، ثم الألفاظ المقاربة لاسم الله الكبير هي (أكبر) و(المتكبر) وليس هناك اسم (المتعظم) لله عز وجل.

     ولو تدبرنا الأسماء التي اقترنت بالكبير (العلي الكبير)، و(الكبير المتعال)، والأسماء التي اقترنت بالعظيم: (العلي العظيم)،لقد ورد اسم الله (الكبير) بعد (العلي) وقبل المتعال وربما يمكننا تدبر ذلك بقولنا: إن ما علا فإنه يصغر ولله المثل الأعلى سبحانه؛ فهو (العلي) في ذاته و(الكبير) في ذاته مع علوه، هذا بالطبع مع علو القدر والقدرة وكبر في أسمائه وأفعاله وصفاته -عز وجل-.

     إما (المتعال) فهذا الاسم لله سبحانه هو أبلغ صيغ العلو (العلي)، و(الأعلى)، و(المتعال)؛ فهو المستعلي سبحانه بذاته، وصفاته وأسمائه عن كل ما لا يليق به من شريك وولد ونقص؛ فكان الثاني من الأسمين عندما اقترن بـ(الكبير).

إن اسم الله الكبير ورد بين اسمين من أسماء العلو لله -عز وجل- (العلي) و(المتعال)، أتى بعد الأول، وقبل الثاني، فتدبره.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك