رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 13 أكتوبر، 2015 0 تعليق

اسم الله (الطيب)

شقيقتي الكبرى (طيبة) أناديها الدرويشة، التزمت تعاليم الدين واجبها وسننها بعد الثلاثين، لا تكاد تسمع عن درس أو شيخ زائر أو عمل خير إلا سابقت إليه.

- هل تعلمين أن (الطيب) من أسماء الله الحسنى؟!

هكذا بدأت حديثي معها في لقاؤنا الأسبوعي عند والدتنا ليلة الجمعة، وكنا معاً مع الوالدة قبل أن يحضر الآخرون.

- حقا؟ (الطيب) من أسماء الله الحسنى؟

- نعم، ولكنه لم يرد في كتاب الله، وإنما ورد في السنة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً».

- وهل يجوز التسمي باسم (الطيب) أو (طيّب) أو (طيبة)؟!

- نعم، دون شك؛ فالأسماء الحسنى يجوز أن نسمي بها البشر دون إضافة (عبد) قبلها، عدا ما استثنى. لفظ الجلالة (الله)، و(الرب)، و(الرحمن)؛ فيجوز أن نسمي (رحيم)، و(عبدالرحيم)،  أو (لطيف) و(عبداللطيف)، أو (غني)، و(عبدالغني)، وهكذا.

لم تخف (طيبة) سرورها بهذه المعلومة بابتسامة عريضة وعبارات مبتهجة.

- وماذا عن المعنى اللغوي لـ(الطيب)؟!

- (طاب)، (يطيب)، (طيبا)، (حلى) وزكي وجمل ولذ، ويستخدم في المحسوسات واللامحسوسات، مثلا (طاب المقام)، و(طاب الثمر)، وفي القرآن: {كلوا مما في الأرض حلالا طيبا}(البقرة: 186)، {بلدة طيبة ورب غفور}(سبأ: 15)، وفي دعاء زكريا: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}(آل عمران: 28)، وفي وصف الريح: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة}(يونس: 22).

صفة (الطيبة) صفة جامعة لكل ما تحبه النفس، هناك (الكلمة الطيبة)، و(الريح الطيبة)، و(بلدة طيبة)، و(طعام طيب)، و(خلق طيب) وهكذا.

- وفي حق الله سبحانه وتعالى؟

- نعلم أن القاعدة في أسماء الله سبحانه وتعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}(الشورى: 11)، فهو -سبحانه- (طيب) في ذاته، وأفعاله، وصفاته، له الكمال في كل شيء بما يليق به -عز وجل- يفعل (الطيب) ولا يقضي إلا طيبا، ولا يقبل إلا طيبا -سبحانه- ومن معاني (الطيب) في حق الله -عز وجل- «المنزه عن النقائض وعن كل ما لا يليق به -سبحانه وتعالى-».

وكذلك من معاني (الطيب) الذي طيب للناس مقامهم في الدنيا، ولأهل الإيمان مآلهم في الآخرة، ووصف جنته {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم}(التوبة: 72).

فاسم الله (الطيب) دال على الذات وعلى الصفات وعلى الأفعال المتعلقة بالله -عز وجل- ومن الأدعية التي وردت في هذا الشأن:

     عند أحمد وصححه الألباني من حديث عبدالرحمن بن عايش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات، وحب المساكين وأن تتوب علي، وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون»، وعند البخاري من حديث أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مكفي، ولا مودع، ولا مستغني عنه ربنا»، وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث رفاعة بن رافع الزرقي، قال: كنا يوما نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع قال: «سمع الله لمن حمده»، قال: رجل وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من المتكلم بها آنفا»، فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدوونها أيهم يكتبها أول»، وعند ابن ماجه وصححه الألباني من حديث أن سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: «اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا وعملا متقبلاً».

- ودعيني أختم قبل أن يضيع الموضوع ببدء الفوضى مع دخول باقي الإخوان والأخوات أن من إحصاء هذا الاسم لله -عز وجل- (الطيب).

أن يتخلق المسلم بطيب الأخلاق، وأن ينفق طيب المال، وأن يأكل طيب الطعام، وأن ينطق طيب الكلام، وأن يسأل الله الطيب من الرزق في الدنيا والآخرة.

جعلني الله وإياك من الطيبين في الدنيا والآخرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك