رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 25 مارس، 2013 0 تعليق

استمراراً لدورها الريادي في العمل الإسلامي «الأوقاف» تـختتم فعاليات مؤتـمر – البناء الـحضاري للأمة

 

اختتمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نهاية الأسبوع الماضي فعاليات مؤتمر: (البناء الحضاري للأمة.. التعليم الشرعي وتحديات العصر)، الذي نظمته إدارة الدراسات الإسلامية خلال الفترة من 19 – 21 مارس الحالي، ويأتي هذا المؤتمر في إطار السعي الدائم من الوزارة لتحقيق الريادة في العمل الإسلامي في كافة أنشطته ومجالاته التي من أهمها ولا شك التعليم الشرعي ومعاهده التي توليها الوزارة رعاية خاصة ومتميزة.

     شهد المؤتمر عددا من المحاضرات كان أهمها محاضرة بعنوان: (مخرجات التعليم الشرعي بين الواقع والمأمول) للدكتور علي بادحدح والدكتور مصطفى مخدوم؛ حيث أكدا فيها أن موضوع مخرجات التعليم الشرعي وإن كان متأخرًا من حيث الوجود الزمني، فلا وجود للمخرجات إلا بعد وجود المؤسسات والمناهج والجهود التعليمية، مشيرين إلى أنه موضوع متقدم من حيث الرتبة والأهمية، فهو يمثل الثمرات المرجوة والأهداف النهائية من كل ذلك، فالمناهج والمؤسسات والبرامج ليست مقصودة لذاتها، وإنما المقصود في النهاية الوصول إلى مخرجات شرعية نموذجية تؤدي رسالتها الشرعية في المجتمع، على أحسن الوجوه وأكملها، فهو كما قال المناطقة: (أول الفكرة آخر العمل وآخر الفكرة أول العمل).

     وأضاف بادحدح: إن استئناف المسيرة الحضارية والريادة العالمية للأمة يتوقف على وجود وعي عميق بشتى جوانب المعرفة والوعي، ولا سيما الوعي الشرعي، الذي يعد أهم صور الوعي الحضاري وأولاها بالاهتمام من القائمين على شؤون الإصلاح والتجديد في أمتنا الإسلامية.

مظاهر الضعف في مخرجات التعليم الشرعي

     وأشار د. مخدوم: إلى مظاهر الضعف في مخرجات التعليم الشرعي بقوله: عندما نتأمل واقع التعليم الشرعي نجد شواهد كثيرة على ضعف المخرجات الشرعية من جوانب مختلفة منها:

- أولا: من الناحية العلمية: حيث نجد الغالب على مخرجات الكليات والمعاهد الشرعية أنها تملك ثقافة شرعية عامة لا تخرج عن دائرة الكليات أو التفاصيل المتناثرة، وليست علمًا شرعيًا عميق الجذور وليست مبنية على التأصيل المنهجي.

- ثانيًا: من الناحية الفكرية: حيث نجد كثيرًا من المخرجات الشرعية لا تملك القدرة على التفكير المنهجي العميق القادر على الربط بين المقدمات والنتائج بطريقة منطقية صحيحة.

- ثالثًا: من الناحية اللغوية: حيث نجد الغالب على المخرجات شيوع اللحن النحوي وضعف القدرة على الصياغة البلاغية للخطاب الشرعي.

- رابعًا: من ناحية المعرفة الواقعية بالحياة: فكثير من المخرجات الشرعية لا تملك رؤية واضحة تجاه الواقع البشري وقضاياه.

أسباب الضعف وعلاجه

أما عن أسباب الضعف وعلاجه فقد لخصها بالنقاط التالية:

1- ضعف الشعور على المستوى الفردي بمكانة الوعي الشرعي وقدره وأهميته في الحياة.

2- طغيان النظرات المادية على اهتمامات الناس وأعمالهم.

3- تقصير بعض العلماء في أداء وظيفتهم التعليمية.

4- ضعف الوسائل والأساليب المستخدمة في التعليم الشرعي وعدم التطوير فيها .

5- ضعف قدرات المؤسسات الشرعية وقصور إمكاناتها.

6- قلة العلماء الراسخين والربانيين الذين يؤثرون في الأمة.

7- غياب التواصل بين العلماء الثقات وجمهور الأمة.

8- انصراف أكثر النوعيات المميزة والمتفوقة عن التعليم الشرعي.

9- ضعف مناهج التعليم في بعض المؤسسات الشرعية.

10- ضعف الدعم الاجتماعي والمادي لمؤسسات التعليم الشرعي ومخرجاته.

معايير الـجودة في التعليم الشرعي

     كما عقدت محاضرة أخرى بعنوان:« معايير الجودة في التعليم الشرعي»، للدكتور عبد العزيز برغوث والدكتور علي الكندري، وقد تطرقت المحاضرة إلى المؤتمر الخاص بالتعليم الشرعي وتحديات العصر، خصوصاً النظر في الخطة المعدة لإنشاء معهد الدراسات الإسلامية، وأشارت إلى صناعة الجودة على أرض الواقع في تجربة رائدة تقودها إدارة الدرسات الإسلامية بنهج علمي مخطط ومتواصل، وأن تتصدى إدارة الدراسات الإسلامية لمسألة تطوير التعليم الشرعي في هذا العصر المعولم والمعقد، وفق منهج تركز فيه على التخطيط الإستراتيجي واتباع معايير الجودة والتميز، وتطبيق النظريات الحديثة في بناء المناهج وتطبيقها وتنمية الموارد البشرية القادرة على إضافة قيمة نوعية للمعهد ولخريجه، وهذا النموذج في التعاطي مع التعليم الشرعي سوف يضفي بعدًا علميًا عليه، ويفتح له آفاقا حضارية لأداء دور فعال في المستقبل.  وخلصت المحاضرة إلى أن صناعة الجودة تحتاج إلى:

1) النظر إلى صناعة الجودة بوصفها منظومة متكاملة لها أبعاد ومحاور متعددة ومتكاملة ينبغي توفيرها بشكل متوازن من أجل توجيه كل الطاقات البشرية والمادية والعلمية لتحقيق التميز الدولي وتقديم برامج ذات جودة عالية تجعل من الخريج قيمة مضافة لسوق العمل وللمعهد وللمجتمع.

2) ضرورة الاهتمام بالمعايير الدولية والمقاييس العالمية التي تساعد على تحسين الأداء ورفعها إلى المستوى الدولي.

     فيما أوضح الدكتور محمد البيانوني أنه لا يشك أحد في أن مناهج التعليم الشرعي وغيرها من مناهج التعليم الأخرى، هي نوع من المناهج البشرية التي يضعها المتخصصون القائمون على أمور التعليم في ضوء السياسات التعليمية العامة المعتمدة والمقرة من قبل المراجع التعليمية العليا التي تُعدُّ في المقياس الشرعي والدعوي شكلاً من أشكال المناهج البشرية القابلة للتطوير والتنفيذ، تبعاً للتغيرات العامة، وتطور احتياجات الدارسين، وليست من المناهج الربانية الثابتة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، التي تغطي الاحتياجات البشرية في كل زمان ومكان.

     وتابع البيانوني: تبرز أهمية هذا المؤتمر التخصصي الهادف إلى بيان وظيفة مؤسسات التعليم الشرعي في التنمية المجتمعية، وضرورة استثمار التطور التكنولوجي في تطويره، وتحديد معايير جودة المؤسسات التعليمية القائمة... في سبيل التوصل إلى معالم واضحة تعين على تطوير هذه المناهج لتكون أكثر ملاءمة لواقع العصر، وأكثر انسجامًا مع مقتضيات المستجدات فيه.

توصيات الـمؤتـمر

اختتم المؤتمر فعالياته وانتهى المؤتمرون إلى عدد من التوصيات والمشاريع العملية أهمها:

(1) مراعاة المتغيرات المعاصرة في تحديد المناهج وأهدافها وتفاصيلها بحيث لا نتجاهل التطورات الواقعية والمعارف والمهارات المتجددة التي طرأت في عصرنا.

(2) التركيز على صناعة النوعية الجيدة وعدم الاغترار بكثرة المؤسسات والمخرجات.

(3) ضرورة انتقاء العناصر الجيدة والمتميزة من الشباب وتشجيعها بوسائل شتى لسلوك طريق العلم الشرعي لتحسين مستوى المخرجات.

(4) وضع برنامج إيماني تربوي مرادف للمنهج العلمي يبني النفوس على الإيمان والفضيلة وحسن الصلة بالله تعالى ويعالج أمراض القلوب ويعمق معنى الربانية فيها.

(5)  العمل الجاد على تحسين الوضع المادي والوظيفي لمخرجات التعليم الشرعي والتفاوض والتعاون مع الجهات الرسمية في تحقيق ذلك.

(6)  بناء النظرة الشمولية للمشروع الإصلاحي للتعليم الشرعي ليشمل كلا من المناهج والأساليب والمؤسسات والمخرجات وهيئة التعليم.

(7) البدء في تعليم العلوم الشرعية من الإيمان ومن مدخل القرآن والسنة أولا، ودراسة العلوم والتطبيقات البشرية في إطارها، وإظهار النظرة الكلية والروابط الفكرية بينها.

(8) التعاون بين مؤسسات التعليم الشرعي والشخصيات الخيرية لتفريغ طلاب العلم النابغين وتنشئتهم التنشئة الشرعية المتوازنة والمتكاملة.

(9) العمل على تأسيس رؤية عامة ورسالة محددة للتعليم الشرعي وأهدافه؛ كي يتم من خلال ذلك رسم المناهج والخطط والأدوات التي تحقق المطلوب من التعليم الشرعي. وتحديد مؤشرات نجاح يمكن من خلالها قياس أداء مؤسسات التعليم الشرعي.

(10) القيام بتدريس (المناهج الدعوية) بوصفها مادة مستقلة عن باقي المواد الشرعية، وذلك في جميع مستويات التعليم الشرعي، وفي كل مستوى بما يتناسب مع إمكانات الدارسين ومستوياتهم، والتركيز على مناهج الإصلاح والتغيير في العمل الدعوي وقواعده وضوابطه.

(11) العمل على تعميق التخصص الفقهي في الدراسات الشرعية، والعناية بتدريس القواعد الفقهية والأصولية، وعلم المقاصد الشرعية... على وجه يجعل الخريج قادراً على فهم النصوص الشرعية، وإصدار الأحكام الفقهية، مع مراعاة مقاصدها، ومدى تحقّق تلك المقاصد في الواقع.

(12) حث المؤسسات الأكاديمية القائمة على التعاون مع معاهد التعليم الشرعي في إدارة الدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومساندتها في اعتماد شهاداتها والاعتراف بها.

(13) تطوير معهد الدراسات بما يتناسب مع تطلعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إيجاد مخرجات متميزة من طلبة العلم في التخصصات التالية: (العمل الخيري والتطوعي، الدعوة والإعلام، الاقتصاد الإسلامي).

 

تكريم جمعية إحياء التراث الإسلامي

     كما حرصت إدارة الدراسات الإسلامية على استثمار فرصة انعقاد المؤتمر لتكريم أبرز الجهات الداعمة لمسيرة دور القرآن الكريم الممتدة على مدى أربعة عقود، وكان من أبرز الجهات التي تم تكريمها جمعية إحياء التراث الإسلامي.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك