استشاري التغذية العلاجية.. د.خالد المدني: عاداتنا الغذائية غير صحيحة في رمضان سبب مشكلاتنا الصحية والاقتصادية
هناك سلوك غريب من الصائمين في شهر رمضان، فهذا الشهر هو شهر عبادة وتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ وليس بشهر الموائد والإسراف في تناول الطعام، وفي الحقيقة أن السلوك الغذائي الذي يتبعه بعض الصائمين في شهر رمضان سلوك غير صحيح من النواحي الدينية والصحية والاقتصادية.
وحول السلوكيات الغذائية غير الصحيحة في رمضان يحدثنا الدكتور خالد علي المدني استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية سابقا، فإلى تفاصيل الحوار:
- ما أساسيات الغذاء الصحي المتوازن؟
- للغذاء الصحي المتوازن ثلاثة أساسيات وهي:
1- النوعية
2- الكمية
3- السلامة
الغذاء المناسب
- ماذا تقصد بالنوعية والكمية والسلامة؟
- أقصد بالنوعية: أن يشتمل الغذاء على البروتينات والكربوهيدرات والدهنيات والفيتامينات والعناصر المعدنية والماء، وهذا يتحقق بتنويع مصادر الغذاء مع زيادة استهلاك الخضراوات والفاكهة.
وأقصد بالكمية: أن يكون كافياً دون إفراط، أي أن يكون بالكمية اللازمة لاحتياج الفرد وما يبذله من طاقة، حيث تنتج منشكلات طبية عديدة من سوء التغذية، بسبب نقص كمية الغذاء أو أحد عناصره المهمة، والتي تظهر بصورة واضحة في فئات خاصة خلال مراحل العمر المختلفة كالرضع والأطفال والحوامل والمرضعات والمسنين.
ومن ناحية أخرى فإن الإفراط في استهلاك الطعام قد يسبب السمنة والبدانة وما يصاحبهما من مشاكل طبية ونفسية واجتماعية، وأقصد بالسلامة: أن يكون نظيفاً، فالنظافة واجبة في كل شيء في حياة الإنسان، وهي أوجب ما تكون في الغذاء حيث إن كثيراً من الأمراض تنتقل عن طريق الطعام الملوث.
بلا إسراف
- ماذا تقصـد بالسلوك الغـذائي غير الصحيح خلال شـهر رمضان من الناحية الدينية؟
- من الناحية الدينية يقول الله عزَّ وجلَّ في كتابه العزيز: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه»، ومع ذلك فإن الكثير من الناس يسرفون في تناول الطعام ويملأون بطونهم حتى التخمة.
من منظور الطب
- وكيف يكون هذا السلوك من الناحية الصحية؟
- من الناحية الصحية بيّنت الدراسات العلمية أن الأفراد الذين يتناولون طعامهم في شهر رمضان باعتدال وحسن اختيار تنخفض عندهم نسبة الكوليسترول والدهون والسكر في الدم.
فضلاً عن إلى إراحة الجهاز الهضمي وتحسن في العديد من الجوانب الصحية، ولكن للأسف ما يحدث هو العكس فنجد أن ملء البطون والإسراف في تناول ما لذ وطاب من كل أنواع الحلويات والأكلات الدسمة في هذا الشهر قد أدى إلى حدوث العديد من الاضطرابات الهضمية بين الناس.
استهلاك أكبر
- كيف من الناحية الاقتصادية؟
- من الناحية الاقتصادية نجد أن أغلب الأسر تستعد لشهر رمضان بشراء المزيد من الأغذية، فتحمّل نفسها عبئاً مادياً كبيراً لتوفير هذه الاحتياجات الغذائية، وحتى التجار قد وقعوا في نفس الخطأ فهم يقومون بتوفير كميات كبيرة مضاعفة (عن الأيام العادية) من اللحوم والأغذية الأخرى، وكأن الفرد يحتاج غذاء أكثر في شهر رمضان على حين أن معظم الأفراد يحتاجون إلى كمية أقل من الأطعمة وخاصة من المواد النشوية والدهنية (المولدة للطاقة)، وذلك راجع إلى أن حركتهم وجهدهم المبذول في شهر رمضان أقل، وقد أجرينا دراسة علمية في شهر رمضان وتبيّن من نتائج الدراسة أن هناك زيادة في وزن الأفراد خلال شهر رمضان.
وزن زائد
- وبماذا تفسر السبب في زيادة الوزن؟
- قد يرجع ذلك إلى الأسباب الآتية:
1- قلة الحركة خلال النهار تؤدي إلى قلة احتياج السعرات الحرارية.
2- وجود أطعمة مميزة لهذا الشهر الكريم مثل الكنافة والقطايف والسمبوسك وهي تحتوي على كثافة عالية من السعرات الحرارية.
3- كثرة الدعوات إلى الولائم، فالصائم إما أن يكون داعياً أو مدعواً، ومن هذا المنطلق يصعب تقديم أطعمة خفيفة للضيوف و عادة ما تكون صحية.
4- الإفراط في تناول المواد والمعجنات والحلويات والمقليات مما يحد من الإقبال على الخضراوات والفاكهة الطازجة.
غذاء متوازن
- كيف نوازن طعامنا في رمضان؟
- يجب أن تكون هناك ثلاث وجبات رئيسة في رمضان تعادل الوجبات الثلاث قبل هذا الشهر، أي يجب أن يعادل السحور الفطور ويعادل الإفطار وجبة الغداء وأن تكون هناك وجبة بسيطة بينهما تعادل العشاء، ومن المهم أن تكون هناك فترة زمنية مناسبة بين هذه الوجبات، فعند الإفطار يكون الجسم في حاجة إلى تعويض السوائل وإلى مصدر سريع للطاقة وأفضلها التمر واللبن أو عصير الفاكهة الطازج، ثم بعد صلاة المغرب ينبغي إعطاء المعدة الوقت الكافي لتنشيط العصارات المعدية والمعوية، ويمكن تناول وجبة متوازنة من سلطة الخضراوات الطازجة والشوربة والخضراوات المطهية مع بعض الأرز ومصدر بروتيني حيواني (لحم أو دجاج) بما يوازي ربع دجاجة أو مائة جرام لحم مطهي.
وفي الأيام التالية يمكن تنويع الشوربة والعصائر.
ويجب عدم طهي كثير من الأطعمة كما هو دارج فهو إسراف من الناحية المادية والصحية والدينية، وبعد صلاة التراويح أي حوالي الساعة العاشرة مساءً يمكن تناول وجبة خفيفة مثل المهلبية بالحليب مع الفواكه الطازجة أو شرب كوب من اللبن مع التمر أو العصائر الطازجة أو تناول بعض الحلويات الشعبية، ولكن بدون الإكثار من تناول هذه الحلويات، وتعتبر الفواكه الطازجة أنسب الأطعمة التي ينصح بتناولها في هذه الفترة.
أما في السحور فيفضل تناول اللبن الزبادي والبيض أو الفول المدمس مع الخبز الأسمر مع بعض أنواع الفواكه.
إعادة تنظيم
- كيف تهيئ المعدة لأيام عيد الفطر؟
- للأسف الشديد هناك إسراف في تناول الطعام في العيد كما في رمضان، فما أن يطل علينا العيد حتى نجد أن الناس يسارعون إلى تناول الطعام بأنواعه وفي كل وقت، وهذا تصرف خاطئ؛ فالمعدة تعودت على نظام معين لمدة ثلاثين يوماً في رمضان، ولكي تستعد المعدة لأيام الفطر يجب أن نهيئها تدريجياً.
وعطلة العيد كافية لتهيئة المعدة لذلك، ولكي نهيئ المعدة لأيام الفطر يجب أن يكون الفطور في أول أيام العيد مبكراً قدر الإمكان أي إن الفترة بينه وبين السحور (سابقاً) تكون قليلة، ويفضل تناول القليل من الحلوى والقهوة والمكسرات التي تقدم للضيوف أثناء المعايدة، وبعد ذلك أفضل الأغذية التي يمكن أن تتناولها في الصباح هي الفاكهة وعصائرها وينصح بالإقلال من المكسرات والحلويات الدسمه كالبقلاوة وغيرها.
ويمكن تناول غداء العيد الساعة الثانية ظهراً وليس تناوله مبكراً كما هو شائع> حيث إن هذه الوجبة يجب أن تعادل وجبة الإفطار (في أيام رمضان) وكلما كان الغداء خفيفاً سهل الهضم كان ذلك أفضل للمعدة؛ لذا فإنه يجب التقليل من المكسرات في غداء العيد.
أما العشاء فيمكن تناوله في ساعة متأخرة (الثامنة أو التاسعة مساءً)، وفي اليوم التالي نبدأ بتأخير الفطور وتقديم العشاء حتى نصل في اليوم الثالث إلى المواعيد السابقة (قبل رمضان) للوجبات اليومية، وبهذه الطريقة نتجنب عسر الهضم الذي يحدث أثناء العيد نتيجة الإكثار من تناول الأغذية بأنواعها وبدون مواعيد محددة، كما يمكن أن يساعد في تنظيم تناول الطعام، الصوم في الأيام الستة خلال شهر شوال كما أوصانا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كمرحلة انتقالية تدريجية من الصوم إلى الإفطار خلال هذا شهر شوال.
لاتوجد تعليقات