رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 7 أغسطس، 2018 0 تعليق

استراحة من لعبة إلكترونية

 

- تعيش المجتمعات الإسلامية حاليًا مرحلة من الانفتاح غير المنظّم على كل الواردات التقنية والثقافية، ومن هذه التقنيات الألعاب الإلكترونية التي انتشرت بين أوساط الصغار والكبار انتشار النار في الهشيم.

- ولا أحد يختلف حول مدى خطورة هذا الانتشار وحجمه في العالم؛ فالألعاب الإلكترونية أصبحت تجارة رائجة، يتهافت عليها المستثمرون في جميع أنحاء العالم؛ ذلك أن حجم الإيرادات العالمية لصناعة الألعاب الإلكترونية خلال عام واحد فقط فاق الـ 100 مليار دولار، وهذا التطور الهائل تزامن مع الاستخدام المتزايد للإنترنت للهواتف الذكية، ولاسيما العشر سنوات الماضية.

- وقد ظهرت قدرة هذه الألعاب على الاستحواذ على اهتمام الناس والشباب والأطفال خاصة، ولاسيما بعد النقلة من كونها ألعاب يمارسها لاعب واحد مع جهاز، إلى ألعاب جماعية تجمع لاعبين من أكثر من دولة، دون اعتراف بأي حواجز جغرافية، مع إمكانية تنقل اللعبة مع المستخدم، ليستعملها أينما كان، وأينما وجد، حتى أصبح عدد المتابعين لهذه الألعاب بالملايين.

- ويصيب الناس نوع من الهلع عند إدراكهم حجم تأثير تلك الألعاب على الأطفال؛ فحالات الانتحار التي حصلت مؤخرًا، هزت المجتمعات العربية بأسرها فضلا عن التأثير السلبي لهذه الألعاب، مثل الإدمان عليها وصعوبة تركها، وما يتبع ذلك من أضرار نفسية وصحية على الأطفال، بالعيون المتعبة، والرقاب المنحنية، والأدمغة المنهكة، والمفاصل المتصلبة، والسمنة المفرطة، كلها مؤشرات على تراجع الصحة العامة، ونذير بتدهور في جسم الإنسان المدمن لهذه الألعاب، كما أن تراجع التركيز بسبب قلة النوم، وسوء التغذية، مع تنامي العصبية والعدوانية؛ لما تحتويه هذه الألعاب من أمور خطيرة، كالجريمة، والسَّرقة، وغيرها من الأمور المحرَّمة شرعاً وعُرفاً؛ مما يؤثر مباشرة على شخصيَّة الطِفل المستقبلية.

- ولا شك أن استخدام الأطفال لهذه الألعاب لأكثر من ساعة يوميًا، كما يخبر المختصون، يسبب أضرارًا جسدية، وعقلية جسيمة، ونفسية وتؤثر مباشرة على نشاط الدماغ؛ فتجعله خاملاً مرهقا مشتتا.

- وتظهر الدراسات أن مثل هذه الألعاب تجعل الطفل يعيش في جو اللاواقعية؛ ما يؤثر على فهمه للحياة، والنمو نموًّا صحيحا؛ فهو يبني علاقات مع شخصيات وأحداث وهمية، وقدرات خيالية غير واقعية، وتفاعلا مع حوادث خطيرة.

- وفي الحقيقة إن دراسة تأثير الألعاب الإلكترونية ليس بالأمر السهل، لدخول عوامل عديدة، تسهم في تحديد طبيعة تأثيرها على الناس، منها عوامل التربية والتعليم، والظروف الثقافية، والأوضاع الاقتصادية والسياسية، التي تسود كل مجتمع.

- ولكن القدر المتيقّن هو أن الألعاب الإلكترونية ليست تسلية بريئة، بل هي وسيلة إعلامية تتضمن رسائل تستهدف المستقبل لتحقيق أهداف، وغايات ثقافية ودينية؛ فقواعد اللعبة تفرض على اللاعب تقمص الشخصية المفروضة عليه، وانغماسه في واقع معين من الحرب الفكرية، أو الثقافية، أو الأيدلوجية، كما تكمن الخطورة أيضا في إمكانية تقريب اللاعب من الخيال والواقع، إلى درجة أنه يحاول تطبيق مضامين هذه الألعاب في حياته اليومية؛ مما يعني تنميط السلوك على النحو الذي يرغب فيه صانعو هذه الألعاب.

- هذا التأثير السلبي الذي تحمله الألعاب الإلكترونية، دفع عددًا من الدول إلى منع تداول بعضها داخل أراضيها؛ لتعارض مضامينها مع النظم السياسية، أو الدينية، أو الثقافية الخاصة بتلك الدول.

- كما أن إيجاد بدائل أخرى في عالمنا الإسلامي لمثل هذه الألعاب، وتشجيع الأنشطة الخاصة بالشباب والأطفال، وتبني الدولة برامج هادفة هو المخرج الأمثل لهجمة الألعاب الإلكترونية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X