رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون 28 يناير، 2021 0 تعليق

اذهبا.. منهج الحكمة والموعظة الحسنة

 

 

     تمر علينا قصص الأنبياء كثيرًا في قراءتنا للقرآن، وغالبا ما نقرؤها على سبيل الحكايات، تخبرنا عن معاناتهم في نشر الدعوة وكفى، ونتغافل عن أخذ العبرة منها، والتوجيه في حياتنا لمواجهة الأزمات والتعامل مع المستجدات، وأنا متيقن مع قلة تفكري بذلك أن كل ما في القرآن، يرسم لنا منهجًا، ويعطينا درسًا، ويفتح لنا آفاقا.

     وفي رمضان الماضي تمعنت في قوله -تعالى-: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى}، أعتى طاغية أمرهم الله بالذهاب إليه، لاحظوا الذهاب، وهما أزكى الناس وأشرفهما، وهذا الوليد بن المغيرة مثّل قومه قريشا في مخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذهب إليه ليحاوره ويعرض عليه التنازل عن الدعوة مقابل عطايا كثيرة، ونرى الآن التناوش والتراشق على صفحات التواصل الاجتماعي بين كبار القوم، من علماء، ومثقفين، وباحثين ومقدمي برامج ولم يذهب بعضهم إلى بعضهم الآخر، برغم وجودهم في البلد نفسه، إن لم يكن في المدينة نفسها للسلام والنقاش وإبداء وجهات النظر بهدوء، إن الشيطان ينزغ بين الناس؛ فلنقطع عليه الطريق بمنح (الخصم) التقدير وإيصال الرأي مباشرة له، والاستماع له دون ترك أي فرصة، لشحن الصدور أو سوء ظن؛ بسبب سوء تعبير، وليس بالضرورة أن ينتج عن ذلك تغيير في الآراء، ولكن لتكن بصورة صحيحة وواضحة؛ فنحن أقل مكانة وعزة من موسى وهارون -عليهما السلام-، ومن خالفنا الرأي؛ فهو من جلدتنا وديننا، حتى ولو كان من دين أو مذهب آخر؛ فهو أيسر في الحوار عندنا من فرعون.

     والاختلافات في كبير الأمور وصغيرها لا تزال قائمة بين الناس؛ فطبيعة الإنسان والتجارب والمعرفة والبيئة وغيرها من العناصر، تترك حيزًا بينا للتفاوت في النظر إلى الأمور، ولو وضعنا في خواطرنا كل اختلاف لما تصافا اثنان، واللسان سهل الانطلاقة كثير الحركة، يصول ويجول في كل موضوع، وكثيرا ما يتلفظ بكلام لا ينبع عن وعي وترو، وهذا ينتج كلاما غير متزن؛ فتخرج كلمات غير مقصودة على حقيقتها، أو تكون زلة لسان لا يعنيها قائلها، ولا يسلم أحد من هذا الأمر؛ فإذا أساء أخوك فاحمد الله أنك لم تكن أنت المسيء، وارحمه مما فعله، واجعل هذا درسا لك فلا تقع في مثل ما وقع فيه، وليكسب هو من تصرفك الحسن موعظة، يستفيد منها تجربة تمنعه من معاودة الإساءة، أو معرفة تهديه إلى السلوك الأمثل حين يساء إليه؛ فينتشر الدرس الحسن -بإذن الله- وإن كان بطيئا؛ فالمهم أن يكون مؤثرا.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك