رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أحمد الجسار 11 فبراير، 2020 0 تعليق

احفظ حسناتك

 

 

من منا لا يخطئ؟ كلنا ذوو خطأ، ونرجو الله أن يتجاوز عنا إن نسينا أو أخطأنا، وقد وعد اللهُ عباده الموحدين بمغفرة منه، انظر إلى عظيم كرم الله ورحمته بعباده، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الفرقان: 68-70).

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه -جل جلاله-: «قال الله -تبارك وتعالى-: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقـُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقـُرابها مغفرة». (رواه الترمذي)؛ فما أعظمَ عفوَ اللهِ ورحمتَه!

كرم الله -تعالى

     ومن كرم الله -تعالى- أن حسناتِ الأعمال الصالحة تذهب السيئات، كما قال -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود 114)، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الكبائرَ». (رواه مسلم).

      وفي الوضوء قال صلى الله عليه وسلم : «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره». (رواه مسلم)، وفي حمد الله بعد الطعام قال: «من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه». (رواه الترمذي).

مما يُكثِّر الحسنات

      ومما يكثر الحسنات ويذهب السيئات: الاستغفارُ للمؤمنين والمؤمنات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة». (رواه الطبراني، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6026).

 أعظم ما يذهب الحسنات

     وأعظم ما يذهب الحسنات هو الشرك بالله العظيم، والشرك هو صرف العبادة لغير الله؛ فكلُّ ما كان عبادةً لا يجوز صرفُه لغير الله؛ فالصلاة لا تكون إلا لله، والحلف لا يجوز بغير الله، ولا يُذبحُ إلا لله، والدعاءُ لا يكون إلا لله، وهكذا؛ فاحرص على توحيدك، وحافظ على حسناتك، واجتنب الشرك، ولا تصرفْ عبادة لغير الله، -جل في علاه.

الشرك لا يُقبل معه عملٌ

     لقد أوحى الله بذلك إلى خاتَمِ رسله صلى الله عليه وسلم ، كما أوحى إلى مَنْ قَبْلَهُ، أن الشرك لا يُقبل معه عملٌ صالح، فقال -تعالى-: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} (الزمر 64-65).

شؤمُ الشركِ

     فذلك شؤمُ الشركِ بالله العظيم، أنه يحبط العمل، ويذهب الحسنات؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم الرحيمُ بأمته، شديدَ الحرص على سد كل أبواب الشرك؛ فقد نهى أن تتخذ القبورُ مساجد، ونهى عن السجود لغير الله، ونهى عن الحلف بغير الله، وعن غيرها من أعمال الشركِ ومظاهره ووسائله.

ظلم الآخر

      ظلم الآخر كذلك يذهب الحسناتِ والعياذ بالله، ظلمه بأكل مال، أو قذف، أو غيبة، أو غير ذلك من أنواع الظلم والاعتداء، فقد يفلس الإنسان من حسناته بسبب ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته؛ فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهُم فطرحت عليه ثم طرح في النار»(رواه مسلم»، وقال صلى الله عليه وسلم : «لَتُؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء»(رواه مسلم).

أعظم محبطات العمل

      فاحذر ظلمَ نفسك وظلمَ الناس وبخسَ الحقوق، واحذر آفات اللسان؛ فإن من أعظم محبطات العمل كلماتٍ ينطق بها اللسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»(رواه الترمذي»؛ فادع الله أن يحفظ أعمالَك الصالحة لك، واستعذ به من النكوص والتراجع عن ذلك؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من ذلك؛ فيقول: «وأعوذ بك من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ»(رواه الترمذي).

لا غنى عن رحمة الله

    ولنتذكر دائما أنه لا غنى عن رحمة الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لن يُدخل أحدًا منكم عملُه الجنة»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا! إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة». (متفق عليه) فاعمل، واحفظ حسناتك، وارجُ رحمةَ أرحمِ الراحمين.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك