رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: رائد الحزيمي 30 أبريل، 2018 0 تعليق

«احفظ الله يحفظك» فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا


قال الله -تعالى-: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم:30)، وروى مسلم في صحيحه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ(سورة الروم :30)».

     هذه فطرة الله، كل مولود خلقه الله -عز وجل- إذا خرج إلى الدنيا يخرج على الفطرة، وهي: الإسلام، الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، فطرته: الإسلام، غرس الله في قلبه الإسلام والتوحيد والتصديق، ولكن الأبوين هما من يغيران في هذا المولود؛ فأبواه يهودانه يجعلونه يهوديًا، وينصرانه يجعلونه نصرانيًا، ويُمجسانه يجعلونه مجوسيًا، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: «كما تُنتج البهيمة بهيمةً جمعاء». ألا ترون عندما تلد البهيمة جنينها، يكون الجنين كاملًا؟ هل تحسون فيها من جدعاء؟ هل فيها من نقص؟ كذلك الإنسان إذا وُلد وُلد على الفطرة السليمة، المشكلة في الأبوين هما من يغيران ويفتحان المجال للأبناء فيتغيرون.

خلقهم الله حنفاء

     وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم: قال الله: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا}، خلقهم الله -سبحانه وتعالى- حنفاء، وهو: الإسلام؛ لأن في الحديث الأول نبينا -عليه الصلاة والسلام- لم يقل: (فيسلمانه)، دل على أن الإسلام هو: الفطرة. قال: يهودانه وينصرانه ويمجسانه، ولم يقل: ويسلمانه.

     إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ، يترك الوالدان الأبناء للشياطين، يتركون أبناءهم فيغيرون ما بهم من الفطرة السليمة، نفتح الأبواب للشياطين من غير حسيبٍ ولا رقيب، فنسمح لهم بامتلاك هذه الأجهزة الإلكترونية التي يقولون عنها أجهزة زكية ليدخلوا دون رقيب ولا حسيب إلى المواقع المشبوهة، بحجة ألا ينظر الابن إلى ما عند غيره إلى آخر هذه الأعذار الواهية.

إن مسؤوليتك أيها الأب، ومسؤوليتكِ أيتها الأم، تربية الأبناء، هي: المسؤولية الأساسية للآباء: وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما عوده أبوه، كيف عودته؟ واعلم وأنت تعلم وسمعت أكثر من مرة: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

ظاهرة الإلحاد

     وتزداد المسؤولية، ويزاد الأمر خطورة ونحن اليوم نعيش في ظواهر شاذة عن مجتمعنا، بدأت تظهر وتستشري في المجتمع: ومنها (ظاهرة الإلحاد)، أجهزة الدولة اليوم مستنفرة، تريد أن تحارب هذه الظاهرة، الجديدة والدخيلة على المجتمع الإسلامي، المجتمع الموحد، استمع أبناؤنا لتلك الظواهر وتلك الشبه عبر هذه الوسائل، التي يدعو إليها بعض المضلين، مثل ما سمعناه ورأيناه مؤخرًا من الدعوة إلى إلقاء الحجاب والتخلي عنه.

احفظ الله يحفظك

     الله -عز وجل- يبين لنا قصة لقمان الحكيم: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (لقمان:12). الله -سبحانه وتعالى- آتى لقمان الحكمة، وفي هذه السورة وهذه الآية حدد الله -عز وجل- على لسان لقمان الأولويات: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} (لقمان:13). هل مسكنا أبناءنا وعلمناهم ألا يشركوا بالله؟ يَا غُلَامْ، احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ. هكذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس وهو غلام صغير فتىً يافع صغير: «يَا غُلَامْ، احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ». وقال لابن مسعود: «أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟» فيعلمه التوحيد. {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.

لا تكن غاشًا لرعيتك

     أيها الإخوة، لننتبه لأبنائنا؛ فالخطر شديد؛ فنحن نرى ونسمع يوميا من يتساقط ومن ينجرف مع هذه الظواهر وهذه التيارات، إن كان ذهب مع الملحدين أو مع الدواعش وتكفير المسلمين وقتل الأبرياء، وما يفعل وما تفعل تلك المرأة وتلك البنت، نُغذيهم ونعزز فيهم خلاف ما أراد الله ورسوله -صلوات ربي وسلامه عليه-، لن تنفك عن المسؤولية ستسأل يوم القيامة، أضيعت أمانتك أم حفظتها؟ أضيعها أم حفظها؟ فاحرص ألا تكون غاشًا لرعيتك، لا تكن غاشا لأبنائك وأهل بيتك، أبرئ الذمة لله -عز وجل- ودلهم على الطريق الصحيح، وإلا يا رعاكم الله، هذه الأمثلة العالية من القراء والصالحين وفي عصرنا اليوم نجد شباب قد برعوا في القراءاة، برعوا في أداء القرآن، برعوا في الدعوة لله -عز وجل- كيف نشؤوا، أليس لهم آباء؟ أليس لهم أمهات؟ يدفعونهم لمثل هذه الأعمال أم تركوهم عرضة لأهل الفساد والشر والضياع والعياذ بالله؟.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك